طريق المحبة المسيحيَّة صعب، ومكلف، ومسالكه وعره، وكثير المزالق ورغم ذلك نتبع هذا الحب الحقيقي؛ لأنه يحتاج خروج من ذواتنا، وتفكير في الخير العام أكثر من الخير الشخصي، فهذا نضال المسيحيين غير المفهوم من العامة.
فمهما رأوا من ظلم يكون الحب هو تاجهم، ينميهم، ويقلمهم، فيصبحوا ملوك ليسوا من هذا العالم بل يزدهروا بحمل الصليب فأنهم صدقوا الحب فاطمئنوا إليه، فلفهم بجناحيه فأطاعوه مهما كلفهم الأمر حياتهم. فالمحبة ليست بالكلام ولا بالسان بل بالعمل والحق. فما معني المحبة لو كان لدي كل العلم، أتكلم بلغات الناس والملائكة ولم تكن فيَّ المحبة أشبه أناء فارغ يُسمع صوته عالي يرن بلا فائدة. ولو كان لدي مواهب وإمكانيات واعرف كل أسرار الكون، ولكن ليس لدي المحبة في قلبي فأنا ليس بشيء. ولو فرقت أموالي، وسلمتُ جسدي أو بالأحرى فجرت جسدي ليحرق حتى افتخر ولكن لا محبة عندي أكره الآخرين وأضرهم بل اقتلهم بدون ذنب، فلا تنفع هذه التقدمة الباطلة التي تخدع الشخص فهي لا تنبع من المحبة الحقيقية.
لنتأمل صفات المحبة الحقيقية التي يطالبنا بها الرسول بولس في رسالته لكنيسة كورنثوس؛ المحبة تصبر وترفق وهذا ما نعيشه الآن في مجتمعنا المصري ولكن حتى متي؟ المحبة لا تعرف الحسد ولا التفاخر ولا الكبرياء؛ بل التواضع ولا تسئ التصرف بالكلام أو بالفعل. المحبة لا تطلب منفعتها ولا تحتد ولا تظن السوء بأحد. المحبة لا تفرح بالظلم بل تفرح بالحق، كم من الوقت حتى يظهر الحق، وكل شخص يأخذ حقه حتى يفرح الناس فرح حقيقي من قلوبهم نحن في انتظار هذا الحق حتى ولو طال الزمن عندنا رجاء. المحبة تصفح عن كل شئ هذا ما يصعب على البشر، وأيضا لا يصدقوه، لكن شخص يسوع المسيح عاشه معنا نحن البشر وصفح عن كل خطايانا، وأيضًا عندما جاء لأرضنا فصفح لمن صلبوه وقال “اغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يعرفون ما يفعلون” هل هذا هو موقفنا مع من يسئ إلينا، اقدر انه صعب ولكن لا بد أن نجتهد مع نفوسنا الضعيفة حتى يكون هذا هو موقفنا حتى يتعلم العالم معني الحياة الحقيقية بالحب الذي يعطي طعم للحياة فنكون ملح صالح كما يطلب منا الرب يسوع.
المحبة أبدية لا تزول أبدا، وفي الأبدية سؤال الإنسان الكبير: كيف عشت؟ بل سيكون كيف أحببت؟ سنحاسب على طريقتنا في محبة أخينا الإنسان وسعينا في الحب. سنسأل على الخير الذي لم نفعله. لأن إبقاء الحب متقداً في النفس هو الذهاب للقاء روح الله. فلماذا نبحث عن مجد العالم العابر، وليس هو ما يمنح مداه لحياتنا ولكن اختياراتنا التي نقوم بها بدافع شخصي في البحث عن معني الحياة. نواجه التحديات في معرفتنا الناقصة، وتفكيرنا غير السليم أحيانا، والتميز الصعب بين الحبة الصالحة والفاسدة، والتجربة بأننا نقع في اليأس بسبب وجود كثير من الشعوذة، فعلينا أن نتسأل من جديد: علام نحن قادرون؟ فلا يمكن أن نجتاز الحياة ولم نعيشها. فهل ما أقوم به له معنى؟ فالحرية المكتسبة بقسوة كبيرة، ما هي إلا منفي مقنع. نعم كل ما نراه اليوم هو صوره باهته في مِرآةٍ، وأما في الحياة الأبدية نري الله وجها لوجه، اليوم نعرف بعض المعرفة أما في ذلك اليوم معرفتي كاملة كمعرفة الله لي. لأنه سوف يسقط القناع، ويرتعدون من عاشوا بطريقة غير مسئولة، ومارسوا طقوس فارغة دفعوا فيها ثمنا غاليا هو حياتهم التي أصبحت بلا معني ولم يجدوا سر الحياة في الإيمان بالله، والرجاء فيه، والمحبة له. فإذا أحببت فلا تقل “إن الله في قلبي” بل قل ” أنني في قلب الله” ” فالله وحده يكفي فلا يقلقكم شئ، ولا يفزعكم شئ، فالله يدبر كل شئ لخير الذين يحبونه”
صلاة
يارب ساعدنا أن نتذوق حبك الذي يلمس القلب، ويغير الفكر، ويقلب الاتجاه، فنصبح كالجدول الجاري بسر الحياة التي هي محبتك ومحبة أخوتنا البشر. أعطنا يارب أن نعلن عن حبك بالشهادة الحسنة كالنهر الذي يجري صامتًا، ولا يخشى الظلام، فالسماء مليئة بالنجوم، واجعلنا نستيقظ في الفجر بقلوب محبة شاكرين على نهار جديد من الحب. ونصلى من أجل كل شخص لم يختبر حبك يا الله، لترسل نورك ينور العقول، والقلوب. فنرنم نشيد الحمد والثناء في بيوتنا وكنائسنا لأن الله يعمل فينا، وبنا، ومعنا معجزات. فلنعش بحب الله ونتمتع به في حياتنا، فلنحب ونفعل كل ما يشاء الحب بخير للجميع. آمين