كارثة سد النهضة …..المصريون وكأنهم فى صحوة الموت .
الراحل الدكتور رشدى سعيد قدم قائمة السدود الاثيوبية المزمع انشائها منذ 20 عاما .
د محمود ابو زيد : ما تفعلة اثيوبيا مخالف للأعراف الدولية
د محمد نصر الدين علام : ستعود ظاهرة الجفاف والعجز المائي في سنوات الفيضان المنخفضة للظهور
وزير الرى الحالى : نرفض الوساطة الدولية .
حالة الذعر التى أصابت المصريون والخبراء من بدء تحويل مجرى نهر النيل وكأنهم تفاجئوا وللمرة الأولى بان اثيوبيا تبنى سدا وأنه سيؤثر على حصتنا من المياه , بالرغم أنه منذ ثلاث سنوات والأمر معلن والصحف تناولته من كافة الزوايا وفقا لآراء الخبراء والمختصين . وأن امرتحويل مجرى النيل امرا طبيعيا فى بنا ء السدوء كما أن التهوين الذى ساد تصريحات المسئولين من خطورة البدء الفعلى فى البناء واقدام مصر على كارثة حقيقية ايضا غير مبرر.
هذا ويعتبر الراحل الدكتور رشدى سعيد ـ أبوالجيولوجيين المصريين ـ هو أول من نشر وأعلن عدد مشروعات السدود التى تخطط إثيوبيا لإنشائها.. ففى عام 1992 نشر كتاب باللغة الانجليزية وعنوانه «نهر النيل.. نشأته واستخدام مياهه فى الماضى والمستقبل»، فقد نشر العالم الكبير قائمة كاملة بهذه السدود نقلاً عن دراسة أعدها مكتب استصلاح الأراضى بالحكومة الأمريكية فيما بين عامى 1959 و1964. وكانت اثيوبيا قد دعت هذا المكتب لدراسة حوض النيل الأزرق لبحث إمكانية تنمية حوضه بعد أن قررت مصر بناء مشروع السد العالى.. ورحبت أمريكا بذلك لأنها رأت فيها ردًا سياسيًا علي سياسة مصر أيام عبدالناصر وارتمائه فى أحضان السوفيت.
فقد كان عند المصريين ـ كما يقول الدكتور رشدى ـ اعتقاد بأن بناء سد على النيل الأزرق عملية صعبة وباهظة التكاليف، وأنه سيكون مرتفعًا وعرضة للإطماء السريع.. وقام المكتب الأمريكى بانشاء 59 محطة لرصد النهر وتصرفاته ورفع خرائطه. ونشر المكتب ابحاثه فى تقرير وخمسة ملاحق.. وكان فيها قائمة بالمشروعات التى اقترحها المكتب لتنمية حوض النيل الأزرق مع بعض الخرائط والمواقع المقترحة لإقامة هذه السدود.
وضمت القائمة 33 مشروعاً أو سداً.. منها ما هو مخصص للرى والزراعة ومنها ما هو مخصص لتوليد الكهرباء.. ومنها ما هو متعدد الأغراض
نفتح هذا الملف اليوم بعدما بدا العمل الفعلى فى سد النهضة الاثيوبى ولعله لسوء الطالع أن يحمل السد الاثيوبى نفس الشعار الذى رفعة الإخوان المسلمون فى حمله الرئيس محمد مرسى فمن نهضة الإخوان الى نهضة اثيوبيا لا نعرف اين تقف مصر .. وهل فعلا ستوثر على حصتنا المائيه هذا ما سنتعرف عليه من المختصين فى هذا المجال.
بداية يشير الخبراء الى ما أعلنته إثيوبيا وجنوب السودان مرارا وتكرارا من أن الإمداد المائى لمصر لن يقل بحال من الأحوال لا فى المستقبل القريب ولا البعيد ولكن جميع المؤشرات تؤكد أن التأثير على حصة مصر بالنقصان أمر لاشك ولا مراء فيه وأن هذا النقص يمكن أن يصل إلى ما يزيد على 20% من الحصة الحالية وهو أمر لا تستطيع مصر أن تتعايش معه بأى حال من الأحوال حيث سيؤثر بشكل واضح على الحياة الاقتصادية والاجتماعية فى البلاد ويمس حاضرها ومستقبلها بشكل مباشر.
اشار الخبراء إلى هذا بالاضافة الى التحدث على تاثير الإمداد المائى بدون التأثير المباشر على توليد الطاقة الكهربائية التى تفيد معظم الدراسات على أنها على الرغم من إمكانية عدم تأثر السودان بها سلبا إلا أن التأثير على الطاقة المولدة من السد العالى فى مصر يمكن أن تنحفض بما يتراوح بين 20 ـ 40%.
