قال مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومؤسسة الكرامة، وهيومن رايتس ووتش اليوم إن على قاضي التحقيق المعين مؤخراً التحقيق في أحداث العنف التي وقعت ببورسعيد
قال مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومؤسسة الكرامة، وهيومن رايتس ووتش اليوم إن على قاضي التحقيق المعين مؤخراً التحقيق في أحداث العنف التي وقعت ببورسعيد منذ شهر أن يفتح تحقيقاً كاملاً في مسؤولية الشرطة عن وقائع القتل غير المشروع في سياق تلك الأحداث. حيث توفي 42 شخصاً، بينهم اثنان من ضباط الشرطة، بعد أن أوصت إحدى المحاكم في 26 يناير الماضى بالحكم على 21 من سكان بورسعيد بالإعدام لارتكاب جرائم قتل بعد مباراة لكرة القدم قبل عام ، ومن المقرر أن تتأكد العقوبة وأن يصدر حكماً على المتهمين الـ52 الباقين في 9 مارس الجاري.
وتشير الأدلة التي جمعتها المنظمات الأربع إلى أن الشرطة فتحت النار حين تعرضت لإطلاق نار يوم 26 يناير الماضى ، فقتلت وجرحت عدداً من المحتجين والمارة. كما استخدمت الشرطة الطلقات الحية في اليومين التاليين، حين كان التهديد الواقع على الأرواح غير واضح في أفضل الأحوال ، وبعد يومين من الاحتجاجات الشعبية في بورسعيد بسبب قتل المحتجين، قام وزير العدل أحمد مكي يوم 18 فبراير الماضى بتعيين قاضي تحقيقات، وهو عبد العزيز شاهين، للتحقيق في الأحداث. لكن أحداً من ضباط الشرطة لم يتهم بشيء.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “على الرئيس محمد مرسي أن يقر علناً بأن حق الشرطة في استخدام القوة المميتة ليس بدون ضوابط، حتى إذا تعرضت للهجوم، وأن يأمر الشرطة بقصر استخدام أي نوع من القوة على حالات الضرورة القصوى ، وإن غياب إصلاح الشرطة، وقوانين عهد مبارك التي تمنح الشرطة طلاقة يد في استخدام القوة المميتة، وغياب المحاسبة، تعني كلها أننا سنشهد مثل هذه الاستجابات المفرطة مراراً وتكراراً” بدون إنشاء أية آلية لمحاسبة أفرادها عند استخدام تلك السلطات.
وأكدت المنظمات أن تحقيق النيابة المبدئي في أحداث بورسعيد شابته مخالفات إجرائية، تشمل الاحتجاز التعسفي ومزاعم بالتعذيب ، و لم تبدأ النيابة التحقيق في الأحداث قبل 29 يناير ، فأدى التأخير لمدة 3 أيام إلى إعاقة التحقيق من البداية، حيث لم يزر وكلاء النيابة مسرح الأحداث ولا أشرفوا على تشريح الجثث. والأنكى أن وكلاء النيابة أخفقوا في استدعاء ضابط شرطة واحد لاستجوابه بشأن استجابة الشرطة، فلم يستجوبوا سوى السكان الـ36 المعتقلين حتى الآن بتهم حيازة واستخدام أسلحة نارية.
