القديسين الرسولين بطرس وبولس اختارهما الرب يسوع اختياراً شخصياً واضحاً كما نقرأ في الكتاب المقدس
فقد دعا بطرس ” الصياد ” ليتبعه منذ اللقاء الأول به .
كما اختار بولس ” المضطهد ” عندما أسقطه أرضاً على طريق دمشق ، وهو ذاهب ليضطهد المسيحيين هناك ، فدعاه وغيَر حياته ليتحول من مضطهد لكنيسة المسيح إلى حامل لوائها في الأرض كلَها وللناس أجمعين .
كان اختيار الرب لهما بنعمة عظيمة ولأمر عظيم ، فالكنيسة المنطلقة ، والتي هي في اورشليم ، وضمن الحياة والعادات اليهودية ، لم يكن سهلاً عليها أن تخرج من إطار الحياة اليهودية وتنطلق إلى الوثنيين .
فكان لبطرس دور أساسي وهام في هذا العمل والرسالة الإلهية . وفي كتاب أعمال الرسل نجد كلام لملاك يقول للقديس بطرس : ” كُلَ من المأكل الغير مسموح به لليهود ” ومعنى هذا الكلام : ” عليك أن تنطلق إلى الآخرين ” . ففعل بطرس كما قال له الملاك وقاد الكنيسة عدة سنوات في انطاكية ، حيث بشَر ، وقَبِل الوثنيون مع اليهود ليصيروا مثلهم مسيحيين وهناك ، في انطاكية ، دُعي المسيحيين ولأول مرة مسيحيين . ثم انطلق إلى أن وصل إلى روما واستشهد هناك بعد ما أدى رسالته .
عقدت الكنيسة مجمعها الأول وفي بداية حياتها وإنطلاقتها في اورشليم ، وتمَ أخذ القرار بأن يدخل الوثنيون إلى الكنيسة من دون أن يمرَُوا باليهودية وهكذا بدأت الشعوب تتعرف على الحياة المسيحية والإيمان بها واعتناقها .وعيشها بقناعة ومحبة .
فالإيمان بيسوع المسيح وضَح أمام الكل ، انه نعمة إيمان تُعطى من الله لجميع الناس ومن دون تفرقة ولا تمييز .
لذلك انطلقت المسيحية ، منذ بدايتها ، ديانةً لكل الشعوب ، جامعةً ، رسولية ، مقدسة ، تحمل بُشرى السلام والمحبة والاخوة،وذاع سيطها في الأرض كلَها وإلى أقاصي المسكونة .
الكنيسة خميرة الأرض والشعوب :
أيها الأحباء ، ونحن على عتبة نهاية سنة الإيمان ، والإيمان سنواته لا تنتهي ، بل نهاية دراسة كيفية التعمق والتأمل والبحث في ترسيخ الإيمان فينا ، ومن ُثمَ نقله إلى غيرنا..ولذلك علينا أن نجدَد هذا الإدراك وهذا الوعي بأن الكنيسة
خميرة العالم وملح الأرض ، وهي حضور المسيح بين كل الناس ، وتزرع فيهم محبة الله ومحبة بعضهم لبعض ، كما علمنا وأوصانا المخلص يسوع .
لقد اضُطهدت الكنيسة وزُجَ المسيحيون في السجون والزنزانات ، قُدَِموا طعاماً للوحوش المفترسة وما تراجعوا ابداً امام
كل العذابات والصعوبات لإن الرب اختارهم وأطلقهم ليشهدوا لحقيقة الإيمان ولقيامته المجيدة التي تثبت هذه الحقائق الإلهية التي لا ندركها ولا نفهمها إلاَ بالإيمان والإيمان وحده الذي يُغيير العالم . وكان بولس واضحاً في نظرته لهذا التغيير الذي رآه مثلث الأبعاد ، حيث أصبح كل الناس إخوة متساوين بالكرامة والحرية والعدالة .
يجب أن يهزَنا تعليم القديس بولس اليوم ، كما هزَ العالم والإنسانية على مدى ألفي وثلاثة عشرة سنة خلت ، حتى ولو أخطأ المسيحيون في تاريخهم وقاموا بنشاطات نعاكس إنجيل ربهم ، الإنجيل يدينهم ويُصلحهم ، فالإنجيل يهدي العقول وويُنير القلوب ويُقظ الضمائر .
المسيحية إنفتاح ، وإيمان وسلام و وقبول الآخر، غايتها أن يعيش الناس مع بعضهم بالحب ويصنعون وطناً واحداً مكوناً من شعوب وطوائف وأديان مختلفه .
نشكر الله على هذه السنة ، ” سنة الإيمان ” التي أتت نعمةً من الله لنتعمق قي إيماننا وإنجيلنا واسرار كنيستنا المقدسة ، ونتأمل في تعاليم وحياة الأباء القديسين لننقل هذه الإيمان إلى الأجيال التي من بعدنا .
نشكر الله ونسأله الأمانة برسالتنا في حياتنا و كنائسنا وبيوتنا ومجتمعنا وفي أوطاننا وشرقنا المسيحي ، ليدرك الجميع معنى الإيمان ويتحوَل إلى فعل تغيير وإصلاح وتجدَد فينا وفي العالم .