التاثيرات السلبية للسدود الاثيوبية
يقول الدكتور الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الرى الاسبق فى رؤية بحثية قدمها فى الندوة التى عقدت مؤخرا فى وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الاهرام للبحوث الاستراتيجية عن ابعاد مشكله السدود الاثيوبيه وتاثيرها على مصر:
هناك عنصرين رئيسيين للتأثيرات السلبيَّة للسدود الإثيوبيَّة على مصر يتمثلان في السعة التخزينيَّة لهذه السدود وفي استهلاك المياه في الزراعات المروية, حيث أن السعة التخزينيية للسدود ستكون خصما من مخزون المياه أمام السد العالي, وبالتالي ستعود ظاهرة الجفاف والعجز المائي في سنوات الفيضان المنخفضة للظهور, أما المياه التي سوف تستخدم للري ستكون خصمًا مباشرا من حصتي مصر والسودان السنوية.
والعنصر الثانوي الذي قد يؤثِّر أيضًا في إيراد النهر ولكن بدرجة أقل كثيرًا يتمثل في السياسة التشغيلية للسدود،
وأشارت الورقة إلى أن نتائج الدراسات المصرية الحديثة للسدود الإثيوبيَّة أظهرت أنه حتى في حالة قيام إثيوبيا بإنشاء هذه السدود وملئها خلال فترة 40 عامًا كاملة فإنها سوف تتسبب في حدوث عجز مائي لدولتي المصبّ أثناء سنوات الملء, وأن هذا العجز سوف يحدث مرة على الأقل كل 4 سنوات، ويصل العجز المائي إلى 8 مليارات متر مكعب في السنة كحد أقصى، وذلك في حصة مصر وحدها، ويحدث عجزًا مماثلا في حصة السودان, وسوف تقلّ الكهرباء المولدة من السد العالي وخزان أسوان بحوالي20% سنويًّا (600 ميجاوات سنويًّا)
وتجدر الإشارة إلى أن مصر كانت قد رفضت دراسات الجدوى لهذه السدود لعدم الأخذ في الاعتبار الآثار السلبيَّة على دولتي المصب وتَمَّ إرسال ملاحظات مصر منذ منتصف العام الماضي إلى سكرتارية مبادرة حوض النيل, وإلى المكتب الفني لحوض النيل الشرقي, وإلى البنك الدولي والسوق الأوروبيَّة, وفي الوقت الحالي يجب الاستمرار في الحوار مع المانحين ومع الصين توضيحًا للآثار السلبية العديدة لهذه السدود وتأثيراتها العنيفة على كل من مصر والسودان، وأن هذا الموقف ليس ضد التنمية في إثيوبيا بل حماية لحقوقنا المائيَّة ومستقبل أمتنا.
وأضاف: لعل الضرر الرئيسى الذى يتحسب له المصريون والسوادنيون يكمن فى العجز المائى الخطير الذى سيحدث خلال فترة ملء الخزانات الإثيوبية فإذا كانت هذه الفترة قصيرة (من 3 ـ 5 سنوات فإن التأثير على العجز المائى فى مصر والسودان سيكون هائلا وربما كان أيضا مدمرا، أما إذا كانت هذه الفترة متوسطة (من 15 ـ 20 سنة) فربما كان الأثر أقل قسوة وأكثر إحتمالاـ أما إذا تم ملأ هذه الخزانات خلال فترة تزيد على 40 عاما فإن التأثير سيكون محتملا على الرغم من ذلك فإنه من المتوقع ان يتكرر العجز المائى فى هذه الحالة مرة كل أربع سنوات على وجه التقريب ويمكن ان يتراوح هذا العجز بين 9 ـ 12 مليار متر مكعب فى السنة فى حصة مصر وحدها وربما يقل العجز فى حصة السودان عن هذه الأرقام بقليل، ومن الضرورى أن نوضح هنا أن السعة التخزينية للسدود الإثيوبية ستكون خصما من المخزون أمام السدود السودانية والسد العالى فى مصر، وأن رى الأراضى الزراعية المزمع إدخالها فى الخدمة فى إثيوبيا والتى تصل مساحتها إلى 1.6 مليون هكتار(أو 4 ملايين فدان) سيكون خصما من حصة مصر والسودان بشكل مباشر يضاف إليها البخر من الأسطح المائية لهذه الخزانات الإثيوبية.
