سحر الموجي: ازدراء الأديان تهمة مطاطة
الحرية لن تأتي إلا بصراع المهمومين بها
أمير رمسيس: الأخوان والصهاينة هم من هاجموا الفيلم
منذ العام 2005 ، وربما منذ فترات أسبق، والشعب المصري مازال يفرز دعوات وحركات تنادي بالحرية، ولكن بعد عامين على مرور ثورة الخامس والعشرين من يناير والتي كانت الحرية أحد مطالبها الأساسية، لازال الشعب المصري يبحث عن حريته وسط الاعتقالات التي تنال النشطاء السياسيين والملاحقات التي يتعرض لها المفكرين والصحفيين والفنانين.
تقول سحر الموجي كاتبة روائية وأستاذة أدب إنجليزي بجامعة القاهرة: “لم أتعرض شخصيا للأذى، لكن لا يجب أن نفكر في إطار هل أنا تعرضت للأذى أم لا بل يجب أن نفكر في إطار هل هناك حرية أم لا؟! هل هناك قوانين تحمي الحريات مطبقة أم يتم الالتفاف عليها؟! أنا لم أتعرض للأذى لكن هناك غيري من قتلوا بسبب أنهم صحفيين ونشطاء يعبرون عن رأيهم، وبالتالي أنا في هذا الخندق المدافع عن الحريات.”
وعلى خلفية قضية منى البرنس –والتي تم التحقيق معها على خلفية اتهامها بازدراء الدين الإسلامي- أشارت إنها غير مؤمنة بأن تكون هناك تهمة ازدراء الأديان، لان اتهامات مثل ازدراء الأديان وإهانة الرئيس تهم مطاطية جدا ولا يمكن تعريفها بدقة وهي مظلة واسعة للانتهاكات، فمن خلالها يمكن تصفية حسابات وقضايا، فأنا أكرهك إذن يمكنني أن أقاضيك بتهمة ازدراء أديان، وتبقى الحريات هي المظلوم الوحيد هنا في النهاية. وأضافت:”لن يحدث تقدم في مجال الحريات إلا بصراع المهمومين بالقضية والنشطاء أنهم يوفرون ضمانات، والضمانات هنا ليست قوانين تسن لان لدينا الكثير من القوانين المؤيدة للحريات ولا تطبق وهناك أيضا قوانين تقيد الحريات، وكل منهم يتم العمل به حسب ما هو مخطط له، وبالتالي المسألة مسألة ثقافة، فهل الثقافة العامة هنا حاضنة للحريات أم لا؟! واعني هنا بالثقافة العامة رجل الشارع والإعلام والمسجد والكنيسة وكافة المؤسسات وليس المثقفون فقط، فلو عندك ثقافة معادية للحريات – وحاول التيار السائد الرجعي أن يحافظ على مكتسباته ويحصل على أرض جديدة بتجييش الناس ضد أو مع فكرة ما- ففي هذه الحالة لا يمكن أن تسن قانون يحميك في أي لحظة من اللحظات – وبالتالي العمل الحقيقي سيكون على مستوى الثقافة نفسها ومن أجل أن يعي رجل الشارع إن الآخر لديه حق في التعبير عن رأيه، ويتم ذلك من خلال الإعلام والتعليم روافد أساسية في مجال الثقافة لكن المستجد في هذه المعادلة هو الشعب، فعلى عكس ما يقوله معظم النخبة بأن هذا الشعب غير واعي وجاهل، يتمتع الشعب عندنا نسبة جهل بالقراءة والكتابة لكن هذا لا يعني إن لديهم جهل بالحياة، كما أننا نسير دائما في اكلشيهات لا نستطيع أن نخترقها.”
وتحدث أمير رمسيس المخرج وصاحب الفيلم الوثائقي “يهود مصر” عن فيلمه قائلاً: “الفيلم يتناول حياة المصريين اليهود في الفترة من 1900 حتى 1956 وملابسات خروجهم في الفترة من 1948 حتى 1956 وكيف تغيرت صورتهم عند المجتمع فجأة وبات الناس يتعاملون معهم وكأنهم أعداء لا مواطنين، وفكرة الخلط التي صبحت لدينا بين كلمة صهيوني وكلمة يهودي بعرض نماذج لشخصيات يهودية ضد الصهيونية وقاموا الحركات الصهيونية مثل هارون شحاتة، متناولاً من خلاله أزمة المواطنة فما حدث حصل لليهود في مصر مرآة جيدة تشير إلى أين نتجه فيما يتعلق بمفهوم التسامح وقبول الآخر.”
