التقى الرئيس المستشار عدلى منصور وفدًا من الفلاحين فى قصر الرئاسة. لقاء هام فى معناه وفى توقيته، مع إعلان مشروع الدستور الذى ألغى نسبة العمال والفلاحين فى البرلمان، ولكنه ترك للسلطة التشريعية (التى يمثلها الآن رئيس الجمهورية) أن تضمن فى القانون الانتخابى الجديد تمثيلًا مشرفا للعمال والفلاحين والمرأة والأقباط والشباب فى مجلس النواب القادم على سبيل الاستثناء.
لقاء الرئيس بممثلى الفلاحين كان يعطى رسالة تطمئنهم على المستقبل، وتقول لهم إن سنوات الإهمال التى قصمت ظهور الفقراء ومحدودى الدخل على مدى أربعين عاما قد انتهت. وقد صدرت فى الاجتماع قرارات وتكليفات للتعامل مع المشكلات الحياتية والعاجلة التى تواجه الفلاحين.. من الديون إلى أسعار مستلزمات الإنتاج، إلى تدهور أوضاع الريف. لكن الأهم كانت الموافقة على إنشاء كيان نقابى يدافع عن حقوق الفلاحين ويحمى مصالحهم، وهو مطلب قديم أصبح الآن أكثر إلحاحا فى ظل التطورات الاقتصادية والسياسية، ومع اقتصاد السوق وآثار سنوات غياب الدولة وتخليها عن الفقراء ومحدودى الدخل.
ويبقى لقاء آخر لا بد منه بين الرئيس وقيادات العمال لإعطاء رسالة مماثلة، ولبحث مشكلات نعلم جميعا مدى تعقيدها، ولمنع استغلال أعداء الوطن للظروف الاستثنائية التى نمر بها لخلق الأزمات وتعطيل الإنتاج وزرع الفرقة فى صفوف قوى الثورة.
أعتقد أن الرئيس منصور قادر بحكمته وهدوئه على طمأنة العمال على أنهم سيكونون فى قلب المشهد السياسى، وأن تمثيلهم فى البرلمان سيكون مشرفا وسيعكس الروح التى ظهرت فى توجهات الدولة نحو المزيد من العدالة الاجتماعية، ونحو حشد كل الإمكانيات لحرب البطالة ولتحسين مستوى معيشة العمال ومحدودى الدخل رغم كل الصعوبات التى نمر بها.
لقاء ثالث مطلوب وبسرعة مع ممثلى الشباب لنزع فتيل الأزمة فى الجامعات، والتى يحاول تحالف الإرهاب بقيادة الإخوان استغلالها لإشعال الموقف فى إطار التآمر لقرب الاستقرار وتعطيل الاستفتاء على الدستور وشق صفوف قوى الثورة الحقيقية.
يفعل الإخوان وحلفاؤهم من الإرهابيين ذلك، بينما الأحزاب السياسية المدنية ما زالت غائبة عن المشهد، والدولة تتخبط فى قراراتها وأخطاء المسؤولين يدفع ثمنها الوطن. ورغم غياب أى جهد جادّ للحوار مع شبابنا فى الجامعات وخارجها، فإن الواقع يقول إن الغالبية العظمى منهم ترفض الانسياق لمؤامرات الإخوان، وقد ظهر ذلك واضحا حين لم يستجب الطلاب لمحاولة الإخوان جرهم لمشاركتهم فى العملية الفاشلة لاقتحام ميدان التحرير قبل أيام، وسوف يزداد هذا الموقف وضوحا إذا بدأنا الحوار الجاد مع الكتلة الكبيرة من شباب الجامعات الرافضة لإرهاب الإخوان والتى كانت- ولا بد أن تظل- فى قلب الثورة.
أعرف أن المهام ثقيلة على الرئيس منصور فى هذه الفترة. فعليه أن يحسم أمر النظام الانتخابى، وأن يحدد مواعيد وترتيب الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وأن يصل إلى الطريقة المناسبة لضمان التمثيل المشرف فى البرلمان القادم للعمال والفلاحين والأقباط والمرأة والمصريين بالخارج.
ومع ذلك فإن مثل هذه اللقاءات التى أشرنا إليها لن تكون بعيدة عن هذه المهام المطلوبة، بل لعلها ستقدم للرئيس أكبر المساعدة فى اتخاذ القرارات المطلوبة بناء على معرفة مباشرة بالمشكلات ودراسة حية لمقترحات حلها من الواقع نفسه.
ويبقى الأهم.. وهو أن مثل هذه اللقاءات ستعطى رسائل طمأنة يحتاج إليها المجتمع بشدة فى وقت يستلزم من الجميع رص الصفوف لاستكمال خطوات الثورة بدءًا من إقرار الدستور. وأيضا ستعطى هذه اللقاءات رسائل أخرى للحكومة وأجهزة الدولة لتتحرك فى الطريق الصحيح، وللأحزاب والقوى السياسية لتنزل إلى الشارع وتملأ الفراغ السياسى وتواجه الإخوان وأعداء الثورة.
نريد أن يكون يوم الاستفتاء على الدستور هو اليوم المكمل ليوم 30 يونيو بكل ما تعنيه الكلمة، وسيحدث ذلك بكل تأكيد.. فقط علينا أن نزيل الحواجز من الطريق.