فى حين قام باحثون من المنظمات الأربع بزيارة بورسعيد لمدة 3 أيام ، وقاموا بجمع أدلة من شهود العيان وبزيارة المستشفيات وبإجراء المقابلات مع الطواقم الطبية والخبراء الجنائيين والمصابين وعائلات الضحايا. كما زاروا موقع إطلاق النار وراجعوا مقاطع فيديو وحصلوا على تقارير الصفة التشريحية وشهادات الوفاة. واوحت الصورة الناجمة عن هذا كله بأن ما يقرب من سبعة رجال مجهولي الهوية فتحوا النار على الشرطة أمام سجن بورسعيد العمومي، وكان هذا بعد وقت قليل من قيام قاض بالحكم على 21 من سكان المدينة بالإعدام في العاشرة صباحاً . وتمكن المسلحون الذين استخدم بعضهم أسلحة آلية من قتل 2 من ضباط الشرطة وجرح 10 آخرين في ما زعمت وزارة الداخلية أنه محاولة فاشلة لاقتحام السجن. إلا أن الوزارة لم تقدم أدلة تؤيد هذه النظرية، وشهادات الشهود الذين أجرت معهم المنظمات مقابلات لا تؤيد رواية الوزارة. ثم أطلق رجال الشرطة الذخيرة الحية من سطح السجن وساحاته، وبانتهاء الصباح كانت حصيلة القتلى قد بلغت 28 شخصا، هم ضابطا الشرطة و26 شخصاً من خارج السجن.
أكد الشهود أن الشرطة ظلت تطلق النار على الناس في محيط السجن لما يناهز الساعة بعد توقف النيران الموجهة إلى الشرطة، فتسببت في عدد من الوفيات والإصابات. وقال أحد كبار مسئولي الأمن في بورسعيد لإحدى المنظمات: “لم يُقتل أحد ممن أطلقوا النيران على الشرطة. ونحن الآن نقبض عليهم بناءً على ما التقطته كاميرات المراقبة”.
وضح حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: “بناءً على الأدلة المتوافرة، تحول ما قد يكون قد بدأ كفعل من أفعال الدفاع عن النفس إلى استخدام غير مشروع للقوة، حيث ظلت الشرطة تطلق النار بعد توقف التهديد الموجه ضدها بوقت طويل. وإذا صح هذا فإن هذا الاستخدام غير المشروع للقوة المميتة ليس سوى الأحدث من نوعه في قائمة طويلة من الحالات التي أظهرت فيها الشرطة المصرية ميلها الخطير لتجاوز القوانين التي تلتزم بحكم واجبها بحمايتها”.
وعلى مدار اليومين التاليين وقعت مواجهات إضافية بين الشرطة والمحتجين أمام قسمي شرطة العرب والمناخ، فقام بعض المحتجين بإطلاق الحجارة وزجاجات المولوتوف على الشرطة، التي ردت بإطلاق الذخيرة الحية الكثيفة والعشوائية، فتسببت في مقتل 7 أشخاص على الأقل. وبنهاية الأيام الثلاثة، ارتفعت حصيلة القتلى إلى 42، بينهم ضابطا الشرطة، واستقبلت المستشفيات المحلية 874 مصاباً، بحسب وزارة الصحة. كان أصغر الموتى سناً، وفق مراجعة لسجلات مديرية الشؤون الصحية، هو عبد الرحمن سلامة، 15 سنة.
أكد الدكتور عبد الرحمن فرح، مدير المستشفيات بمديرية الشؤون الصحية في بورسعيد، أن الأغلبية الساحقة من القتلى قتلوا بطلقات حية. وأصيب معظمهم في النصف الأعلى من الجسم، 11 منهم في منطقة الرأس والعنق، فيما أصيب اثنان بطلقات في الرأس من الخلف. قال طبيب شرعي قام بإجراء بعض عمليات التشريح إنه بخلاف رجل واحد توفي بنوبة قلبية نجمت عن التعرض المفرط للغاز المسيل للدموع، فإن الآخرين جميعاً أصيبوا بطلقات من عيار 7,62 ملم التي تستخدمها الشرطة، إلا أنها أيضاً متاحة على نطاق واسع في السوق السوداء. وخلص الطبيب الشرعي إلى أن معظم قتلى يوم 26 يناير أصيبوا من مبعدة ومن أعلى، بما يدل على احتمال إصابتهم من قبل رجال الشرطة الذين تمركزوا فوق سطح السجن وأطلقوا النار على الحشود بعد أن بدأ الهجوم على السجن. ورغم ذلك لم تعترف وزارة الداخلية ولا رئيس الجمهورية بأي خطأ من جانب الشرطة في بورسعيد. بل على العكس، قام الرئيس في خطابه بتوجيه الشكر إلى الشرطة وأصدر لها تعليماته بالتعامل “بمنتهى الحزم والقوة” مع أي عنف أو اعتداء على الأمن، لكنه لم يذكر الالتزام بالتحقيق في تجاوزات الشرطة. وأعلن بدلاً من هذا فرض حالة الطوارئ وحظر التجول الليلي من التاسعة مساءً إلى السادسة صباحاً لمدة 30 يوماً، وهو ما تجاهله السكان سريعاً بالمسيرات الليلية ومباريات كرة القدم.