عن اخطار سد النهضة الاثيوبى والتى بدا الحديث عنها مؤخرا والتى وصفت بانها قد تمحو مدينة الخرطوم وصولا لاسوان يقول الدكتور مغاوري شحاتة أستاذ مصادر المياه ورئيس جامعة المنوفية سابقا:
اولا المعلومات التي تمتلكها مصر عن سد النهضة الأثيوبي قليلة جدا لأن أثيوبيا لم تفصح عن كل المعلومات الخاصة به ولكن في حدود المتاح فإن ارتفاع السد حوالي 200 متر ويقام علي هضبة ذات حواف شديدة الانحدار نظرا لطبيعة التضاريس الأثيوبية وهي تربة بركانية.
وأضاف إن إنشاء سد النهضة علي هذه التربة البركانية في أثيوبيا التي تتكون في معظمها من البازلت هو سهل التفتيت يمثل خطورة كبيرة علي أثيوبيا في حالة انهيار السد، كما يمثل تهديدا مباشرا للسودان نظرا لارتفاع منسوب الأراضي الأثيوبية كثيرا عن الأراضي السودانية.
وأوضح أن هناك عدة مشاكل فنية تواجه سد النهضة الأثيوبي أهمها أن البحيرة الخاصة بالسد ستكون في مجموعة من الوديان الضيقة التي تحيط بها الارتفاعات من كل الجوانب مما يعني أنها ستحتاج إلي مضخات عملاقة لرفع المياه من البحيرة، كما أن التربة رخوة وبها تبعات زلزالية وبالتالي هناك مخاطر كبيرة تهدد جسم السد وفي حالة انهياره سيغرق مساحات كبيرة من السودان .
واشار د. شحاتة الى إلي أماكن التقاء فروع الأنهار هي مكمن الخطورة لأنها هي التي تحدد كيفية إقامة السدود وأثيوبيا واحدة من الدول المتقدمة جدا في دراسات المياه السطحية بسبب اعتمادها علي خبراء أجانب، عدد كبير منهم من إسرائيل التي تمد أثيوبيا بالمعونات الفنية والخبراء .
هل اثيوبيا تحتاج لهذه السدود؟
يؤكد د مغاورى شحاتة أن السدود يصنعها الساسة وتدفع ثمنها الشعوب، ومحبس النيل الرئيسي في أثيوبيا و سد النهضة الذي تنوي أثيوبيا إنشاءه علي النيل والذي يمكن أن يهدد مصر مائيا لأن حجم التخزين أمامه يصل إلي 17 مليار متر مكعب من المياه وهناك دراسات تجري حاليا علي المشروع من أجل زيادة سعة بحيرته التخزينية إلي 74 مليار متر مكعب
كماأن أثيوبيا تنوي إقامة اكبر عدد من السدود علي معظم الروافد المغذية للنيل بهدف التوسع في إقامة مشروعات زراعية لتلبية احتياجاتها من الغذاء نظرا لأن عدد السكان في أثيوبيا يزيد قليلا عن عدد السكان في مصر بالإضافة إلي أنها الأعلي في معدل النمو السكاني .
وفي الغالب تلجأ لإقامة السدود علي الفروع المغذية للنيل من أجل الاستفادة منها في توليد الكهرباء خاصة أنها ليست في حاجة للمياه من أجل الزراعة لأن معظم الزراعة القائمة بها زراعة مطرية تعتمد علي المطر في المقام الأول .
وقال إن أثيوبيا قامت خلال الفترة الماضية بإزالة حوالي 40% من مساحة الغابات الموجودة بها وتبدأ حاليا في تحويل هذه الأراضي إلي أراض زراعية مشيرا إلي أن هناك العديد من الدول تقوم بالمشاركة حاليا في مزارع بأثيوبيا منها الصين وبعض الدول الأوربية وكذلك السعودية والكويت وقطر وهذا الأمر الذي من الممكن أن يؤثر علي الأمن المائي لمصر مشيرا إلي أن أثيوبيا حصلت العام الماضي علي منح ومعونات في مجال المياه والزراعة فقط تقدر بحوالي 12 مليار دولار.
مخالفة لكل الاعراف الدولية
يري الدكتور محمود أبو زيد وزير الري والموارد المائية الأسبق أن أوان تراجع اثيوبيا عن إقامة السد قد فات وأن التفاوض مع اثيوبيا مهم في المرحلة الحالية لأنها تعتبر سد النهضة مشروعا قوميا ا لتوليد الكهرباء والطاقة لذا يجب الجلوس علي مائدة المفاوضات والحصول علي تعهدات بإطالة أمد ملء خزان السد وطريقة تشغيله من خلال التشغيل المشترك بين مصر وإثيوبيا بأقل التأثيرات والسماح لمهندسين مصريين بتشغيله كما حدث مع أوغندا, كما يجب تعويض مصر عن الخسائر التي لحقت بها نتيجة بناء السد والنظر في تصميمات السد بحيث لا تسمح بأي آثار سلبية علي نهر النيل وحصة مصر
واضاف دكتور محمود أبو زيد أنه لابد أن تتفاوض مصر فى مؤتمر القمة الإفريقية الممثلة فى وزارة الرى ومجلس الوزراء ووزارة الخارجية مع دول حوض النيل وخاصة دولة أثيوبيا للمطالبة بثبات حصة مصر المائية المقدرة بـ 55 مليار متر مكعب .
