قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية اليوم، إنه في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، لم تقف أي بلد بقوة جانب الولايات المتحدة، سوى مصر، حيث كانت قادرة على توفير الدعم اللوجيستي والمعلومات القيمة لحربها ضد الإرهاب في فترة التسعينيات.
وأضافت الصحيفة أن الحرب على الإرهاب عادت مرة أخرى على الأراضي المصرية، في سيناء والمحافظات الأخرى، حيث تأسست الصلة الوثيقة بين جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها من التكفيريين في يوليو الماضي، بعد وقت فصير من الإطاحة بالرئيس “محمد مرسي”، حيث قال “محمد البلتاجي” أحد قادة الجماعة إن العنف سيتوقف في سيناء في اللحظة التي سيعود فيها “مرسي” لرئاسة البلاد.
وأشارت إلى أنه بدلا من إدانة الهجمات الإرهابية والتي انتشرت تقريبا في أنحاء البلاد، قررت إدارة “أوباما” في الأسبوع الماضي إرسال رسالة مختلفة، حيث أصدرت الخارجية الأمريكية قرارا بتعليق المساعدات المقدمة لمصر، كما قالت إنها ستواصل العمل مع الحكومة المصرية المؤقتة لمساعدتها على التحرك نحو الديمقراطية والشمولية، موضحة أن البيان جاء بعد يومين فقط من ثلاث هجمات إرهابية قاتلة في القاهرة وسيناء.
وذكرت أن هذه الرسالة بدت محيرة للحكومة المصرية المؤقتة والغالبية العظمى من المصريين، والملايين الذين خرجوا للاحتجاج على حكم الرئيس “مرسي” في 30 يونيو، وما سمعوه هو أن إدارة “أوباما” تقف بحزم خلف جماعة الإخوان المسلمين، حتى لو كان ذلك يعني الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
وأوضحت الصحيفة أن تقليص المساعدات لدفع الحكومة المصرية نحو عملية ديمقراطية هو أمر مخادع، فلم يكن هناك غضب أو تهديد من قبل الولايات المتحدة في نوفمبر الماضي، عندما أصدر “مرسي” الإعلان الدستوري الذي وضعه فوق القانون، أو خلال المظاهرات في ديسمبر وقتل العشرات وراء جدران القصر الرئاسي على أيدي أنصار جماعة الإخوان.
وفي 3 يوليو، ظهر وزير الدفاع الفريق “عبد الفتاح السيسي” وحوله شيخ الأزهر وبابا الكنيسة، وتلك صورة متناقضة لما قدمه “مرسي”، فخلال فترة وجيزة أحاط نفسه برجال جماعته ووضعهم في المناصب التنفيذية، وغاب المسيحيون والعلمانيون وحتى السلفيين بشكل واضح، كانت دعوة “أوباما” بالشمولية من المفترض أن تبدأ بعد ذلك، ولكن اليوم هي جوفاء.
ورأت الصحيفة الأمريكية أن المصريين لم يجدوا طريقا غير الشارع، في 30 يونيو، لتغير حكومتهم، ولم يكن هناك أمل لإقالة “مرسي” سوى بتدخل الجيش، لمنع الفوضى التي كادت تحدث بالتأكيد، ومحاربة المصريين بعضهم البعض.
والآن، بعد ثلاثة أشهر من الحكومة المؤقتة، يتم كتابة الدستور بواسطة 50 ممثلا، ولكن بدون جماعة الإخوان، وقد اكتملت مسودة الدستور تقريبا، ويتم تحديد مواعيد وخطط لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.
ولفتت “وول ستريت جورنال” إلى أن التحدي الأكبر وهو الاقتصاد، ولكن من الصعب إعادة بنائه عندما تتحول الكثير من الموارد لمكافحة العنف أسبوعيا، خلال تظاهرات الإخوان والتي غالبيتها مسلحة.
وأكدت أن المصريين توقفوا للحصول على حقهم هذه المرة، فهم مصممون على بناء دولة ديمقراطية وتجنب أخطاء الماضي، وفي نهاية المطاف سوف تظهر حقوق الإنسان والحريات الدينية، لن يكون هناك تكرار لسنوات “مبارك”.
وأوضحت الصحيفة أنه بقرار تعليق المساعدات الأمريكية، هناك شعور عام بالارتياح من التخلص من أي قيود على الحكومة في محاربة الإرهاب، والغضب الشعبي ضد الإخوان نتيجة للمضايقات اليومية، حتى أن هناك قانونا للتظاهر سيتم تطبيقه.
واختتمت الصحيفة بأن العلاقات بين مصر والولايات المتحدة مبنية منذ عقود على المصالح الاستراتيجية المتبادلة، وصمدت أمام الكثير من التحديات، وحتى في خضم 30 يونيو، علقت اللافتات في الشوارع لإرسال رسالة حب للشعب الأمريكي، ولكن إلقاء كل ذلك للحصول على استحقاقات مبنية على مبررات زائفة باسم الديمقراطية والشمولية، يعد أمر مؤسف.