سير التحقيق حتى الآن
كما شابت التحقيق مخالفات وأخطاء إجرائية من البداية، كما قالت المنظمات. في ليلتي 29 و30 يناير حيث قامت الشرطة والشرطة العسكرية في بورسعيد بإلقاء القبض على 22 مشتبهاً بهم بعد مداهمة منازلهم للاشتباه في تورطهم في “إطلاق النار على المتظاهرين”. قال محمد خضر، أحد محامي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الذي يمثل المحتجزين، إن الشرطة أخذت المحتجزين إلى معسكر الأمن المركزي ببورسعيد واحتجزتهم هناك دون وجه حق لمدة يومين، بما أن معسكرات الأمن المركزي لا تعد مقرات مشروعة للاحتجاز بموجب القانون المصري.
وفي 30 يناير أمر المحامي العام لنيابات بورسعيد أمير أبو العز بحبس المحتجزين لمدة 4 أيام ، لكن مسئولي الأمن أخفقوا في عرض المحتجزين على قاض في نهاية تلك المدة لتجديد الحبس، وبدلاً من أن يأمر القاضي بالتحقيق في مكان المحتجزين وظروف حبسهم، أجّل جلسة التجديد لمدة أسبوع. في الجلسة التالية، يوم 9 فبراير/شباط، أمر القاضي بتمديد حبسهم لمدة 15 يوماً أخرى.
قال نيازي إبراهيم يوسف، وهو محام آخر يمثل المحتجزين، إن معظمهم تعرض للتعذيب بما فيه الصعق الكهربي والجلد، وقدم طلباً لمكتب النيابة في بورسعيد يوم 10 فبراير بعرضهم على الطبيب الشرعي، وهو ما رفضت النيابة أن تسمح به ، كما اتهمت النيابة المشتبه بهم الـ22 بقتل البلكي، أحد ضابطي الشرطة المقتولين يوم 26 يناير الماضى ، عمداً مع سبق الإصرار والترصد، وقتل الـ26 مدنياً الذين ماتوا في محيط سجن بورسعيد.و قالت المنظمات إن هذه التهم مؤشر مقلق على عدم استعداد النيابة لمحاسبة ضباط الشرطة أو الإقرار بدورهم في العنف.
توصيات
ويتوجه مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومؤسسة الكرامة، وهيومن رايتس ووتش إلى السلطات المصرية بالتوصيات التالية: العمل على قيام قاضي التحقيقات بإجراء تحقيق مستقل ومحايد في أحداث بورسعيد ، وضمان تقديم أي شخص تظهر ضده أدلة بأي جرم، بما فيه القتل غير المشروع والاستخدام غير المشروع للقوة، إلى المحاكمة. والتحقيق في مسؤولية أي مسئول أمني أمر أو شجع على ذلك الرد أو أخفق في ممارسة الضبط اللازم للقوات على مدار الأيام الثلاثة، وضمان حصول ضحايا أي انتهاك لحقوق الإنسان وعائلاتهم على تعويض مناسب ، نشر تقرير لجنة تقصي الحقائق الرئاسية التي حققت في وقائع عنف الشرطة ضد المتظاهرين في الفترة بين يناير 2011 ويونيو 2012 ورفعت تقريرها إلى الرئيس في نهاية ديسمبر 2012 ، مع إعطاء الأولوية لإصلاح قوات الأمن المركزي. وعلى الرئيس أن يراجع الأوامر التي يصدرها مسئولو وزارة الداخلية للقوات على مستوى الشارع وأن يأمر الوزارة علناً بالالتزام بالمعايير الدولية فيما يتعلق باستخدام القوة والأسلحة النارية، وخاصة مبادئ الأمم المتحدة الأساسية المتعلقة باستخدام القوة والأسلحة النارية.
