” الامتحانات على الابواب و انت قاعد بتتفرج على التليفزيون ده مفيش امل يعوض علينا ربنا فى المصاريف اللى دفعناها طول السنة و لسة كمان لما نشوف النتيجة هتكون ايه ” ” يا ابنى اللى ذاكر ذاكر خلاص ما تتعبش نفسك
” الامتحانات على الابواب و انت قاعد بتتفرج على التليفزيون ده مفيش امل يعوض علينا ربنا فى المصاريف اللى دفعناها طول السنة و لسة كمان لما نشوف النتيجة هتكون ايه ” ” يا ابنى اللى ذاكر ذاكر خلاص ما تتعبش نفسك الوقت بقى مش فى صالحك ” و غيرها و غيرها من العبارات المحبطة التى تتعامل بها بعض اسرنا المصرية مع ابنائها و هم على مشارف بدء الامتحانات و تحديدا الثانوية العامة منها لتشتد الاعصاب أكثر فأكثر فتزداد حدة التوتر و القلق بين الطرفين الاباء فى توبيخ مستمر للابناء لرغبتهم فى الاستفادة من اليوم 24 ساعة دون تضيع وقت لتمتلك الابناء الشعور باليأس و الاحباط .
لمعرفة الاسباب الحقيقية وراء انتهاج اسرنا لاستخدام تلك العبارات المحبطة لتوبيخ ابنائها و مدى تأثيرها على تحصيلهم الدراسى و من ثم اداء امتحاناتهم , و كيفية مساندتهم بشكل ايجابى للوصول لنتائج أفضل ..
تقول د . ايمان نصرى – استاذ علم الاجتماع جامعة الفيوم أن الأهل من كثرة خوفها و رعبها على مستقبل ابنائها و اعتيادهم على مقارانتهم باقرانهم من نفس اعمارهم سواء من زملائهم أو اقاربهم تجدهم يرغبون فى مشاهدتهم و هم يستذكرون على مدار 24 ساعة كاملة بدون ملل أو تضيع وقت – من وجهه نظرهم – و اذا ما وجدوا اى انحرافات عما كانوا يتوقعونها من قبل الابناء و ليكن فى مشاهدة التليفزيون أو الجلوس امام الكمبيوتر أو الرغبة فى الخروج مع الاصدقاء و غيرها من الامور التى تدفع الاباء لانتهاج سلوكيات سلبية تجاه الابناء و لا سيما توبيخهم بعبارات محبطة ” انت كده مفيش فائدة منك ” ” ابقى قابلنى لو جبت مجموع السنة دى ” ايمانا منهم بان هذه الأساليب امل فى اشعارهم بالمسئولية و من ثم تحفيزهم و تشجيعهم على الاستذكار بشكل أفضل تجعلهم يتراجعون عما يفعلونه غافلين بان الامر يزداد سوء , فعملية التبكيت و ” كسر المجاديف ” تجعل منهم شخصيات ضعيفة مضطربة خائفة من دخول الامتحانات التى هى تعد اولى خطوات مشوارهم الحياتى التى بشأنها يتحدد موقفهم و مستقبلهم فى المجتمع من عدمه .
و تستطرد د . ايمان بان الضغط على الابناء بهذه الصورة ربما يتناسب مع الأطفال الصغار فى المرحلة الابتدائية و الاعدادية و ليست مع الابناء فى المرحلة الثانوية لطبيعة طول فترة السنة الدراسية و ضغط الدروس و الاعتياد على حل نماذج الامتحانات السابقة لمعرفة نوعية الاسئلة و كيفية الاجابة عنها الامر الذى يتسبب فى حدوث ملل لدى الابناء باعتباره روتين يومى لا يتغير و هنا على الأهل ان يعلموا جيدا بان من الطبيعى ان يقل المجهود و النشاط مع نهاية ” التيرم ” كما ان التحصيل الدراسى للابناء لم يكن بكم الساعات التى يجلسون فيها امام الكتاب الدراسى للاستذكار و انما بدرجة الاستيعاب و الوعى و الفهم و الادراك و امكانية استرجاع المعلومة و بالتالى فمن حقهم الراحة و الخروج و اللهو و التفريغ عن ذاتهم و مشاحناتهم بالطريقة التى تناسبهم فى ظل مساندة الاهل و تشجيعهم حتى لا يتم ضغطهم بالصورة التى تنعكس عليهم سلبا فى اداء امتحاناتهم وسط الظروف الجوية المتغيرة و الحر الشديد الذى يقلل من تركيز ابنائهم .