ثم انتقل إلى محاولة منع الفيلم من العرض فقال: “كان من المفترض أن الفيلم يتم عرضه يوم 13 مارس لكننا فوجئنا بالأمن الوطني يطلب مشاهدة الفيلم ويمنع الرقابة من إعطاءنا تصريح العرض بالرغم من إن بالرغم من إن هذا الترخيص الأخير يأتي بعد إتمام الرسوم المقررة لعرضه كفيلم تجاري، وكان الفيلم قد حصل على موافقة سيناريو وموافقة عرض أول وعرض عام وملاحظات الرقابة وكنا في سبيلنا لإنهاء ورق العرض التجاري. وهذا أمر غير قانوني لأنه ليس من حق الأمن الوطني أن يمنع الرقابة من أن تعطيني ترخيص قد حصلت عليه سلفا، وأي قاضي كان سيحكم لي بتعويض ثلاث أشهر كتعويض تقديري عن إيرادات السنيما في تلك الفترة. ولكن عقب الضجة التي أثيرت حول منع الفيلم رضخ جهازي الأمن الوطني والرقابة للقانون وتم عرض الفيلم لمدة تتجاوز الشهر ثم تم سحبه ثانية بسبب نزول أفلام السبكي.” وأردف:”لو كانوا استمروا في منعوا إطلاق الفيلم في دور العرض كنت سأنشره على الانترنت، فتلك السلطة التي يتصارعون معانا عليها لم تعد بالكامل معهم.”
وأضاف:”إن وزارة الثقافة عادة ما تقحم الكثيرين في مجال الرقابة على الأفلام عن رغبتها الخاصة في أنها لا تدخل في صراع مع جهات خاص لا عن إجبار قانوني وكان ذلك يتم من وراء الستار لكن في سابقة فيلمه تعدى الأمر ليصبح علنيا. وأكد إن بالرغم من خطورة الموقف إلا إن بعد ما خضع الأمن الوطني والرقابة للقانون تحولت من سابقة للتعدي على الحريات إلى سابقة في كسر تلك القيود بعد أن تبين لنا إن ذلك الحاجز الذي كنا نخشاه يمكن تحطيمه واختراقه بالقانون، وذلك يعتبر انتصار للقانون والحرية وذلك مهم جدا بل أهم من الفيلم نفسه. وحاليا فالجميع يعرف كل شئ فمن لم يعرف أنهم حاولوا منع الفيلم، ففي السابق لو تم منع فيلم من العرض كان سيكتب في بعض الصحف وكان قارئو تلك الصحف فقط من سيعرفون بتلك الأزمة، ولكن الآن فالجميع سيعرف وهذه ورقة ضغط أخرى. ”
وقال أمير عن الهجوم الشعبي والإعلامي على فيلمه:”الفيلم عرض في مصر وهولندا والولايات المتحدة الأمريكية لم أجد أي حملات تشويه أو نقض للفيلم إلا من المنظمات الصهيونية والإخوان المسلمين، حيث قامت المنظمات الصهيونية في الولايات المتحدة بمهاجمة الفيلم وانتقاده بشكل عنيف في المهرجانات وفي الندوات بسبب تطرقه لفضيحة لافون وحديث اليهود المصريين بالفيلم عن كيف كانت إسرائيل هي سبب تدمير علاقاتهم بوطنهم وأنهم كانوا سعداء في مصر ولم يفكروا في الذهاب إلى إسرائيل نهائيا، أما الإخوان المسلمين فقاموا بحملة على الفيلم من خلال صحيفتهم لأنه كان يتناول تفجيرات 48 وحرق حارة اليهود، لكن لم تؤثر الحملتين -الصهيونية والأخوانية- على مشاهدة الفيلم.