بالاضافة لتعديل المادة 102 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لعام 1971 بحيث تقصر استخدام القوة المميتة على حالات الدفاع عن النفس أو الآخرين ضد تهديد وشيك بالموت أو بالإصابة الخطيرة، أو لمنع ارتكاب جريمة بالغة الخطورة ، وهذا فقط حينما يثبت عدم كفاية الوسائل الأقل شدة لتحقيق هذه الأهداف. والتشاور مع مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحرية التجمع وتكوين الجمعيات بشأن كيفية ضمان أمن المتظاهرين وتنظيم الاحتجاجات السلمية ، إلغاء مرسوم وزارة الداخلية رقم 156/1964 الذي يسمح باستخدام الذخيرة الحية لتفريق المتظاهرين، وإبداله بمرسوم يتفق مع المعايير الدولية للحفاظ على الأمن ، تعديل قانون السلطة القضائية بحيث يضمن الاستقلال التام لمكتب النائب العام عن الحكومة ، القبول دون إبطاء لكافة طلبات الزيارة المعلقة المقدمة من مقرري الأمم المتحدة والفرق العاملة المواضيعية الخاصة .
وتشير الأدلة التي جمعتها المنظمات الأربع إلى أن الشرطة فتحت النار حين تعرضت لإطلاق نار يوم 26 يناير الماضى ، فقتلت وجرحت عدداً من المحتجين والمارة. كما استخدمت الشرطة الطلقات الحية في اليومين التاليين، حين كان التهديد الواقع على الأرواح غير واضح في أفضل الأحوال ، وبعد يومين من الاحتجاجات الشعبية في بورسعيد بسبب قتل المحتجين، قام وزير العدل أحمد مكي يوم 18 فبراير الماضى بتعيين قاضي تحقيقات، وهو عبد العزيز شاهين، للتحقيق في الأحداث. لكن أحداً من ضباط الشرطة لم يتهم بشيء.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “على الرئيس محمد مرسي أن يقر علناً بأن حق الشرطة في استخدام القوة المميتة ليس بدون ضوابط، حتى إذا تعرضت للهجوم، وأن يأمر الشرطة بقصر استخدام أي نوع من القوة على حالات الضرورة القصوى ، وإن غياب إصلاح الشرطة، وقوانين عهد مبارك التي تمنح الشرطة طلاقة يد في استخدام القوة المميتة، وغياب المحاسبة، تعني كلها أننا سنشهد مثل هذه الاستجابات المفرطة مراراً وتكراراً” بدون إنشاء أية آلية لمحاسبة أفرادها عند استخدام تلك السلطات.
وأكدت المنظمات أن تحقيق النيابة المبدئي في أحداث بورسعيد شابته مخالفات إجرائية، تشمل الاحتجاز التعسفي ومزاعم بالتعذيب ، و لم تبدأ النيابة التحقيق في الأحداث قبل 29 يناير ، فأدى التأخير لمدة 3 أيام إلى إعاقة التحقيق من البداية، حيث لم يزر وكلاء النيابة مسرح الأحداث ولا أشرفوا على تشريح الجثث. والأنكى أن وكلاء النيابة أخفقوا في استدعاء ضابط شرطة واحد لاستجوابه بشأن استجابة الشرطة، فلم يستجوبوا سوى السكان الـ36 المعتقلين حتى الآن بتهم حيازة واستخدام أسلحة نارية.