كما طالب أبو زيد بضرورة الإتفاق مع الجانب الأثيوبى على الكمية التى يتم سحبها من المياه للسد بحيث يتم وضع كمية قليلة من المياه سنويا ، موضحا انه عند تشغيل سد النهضة الأثيوبى بكميات كبيرة من المياه ستعرض مصر الأزمة مياه خانقة، لذلك يطالب الجانب الاثيوبى بضرورة ترشيد المياه عند تشغيل السد ، والتقليل من حجم الإستثمارات الزراعية التى شهدتها دول حوض النيل مؤخرا من الدول الاجنبية والتى تؤثر على مصر تأثيرا بالغا.
وأشار إلى أن أثار سد النهضة الإثيوبي على مصر أكبر من السودان، ويجب دراسة كيفية تلافي تلك الآثار السلبية وليس دراسة وجودها من عدمه. ما يبدو أن تأثير السد سيكون أكبر على مصر من السودان، حيث أن هناك فوائد من إنشاء السد على السودان، من خلال تنظيم حركة الفيضانات، فضلاً عن أن نسبة الفيضانات المدمرة ستقل تدريجيـًا وهو ما يعني انخفاض ترسيب الطمي من السدود السودانية، وبالتالي يزيد عمرها.
وماذا تنفيذ أعمال بناء السد دون الرجوع إلى مصر أو دول حوض النيل يضيف قال : قيام الأثيوبيين بتنفيذ أعمال بناء السد دون الرجوع إلى مصر أو دول حوض النيل ضد كل الأعراف الدولية والإقليمية، حتى أن الاتفاقيه التي وقعوا عليها، بها أحد البنود التي تنص على أنه لابد من التشاور مع دول الحوض عندما يكون لدولة ما رغبه في انشاء منشاءات، وهو ما يدل على أهمية التشاور وهذا التشاور لم يتم طبعـًا، فعندما يتم التشاور تقوم الدول ببحث هل يوجد آثار سلبية أم لا.
وبعض الدراسات التي تمت في مصر والسودان تؤكد أن هناك آثار سلبية، وعندما قام الرئيس ورئيس الوزراء بزيارة إثيوبيا، اتفقوا على عمل لجنة ثلاثية تبحث هذه الآثار وتم تشكيل هذه اللجنة، ومن المقرر أن تقدم تقريرها قريبـًا.ومن المفترض أن تدرس اللجنة الآثار السلبية خلال عام، وليس المهم التقرير وإنما المهم كيف يمكن معالجة الآثار السلبية. وأكد الدكتور محمود أبوزيد وزير الري الأسبق أن تحويل مجري النيل الأزرق أمر طبيعي, ولكن الخطوة الأكثر خطورة هي بناء سد النهضة نفسه لما سوف يترتب عليه من آثار خطيرة, مطالبا الحكومة المصرية بضرورة التحرك الفوري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه
مصر رفضت الوساطة الدولية
أكد الدكتور محمد بهاء الدين وزير الموارد المائية والري رفض مصر لبعض دول الاتحاد الأوروبي للوساطة لتقريب وجهات النظر في الخلافات مع دول منابع النيل والمتعلقة باتفاقية عنتيبي. وأعلن الوزير ان مصر تفضل التعامل مع الخلافات وجها لوجه مع التقدير والشكر لمن عرض الوساطة. وصرح الوزير ان مصر تنتظر تقرير اللجنة الدولية المعنية بتقييم سد النهضة الاثيوبي ، حيث سيتم بناء عليه مجموعة من التحركات السياسية لمتابعة تنفيذ التوصيات ومتابعتها ومدي التزام الحكومة الاثيوبية بها وفقا
للقواعد والقوانين الدولية خاصة ان المؤشرات تؤكد وجود اثار سلبية شديدة
علي مصر والسودان من جراء انشاء السد.وأوضح الوزير انه لا قيمة حقيقية لاتفاقية عنتيبي حتي لو صدقت عليها برلمانات الدول الموقعة عليها بدون مصر والسودان مؤكداً ان هناك مجموعة من السيناريوهات وضعناها ووافقت عليها اللجنة العليا لمياه النيل برئاسة رئيس الوزراء تضع كل الاحتمالات في تصورها.