الروائية الكندية أليس مونرو
قصور الثقافة أصدرت ترجمة مجموعتها القصصية “العاشق المسافر”..
الدكتور جابر عصفور: فوز “مونرو” بـ”نوبل” انتصار للأدب المهمش
الدكتور أحمد الشيمى: تقنعك أن الخيال أجمل من الحقيقة والأساطير أبقى من التاريخ وأن الحلم أجمل من الواقع
“الأمر مفاجئ للغاية ومدهش.. لم أكن على علم بهذه الجائزة، لا أعتقد أنى كنت أعرف أنى كنت على قائمة المرشحين للفوز بالجائزة، ربما حتى يوم أمس.. أنا مذهولة”.
هذا ماصرحت به الاديبة الكندية “أليس منرو” بعد حصولها على جائزة نوبل للاداب هذا العام ،واضافت : إن ابنتها أيقظتها على الخبر صائحة “أمى! لقد فزت”.
وكانت الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم فى ستوكهولم ” القاعة الكبرى”أعلنت الخميس، فوز الروائية الكندية أليس مونرو بجائزة نوبل للأدب لعام 2013.
وهذه هى المرة الأولى التى يحصل فيها مواطن كندى على الجائزة، والمرة الثالثة عشرة التى تحصل فيها امرأة عليها.
وتبلغ القيمة المادية لأكبر جائزة عالمية فى الأدب”ثمانية ملايين” كرونة سويدية، ما يعادل نحو 910″ “ملايين يورو. وذهبت جائزة العام الماضى للصينى “مو يان”.
جدير بالذكر أن الكاتبة الكندية البالغة من العمر 82 عاما اشتهرت بالأعمال النثرية، “فهى أستاذة القصص القصيرة المعاصرة”، حسبما قال “بيتر أنجلوند ” كمتحدث عن لجنة التحكيم فى سياق أسباب منح الجائزة لمونرو، مضيفاً “لقد ساعدت هذا الشكل الخاص للكتابة فى طريقه نحو الكمال”.
وقد ذكرت صحيفة الجارديان البريطانيةمن قبل ، فى تقرير لها، أن الأكثر اقترابا لنيل جائزة نوبل فى الأدب هذا العام هو الكاتب اليابانى “هاروكى موراكامى ” فى المقدمة، ويعتبر هو المرشح الأوفر حظاً هذا العام، كما كان فى السنوات العشر الأخيرة التى لم يفز فيها بالجائزة.
توجت الكاتبة الكندية بالكثير من الجوائز وطالما شبهت بالأديب الروسى الشهير “أنطون تشيخوف”، وطالما طرح اسمها من بين الأسماء المرشحة لنيل جائزة نوبل للأدب، وصعد اسم مونرو مؤخراً للمركز الخامس فى مكاتب الرهان.
وكانت مونرو لمحت فى يونيو الماضى بعزمها اعتزال الكتابة، وقالت فى مقابلة صحفية آنذاك: “ربما توقفت عن الكتابة.. ليس ذلك لأنى لم أكن أحبها، بل لأن هناك مرحلة يفكر فيها الإنسان عن حياته بشكل آخر”.
تقول مونرو ” إن القصة بالنسبة للكاتب بمثابة “وطن” يهدف منه الوصول إلى أعماقه لاستكشافه، وهى ليست طريقاً نمضى فيه، متبعين إثر بعضنا البعض، ولا طريقة للتقليد على الإطلاق.
وأضافت “مونرو” فى مقدمة كتابها الشهير” Dear Life”، أنه عندما يدرك الكاتب العلاقة التى تربط بين الأشياء بدقة يمكنه فى هذه اللحظة أن يعلن أنه امتلك مهارة ذهبية، كما أن إدراك العلاقة بين الغرفة والممرات المؤدية إليها أمرًا ليس سهلاً وواضحاً بالضرورة لأى شخص.
وأكدت “مونرو”، أن التغيير الذى يحدثه الكاتب على العالم لا يمكن إغفاله أو إنكاره، فهو يفتح نوافذ جديدة على عوالم مغلقة ويضئ مساحات كان يكتسحها الضوء الرمادى الشاحب، ويمضى على الطرق الملتوية مدركًا كم هى سخية ووافرة بالمعانى.
“مونرو” فى مرآة النقد
.وصف تقرير لجنة جائزة نوبل، أعمال الكاتبة الكندية “أليس مونرو” المخضرمة المولودة عام 1931 والفائزة بالجائزة هذا العام، بالوضوح والاعتماد على الواقعية والغوص فى أعماق النفس الإنسانية.
واعتبر بعض النقاد، أنها تكتب عن كندا بنفس الطريقة التى كتب بها أنطون تشيكوف عن روسيا، فهى تخوض فى أعمالها نضالات البسطاء وطموحاتهم والصراعات حول القيم الإنسانية من خلال الكتابة عن التفاصيل اليومية والعادية، وشبهها نقاد آخرون أنها مثل الانجليزى”وليم فوكنر”.
وأشار التقرير إلى تحول أحد أعمالها “الحياة العزيزة” قبل سنوات إلى فيلم سينمائى قامت المخرجة الكندية “سارة بولى ” بإخراجه عام 2012.
