تحرير الأوطان لابد أن يكون له ثمن.. ثمن غالي.. ثمن يدفع من دماء أبناء هذا الوطن ولأجل هذا الوطن. نعم الحرية لها ثمن وكرامة الوطن له ثمن، ونحن اليوم أمام حالة من الحالات الكثيرة التي دفعت الثمن من حياتها من أجل هذا الوطن وهي حالة الشهيدة “ناردين لويس حنا” فتاة الأسكندرية التي تبلغ من العمر 24 عاما
تحرير الأوطان لابد أن يكون له ثمن.. ثمن غالي.. ثمن يدفع من دماء أبناء هذا الوطن ولأجل هذا الوطن. نعم الحرية لها ثمن وكرامة الوطن له ثمن، ونحن اليوم أمام حالة من الحالات الكثيرة التي دفعت الثمن من حياتها من أجل هذا الوطن وهي حالة الشهيدة “ناردين لويس حنا” فتاة الأسكندرية التي تبلغ من العمر 24 عاما والتي لقيت حتفها بالرصاص وهي تطل من شرفة منزلها الكائن بمنطقة سيدي جابر أثناء اشتباكات جماعة الأخوان المسلمين مع المتظاهرين يوم الجمعة الموافق 28 يونيو الماضي.
لذلك كان لجريدة وطني هذا الحوار مع والد الشهيدة “ناردين” من داخل منزلها بمنطقة سيدي جابر. الشاهد علي الأحداث ليروي لنا القصه والدها “لويس حنا” 70 عاما ، محاسب.
وبدأ الأب: “ناردين أبنتي الصغري مواليد 1989/1/16م عمرها الأن 24 عاما ولها شقيقتين بالخارج هما مريم وسارة وهي أنسة خريجة مدرسة الفرنسيسكان بالأسكندرية وخريجة كلية التجارة جامعة الأسكندرية دفعة 2011 ، حاصلة علي العديد من الشهادات لدراسة اللغات الفرنسية والإنجليزية. كانت تحب الخدمة في الكنيسة فهي كانت تخدم بثلاث كنائس بالاسكندرية – الملاك مصطفي كامل والعذراء كليوباترا ومارجرجس أسبورتنيج.
ابنتي كانت مثال للمحبة والتواضع ومحبوبة من صديقاتها وجيرانها الأقباط والمسلمين.. لم تكن في يوم من الأيام تنتمي الي أي حزب سياسي ولكنها كانت تحب الوطن ومهمومة بقضايا بلدها كشابة واعدة وتتمني لبلدها الاستقرار”
– دعني أسترجع معك لحظات أعرف انها قاسية.. مشهد يوم الجمعة؟
كنت أقف بشرفة منزلنا الذي يبعد بعدة أمتار عن مقر جماعة الأخوان المسلمين الساعة الثالثة ونصف ظهرا، وكانت إبنتي في حجرتها وفجأه وأنا أشاهد الأحداث التي تحولت إلي معركة بين المتظاهرين وجماعة الإخوان – حيث قامت الجماعة بالإشتباك مع المتظاهرين بالأسلحة الحية والخرطوش والرصاص، ناديت عليها من أجل المشاهدة… وأسرعت ناردين لمشاهدة ما يحدث… وكان وقتها المعارضون تحت منزلنا مباشرة يحاولون الذهاب إلي الناحية الأخري الموجود بها الإخوان الذين كانوا يقذفون عليهم طلقات خرطوش.. وما هي إلا لحظات ونحن نشاهد الإشتباكات، ففوجئت بإبنتي تسقط علي الأرض قائلة: (الحقني يا بابا بطني) حيث كانت الدماء تنزف بغزارة من يدها وبطنها مشهد أليم لم يفارقني لحظة واحدة.. وبدأت أستغيث بالجيران للنجده فكنت في حالة من الذهول.. طلقة خرطوش عشوائية.. كانت هناك علبة صفيح فارغة علي جدار سور الشرفة نافذت الطلقة بالعلبة الفارغة ثم استقرت في جسد ابنتي اصابتها في يدها ونفذت منها إلي بطنها.. وبالقرب من النافذه وجدوا فارغ الطلقة حيث تحفظوا عليها لحين وصول سيارة الإسعاف التي حضرت.. وحرص مسعفوها علي أخذ الرصاصة دون ابداء الأسباب.
ثم ذهبنا بها إلي المستشفي الميري بالاسكندرية في حالة سيئة جدا حيث كانت تحتاج إلي كمية كبيرة جدا من أكياس الدم التي لم يبخل كل المحيطين بنا والأهل والأصدقاء بالتبرع لها بالدم.
في اليوم الثاني الموافق السبت 29 يونيو قمت بالذهاب إلي قسم شرطة سيدي جابر لتحرير محضر بالواقعة محضر رقم 15364جنح سيدي جابر بالذات التاريخ، فسألني الضابط (تتهم من؟) قلت له اتهم النظام السائد.. فقال لي (حدد من بالضبط؟) فقلت له اتهم جماعة الإخوان هى من فعلت ذلك.. وبعث معي عسكري إلي منزلي للمعاينة ومعاينة الشرفة – مكان الحادث – وانتهي الأمر علي ذلك..
وفي فجر يوم الأثنين الماضي الساعة الثالثة فجرا اتصلت بي المستشفي لإبلاغي بوفاة ابنتي حيث كانت صدمة كبيرة لي ولأمها المصابة بشلل نصفي.. أصيبت بصدمة كبيرة منذ وفاة ابنتها التي تقوم علي رعايتها..
امسكت الأم التي تتحرك بصعوبة في المنزل بصوره ابنتها وهي تقول: “عروستي ماتت” وتلتقت خالتها طرف الحديث قائلة: “كان سيتم خطبتها قريبا وبدل أن تفرح بها كأي بنت تحلم بالمستقبل اذا بها تودعها إلي مثواها الأخير”
ويكمل الأب – الملكوم حديثة والدموع تنهمر من عينه – “اشكر قداسة البابا الأنبا تواضروس فقد بادر بالإتصال بي وتقديم العزاء لي وللأسرة يوم الجنازة وقال في حديثه معي إبنتك ملاك راحت السماء مع المسيح وكانت كلمته لها اثر كبير في نفسي أنا ووالدتها واشكر جميع الأباء الكهنة من الاسكندرية، وعلي رأسهم القمص رويس مرقس الذي حضر لقاء كلمة تعزية للأسرة”
واختتم الأب حديثه: “احب أنا اقول أن إبنتي أنسة لم نفرح بها ولكني اعتبرتها شهيدة عند المسيح.. الرب يسوع عايزها شهيدة عنده ولكن أنا لن أتنازل عن حق ابنتي.. فهناك قضية وسوف اتابع التحقيقات حتي يأخذ الجناه عقابهم الأرضي.. واعرف جيدا أن الله العادل سيأتي بحق ابنتي وغيرها الذين راحو ضحية بأيدي أثمه”