رواية دوائر النور والنار .للكاتب طلعت رضوان الصادرة عن دار النسيم عمل .اقرب الى السيرة الذاتية .منه للرواية .ولعل طيبة طلعت هى التى كشفت ذلك بسهولة للقارىء الذى يجد ان الراوى يحمل اسم حلمى رضوان
رواية دوائر النور والنار .للكاتب طلعت رضوان الصادرة عن دار النسيم عمل .اقرب الى السيرة الذاتية .منه للرواية .ولعل طيبة طلعت هى التى كشفت ذلك بسهولة للقارىء الذى يجد ان الراوى يحمل اسم حلمى رضوان .ذلك الطفل الشقى الذى انحاز لليسارالمصرى منذ نعومة اظافره .حيث تدور الرواية فى اواخر الاربعينيات واوائل الخمسينيات من القرن العشرين .وهى فترة انتشرت فيها ظاهرة عربات العيش التى يمر اصحابها على البيوت .وكان الصبى حلمى يخرج مع ابيه لتوزيع العيش فى اجازات المدارس .الامر الذى جعله يتعلق باسرة احد زبائنه وهو الاستاذ المنيلاوى المناضل ضد الاستعمار مع زوجته مدام بلبل .كما تعلق بثابت الاسيوطى ميكانيكى الافران .الذى قام بالعديد من العمليات الفدائية ضد الانجليز .وكان يختبىء فى احدى غرف الحمام المجاور للفرن .بحارة شق الثعبان بالعباسية .حيث صورت الرواية الوضع الاجتماعى لاهالى الحارة بالتوازى مع احداث المقاومة الشعبية ضد معسكرات الانجليز فى صحراء العباسية .وقد اجاد رضوان وصف عمل الافران بدقة متناهية .تواكب مع دقة الوصف الجغرافى للمنطقة .بعين طفل خبير ومكتشف .ورغم تعرض عدد كبير من الاعمال الادبية لمقاومة الاحتلال الانجليزى .الا ان حالة الصدق الفنى والتجربة السردية التى تحملها دوائر النور والنار بشخصياتها وعالمها المختلف .انقذت العمل من دائرة التكرار والتقليد .مع التركيز على بطولات اليسار الذى قاوم الانجليز ودفع من ابنائه شهداء فى سبيل تحرير الوطن ومع ذلك تم اعتقل وتعذيب العديد من بين هولاء الفدائيين بعد ثورة يوليو 1952..ولا ينسى الكاتب الذى قام بتخليد وطنية اليساريين .ان يندد ويفضح موقف الاخوان المسلمون وتخاذلهم فى محاربة الاحتلال ويوثق ذلك بما لايخل بالسرد فيقول ( كتب المنيلاوى لصديقه ثابت فرحت برسالتك الاخيرة .ابهجنى خبر اشتراك البوليس المصرى مع الشعب فى مقاومة الانجليز .ولكن فى القاهرة كارثة .قرات فى صحف الاخوان المسلمين عدة مقالات احزنتنى .الاخوان المسلمون يكتبون صراحة ان الانجليز لايمثلون الخطرالاول او العدو الاول هل تعرف من هو عدوهم الاول ؟لقد انتشروا فى شوارع القاهرة يحرقون الكازينوهات والمحلات التجارية التى تبيع الخمور .تحت شعار حماية الدين .وانا اشعر بالخطر لانهم يحرفون الصراع وينحرفون به فى اتجاهات تكرس الاحتلال والا ستبداد .ان الحرائق الصغرى تنتشر وتتزايد والنار تاكل ماحولها ولاتفرق بين الاشياء .وتجلت الخطورة اكثر عندما وقف حسن الهضيبى المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين يخطب فى شباب الجماعة فقال اذهبوا فاعكفوا على تلاوة القران ولكن الاستاذ خالد محمد خالد كتب فى صحيفة روزاليوسف يوم 30 اكتوبر 1951 يتهم المرشد العام بالابتعاد عن الدين وقال وجد الوطن فى التاريخ قبل الدين وكل ولاء للدين لايسبقه ولا ء
للوطن فهو ولاء زائف .هذا الكاتب خالد محمد خالد رغم مرجعيته الدينية الا انه يعرف معنى الوطن بينما مرشد الاخوان على اتصال واضح بالملك ويقف فى صفه مع تحياتى وتحياة الاسرة )وبذلك كانت الرواية نور على اليسار نار على الاخوان . وقد اجاد الكاتب رسم الشخصيات الثانوية بمهارة فائقة .وخاصة شخصيتى جابر وخميس .او الغبى والحشاش .فجابر بطء الفهم ينتهى به الامر بالسجن نتيجة للغش فى وزن الرغيف .اما خميس فهو شخصية متناقضة يعشق الحشيش لدرجة انه يضعه فى منتصف اى شىء قبل ان ياكله .يضع الحشيش فى نصف التفاحة والرغيف واللحمة .ولا يتذوق طعم شىء بدون الحشيش .ويعيش حائر بين عمله كخباز فى الفرن وبين صوته الجميل الذى يؤهله ان يكون مقرئا .وبذلك كونا ثنائى متداخل بين التراجيدى والكوميدى .وتشبعت اجواء الرواية بملامح من الفلكلور الشعبى وخاصة ابيات العديد التى عبرت عن فلسفة المصريين البسطاء نحو الموت .