وعن سيرتها الذاتية، قال التقرير، إن والدتها كانت مدرسة ووالدها كان فلاحا، وبعد أن أنهت دراستها الثانوية بدأت فى دراسة الصحافة واللغة الإنجليزية فى جامعة” اونتيريو” الغربية، لكنها انقطعت عن الدراسة بعد زواجها عام 1951، وذهبت مع زوجها للإقامة فى فيكتوريا بكولومبيا البريطانية وفتحت مكتبة هى وزوجها.
بدأت “مونرو” كتابة القصص فى العشرينات من عمرها لكنها نشرت أول عمل طويل لها فى عام 1968 وهو مجموعتها القصصية “رقص الظلال السعيدة” الذى لفت الانتباه إليها فى كندا، وبدأت تنشر أعمالها فى العديد من المجلات بداية من الخمسينات، وفى عام 1971 نشرت مجموعات قصصية بعنوان “الحياة والبنات والنساء” التى وصفها النقاد بأنها تحفر عالما خاصا فى الكتابة.
كتبت “مونرو” كثيرًا عن المرأة فى أعمالها ولكن دون صخب وضجيج فكانت تصف أحوال المقهورات دون التورط فيما أسمته “الغرق فى البوح النسائى”، ونالت العديد من الجوائز أهمها جائزة مان بوكر الدولية فى 2009. منها جائزة الحاكم العام فى كندا مرتين، وجائزة أوهنرى أكثر من مرة،
أما عن كتابات النقد فى مصر عنها فيقول الدكتور جابر عصفوروزير الثقافة السابق إن فوز الكاتبة الكندية “أليس مونرو” على جائزة نوبل فى الأدب، يعنى أن الجائزة مستمرة نحو الأقطار المهمشة التى لم تلتفت لها نوبل من قبل وهذا انتصار للأدب المهمش.فالاتجاه السابق كان منحازًا للأدب الأوربى والأمريكى تاركًا الأدب المهمش، بينما منذ عام 1988، دخلت نوبل المكسيك واليابان والصين وأفريقيا، وأظن أن الأدب الكندى يندرج تحت الأدب المهمش فى العالم
وأكد “عصفور” على أن هذا انتصار كبير للأدب المهمش، والتنوع والالتفات للدول التى لم يحل أحد
العاشق المسافر
تمتاز مونرو، بقدرة كبيرة على الحكى ، فهى تسرد القصص التى تزيد من شوق القارئ وقد تكون الكاتبة الوحيدة فى العالم التى نالت شهرتها من خلال القصة القصيرة.
وتقدم أليس مونرو، فى مجموعتها القصصية «العاشق المسافر»، التى صدرت لها الترجمة العربية عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة، ترجمة الدكتور أحمد الشيمى، الذى يقول عن الكاتبة أليس مونرو، في مقدمة المجموعة إنها كاتبة تكتب فقط فتقنعك فى كل قصة من قصصها أن الخيال أجمل من الحقيقة، وأن الأساطير خير وأبقى من حقائق التاريخ، وأن الحلم أجمل من الواقع.
وفى قصص مجموعة «العاشق المسافر» نجد شخصيات يمارسون هواية الكتابة أو يريدون ممارسة الكتابة ولكن الكُتاب مهرة حرون لا يجدون إلى سياستها سبيلا، وقصة «حيوات بنات ونساء» خير دليل على ذلك، لأنها تتناول فنانة من البداية وحتى النهاية.
وتمتلئ قصص المجموعة بشخصيات هشة لا حيلة لها ولا طاقة على التغلب على تبعات الحياة الصعبة، شخصيات ضعيفة لا تملك من أمرها شيئا، ولا أمل لها يلوح فى الأفق القريب أو البعيد، وهى شخصيات نجدها فى حياتنا اليومية، وهى شخصيات منتشرة فى قصصها انتشارها فى الحياة من حولنا.
لكن شخصيات أليس مونرو الشريرة لا تشبه الشخصيات الشريرة عند مارلو وملتون وشكسبير وغيره ممن يصورون شخصيات شريرة لا يترك الشر فى نفوسهم مساحة للود بل تصور مونرو شخصيات تقع فى المنطقة الوسطى بين الشر والخير شخصيات متصلة أسبابها بنا نحن البشر نعرفهم ويعرفوننا.
ويدور موضوع الكاتبة أليس مونرو فى قصص هذه المجموعة الأثير حول رصد العلاقات الاجتماعية بين الناس فى بلادها لاسيما فى مدينة فانكوفر بكندا وتركيزها ينصب على العلاقة الجدلية بين الماضى والحاضر، أى بين تجربة مضى بها الزمن وتجربة قائمة تثير العجب لتشابهها فى النهاية مع تجارب الماضى القريب وربما البعيد.
وفى باقى قصص المجموعة تعرض علينا أليس مونرو نماذج تتضاد معها نماذج من شخصيات تمتلئ نفوسها بحب الحياة ولا تلتفت إلى الوراء وإنما تجد الحلول فى التفكير للمستقبل وتحليل الماضى والاستفادة منه أو تركه فى مكانه الأول ومن الماضى ما يصلح ومن الماضى ما يفسد ومن الماضى ما لا يصلح ولا يفسد.