وحول الضغوط النفسية التى يتعرض لها الابناء جراء سماعهم لتلك العبارات المحبطة يذكر د . سمير عبد الفتاح – استاذ علم النفس جامعة عين شمس ان هذه الأساليب المتبعة من قبل الأهل تلعب دور خطير فى خفض الطاقة الاستعابية لدى الابن ( الابنة ) تجعله حينما يقدم على الامتحان يحصل على درجات أقل عن معدله الحقبقى نتيجة للاحباط و الخوف , فالامر طبيعى حينما يضطرب الاهل امام الابناء تتأثر نفسيتهم و ينتقل التوتر اليهم تلقائيا ففى علم النفس هناك قاعدة تقول ” السلوك الانسانى سلوك مدفوع ” اما ايجابيا أو سلبيا . و فى حالة تأثيره سلبيا على الابناء فالامر طبيعى خاصة اذا كانت هناك تجارب فاشلة مروا بها الابناء فى حياتهم الدراسية الامر الذى يجعلهم يقفون امام هاجس وهمى من صنع انفسهم بجانب اسرهم ليحفر بداخلهم العبارات المحبطة ( ان فاشل ) ( انا ضعيف ) ( انا لا استطيع ان احصل على مجموع فى هذه المادة ) و غيرها من العبارات التى بتكرارها تضعف قدرة الطالب الاستيعابية على المسيرة و التقدم و النجاح فى اجتياز امتحاناته . و الغريب اننا كبشر نقدم احيانا الفشل على النجاح بمعنى نقدم ( سوف احصل على مجموع قليل ) على ( سوف احصل على مجموع عالى ) .
و المشكلة الحقيقية هنا اننا عادة ننظر للموقف بنظرة تشاؤمية و كأننا نرتدى نظارة سوداء لنرى الحياة مظلمة من حولنا , و الدليل هو التوقع بحدوث الشىء السلبى عن الايجابى . فلماذا نفكر فى الرسوب على سبيل المثال ؟ و لماذا نفكر ان المصحح بخيل الدرجات و بالتالى ساحصل على درجات قليلة ؟ ايضا لماذا تفكر من منطلق ان الجميع افضل منك و لا سيما الطالب ” الفلانى ” ؟ ضاربين بعرض الحائط قيمة الثقة بالنفس و قبول المنافسة الشريفة التى قد تجعل منا شخصيات قوية تتنافس مع بعضها للحصول على نتائج افضل . و يلقى د . عبد الفتاح الضوء على ان الوضع يتوقف على مساندة الاهل و دورهم مع ابنائها بتكوين جدول مراجعة شاملة للمواد جميعها مناسب للايام القليلة المقبلة قبل الامتحان مع الاهتمام بتدوين بعض الملخصات لتضم المعلومات المهمة الواجب استرجاعها فى الساعات الاخيرة ليلة الامتحان . الى جانب عدم السهر أيام الامتحانات لكون السهر عادة غير صحية تؤثر على التركيز التى هى بحاجة للراحة حسب طبيعتها فى الليل و ليس بالنهار مع مراعاة عدم شرب الشاى أو القهوة لاعطاء الجسد و العقل و الذاكرة نشاط و حيوية يستوجب من خلالها تحقيق نتائج واضحة . فضلا عن تشجيعهم بالعبارات المحفزة للنفس التى تلقى كل الاثراء و التقدير و الثناء لدى الابناء .