منذ أكثر من ثلاثين عاما اتابع قضايا المواطنين المصريين الأقباط ، تارة كصحفي واخري كباحث ، ولاحظت أن لا احد ينظر الي تلك القضية من منظور أزمة الدولة المدنية الحديثة ، منذ أكثر من ثلاثين عاما اتابع قضايا المواطنين المصريين الأقباط ، تارة كصحفي واخري كباحث ، ولاحظت أن لا احد ينظر الي تلك القضية من منظور أزمة الدولة المدنية الحديثة ، ولم يلحظ احد أن اول تجليات الازمة كانت 1910 “المؤتمر القبطي” ومن 1910وحتي “احداث العمرانية ” 2010 مضي قرن من الزمان ، وتبؤ الحكم في مصراربعة ملوك (عباس حلمي ،حسين كامل ،فؤاد ، فاروق ) وثلاثة رؤساء (عبد الناصر ،السادات ،مبارك)
ومن العصر الليبرالي الي العصر الناصري ، لم تشهد المرحلة اي اعتداءات علي أقباط أو علي الكنائس ، ولكن تم اضافة خانة الديانة للبطاقة الشخصية الامر الذي انسحب الي العديد من الوثائق الاخري ، كما تم حرمان الاقباط من الوظائف العليا في بعض اجهزة الدولة مثل المخابرات العامة .. ناهيك عن تحويل جامعة الازهرمن جامعة دينية الي جامعة مدنية يقتصر القبول فيها علي المواطنين المسلمين رغم انها تمول من أموال المصريين مسلمين وأقباط قبل ان ننتقل الي العصر الساداتي لابد ان نقرر ان الدولة في العصر الليبرالي كانت مدنية ولم تكن حديثة وفي العصر الناصري كانت حديثة ولم تكن مدنية نتيجة حكم العسكر ، وان كانت لم تحدث اي اضطرابات طائفية لان عبد الناصر كان لدية مشروع قومي استطاع من خلالة الحفاظ علي عوامل الاندماج القومي للامة المصرية والتي تأسست في ثورة 1919.
وأضاف اليها المشروع الناصري أفاق اجتماعية رحبة وخطط تنموية عظيمة خاصة في الصعيد المنسي وقضي تقريبا علي البطالة واصلح التعليم وسيطر علي الثقافة والاعلام ، لكن الاخوان كانوا بالسجون حتي 1972 وهكذ اجاء مشروع السادات بالتحالف مع الاخوان لضرب الناصريين والماركسيين ولكنة دون أن يدري ضرب اسس الدولة الحديثة وماتبقي من مدنية في مصر .. وانتقلت ظاهرة الإخوان المسلمين والتديين من خارج النظام السياسي الي داخلة ، وتسللت الي قمتة حيث تحالف السادات مع الجماعات المتأسلمة طبقيا وغير من المادة الثانية من الدستور بما يعطي مرجعية دستورية للاسلام السياسي ، وعبر الانفتاح الاقتصادي ضرب السادات الاساس الاجتماعي للمشروع الناصري وبدأت البطالة تطل برأسها وبدأ تهميش الصعيد مما مهد الطريق اجتماعيا للارهاب ، ولان الارهاب يبدأ فكرا فقد اصدر الشيخ عبد اللة الخطيب فتواة الشهيرة في العدد (57) من الدعوة (لسان حال الاخوان حينذاك) بعدم جواز بناء الكنائس الامر الذي تلقفتة الجماعات الارهابية التي ولدت من رحم الاخوان وبأخصاب من هذة الفتوي تم الاعتداء “شرعا” علي الكنائس (لاحظ بعد تحالف الاخوان مع صدقي وزيور قننت الشروط العشرة لبناء الكنائس وبعد التحالف مع السادات شرعنة فتوي الاخوان الاعتداء علي الكنائس).
في عصر مبارك خاصة العشر سنوات الاخيرة لم تعد الدولة مدنية ولا حديثة بل صارت دولة مملوكية (ظهر مشروع التوريث) وعكس ما يتصور الجميع كانت هذة المرحلة هي العصر الذهبي للاخوان حيث تم تمكينهم اقتصاديا (السيطرة علي 55% من تجارة العملة وبلغت عمليات المضاربة وغسيل الاموال اقصي مدي ، انظر ملفات قضايا الاخوان في تلك المرحلة) وعلي الصعيد السياسي وافق الاخوان علي التوريث مقابل التمكين في مجلس الشعب مثال صفقة ال88نائبا ) أضافة الي التمكين الدولي وتأسيس التحالف الاخواني الامريكي،ولان هناك علاقة جدلية بين تقدم الاخوان وتراجع الاقباط فأن هذة المرحلة ( كماذهب الباحث عبد الرحيم علي في كتاب الصفقة الذي فضح فية صفقة نظام مبارك مع الاخوان والجماعات الارهابية والمراجعات)
وبذلك تم تصدير الإرهاب للخارج وتخويف الأمريكان من فزاعة الاخوان مقابل ذلك تم تمكين الاخوان وتأهيلهم للحكم ،في تلك المرحلة من ذلك العصر تم القضاء علي عوامل الاندماج القومي (كما ذهب الباحث نبيل عبد الفتاح في كتابة سياسات الاديان) الامر الذي أدي الي انتشار ما اسماه الباحث سمير مرقص “فيروس التفكك” وبشكل قاعدي ، وان كان الارهاب والاعتداء علي الاقباط والكنائس تتم من خلال جماعات ارهابية فأنها الان تتم من خلال جماهير متعصبة ، ولايمكن في هذا السياق اهمال ظهور الجماعات السلفية التي تحالفت بالتواطئ مع نظام مبارك في مواجهة الاخوان وشرعت بعدم جواز الخروج علي الحاكم .. تلك الجماعات لم يكن لها من “عدو” تربي علية اعضائها سوي الاخر الديني وفي مقدمتهم المسيحيين ، هكذا تم القضاء علي عوامل الاندماج القومي والاساس الاجتماعي والاقتصادي للدولة المدنية،ويتم الان محاولة اجراء”جراحة ايكولوجية للوطن” عبر التهجير القسري للاقباط من اماكن الي اخري او التهجير الطوعي للاقباط لخارج البلاد عبر”صناعة التخويف”
وهكذا القضية اكبر مما يسمي “الفتنة الطائفية” ذلك المسمي الديني الذي فرض علينا بل الدولة تتفكك والامة تتفسخ ونحن نعيد انتاج التديين عبر الاعتماد علي حلول ما قبل الدولة المدنية مثل الحلول العرفية وفي احس الاحوال “بيت العائلة” اللهم اني قد ابلغت اللهم فاشهد