فى حين قام باحثون من المنظمات الأربع بزيارة بورسعيد لمدة 3 أيام ، وقاموا بجمع أدلة من شهود العيان وبزيارة المستشفيات وبإجراء المقابلات مع الطواقم الطبية والخبراء الجنائيين والمصابين وعائلات الضحايا. كما زاروا موقع إطلاق النار وراجعوا مقاطع فيديو وحصلوا على تقارير الصفة التشريحية وشهادات الوفاة. واوحت الصورة الناجمة عن هذا كله بأن ما يقرب من سبعة رجال مجهولي الهوية فتحوا النار على الشرطة أمام سجن بورسعيد العمومي، وكان هذا بعد وقت قليل من قيام قاض بالحكم على 21 من سكان المدينة بالإعدام في العاشرة صباحاً . وتمكن المسلحون الذين استخدم بعضهم أسلحة آلية من قتل 2 من ضباط الشرطة وجرح 10 آخرين في ما زعمت وزارة الداخلية أنه محاولة فاشلة لاقتحام السجن. إلا أن الوزارة لم تقدم أدلة تؤيد هذه النظرية، وشهادات الشهود الذين أجرت معهم المنظمات مقابلات لا تؤيد رواية الوزارة. ثم أطلق رجال الشرطة الذخيرة الحية من سطح السجن وساحاته، وبانتهاء الصباح كانت حصيلة القتلى قد بلغت 28 شخصا، هم ضابطا الشرطة و26 شخصاً من خارج السجن.
أكد الشهود أن الشرطة ظلت تطلق النار على الناس في محيط السجن لما يناهز الساعة بعد توقف النيران الموجهة إلى الشرطة، فتسببت في عدد من الوفيات والإصابات. وقال أحد كبار مسئولي الأمن في بورسعيد لإحدى المنظمات: “لم يُقتل أحد ممن أطلقوا النيران على الشرطة. ونحن الآن نقبض عليهم بناءً على ما التقطته كاميرات المراقبة”.
وضح حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: “بناءً على الأدلة المتوافرة، تحول ما قد يكون قد بدأ كفعل من أفعال الدفاع عن النفس إلى استخدام غير مشروع للقوة، حيث ظلت الشرطة تطلق النار بعد توقف التهديد الموجه ضدها بوقت طويل. وإذا صح هذا فإن هذا الاستخدام غير المشروع للقوة المميتة ليس سوى الأحدث من نوعه في قائمة طويلة من الحالات التي أظهرت فيها الشرطة المصرية ميلها الخطير لتجاوز القوانين التي تلتزم بحكم واجبها بحمايتها”.
وعلى مدار اليومين التاليين وقعت مواجهات إضافية بين الشرطة والمحتجين أمام قسمي شرطة العرب والمناخ، فقام بعض المحتجين بإطلاق الحجارة وزجاجات المولوتوف على الشرطة، التي ردت بإطلاق الذخيرة الحية الكثيفة والعشوائية، فتسببت في مقتل 7 أشخاص على الأقل. وبنهاية الأيام الثلاثة، ارتفعت حصيلة القتلى إلى 42، بينهم ضابطا الشرطة، واستقبلت المستشفيات المحلية 874 مصاباً، بحسب وزارة الصحة. كان أصغر الموتى سناً، وفق مراجعة لسجلات مديرية الشؤون الصحية، هو عبد الرحمن سلامة، 15 سنة.
أكد الدكتور عبد الرحمن فرح، مدير المستشفيات بمديرية الشؤون الصحية في بورسعيد، أن الأغلبية الساحقة من القتلى قتلوا بطلقات حية. وأصيب معظمهم في النصف الأعلى من الجسم، 11 منهم في منطقة الرأس والعنق، فيما أصيب اثنان بطلقات في الرأس من الخلف. قال طبيب شرعي قام بإجراء بعض عمليات التشريح إنه بخلاف رجل واحد توفي بنوبة قلبية نجمت عن التعرض المفرط للغاز المسيل للدموع، فإن الآخرين جميعاً أصيبوا بطلقات من عيار 7,62 ملم التي تستخدمها الشرطة، إلا أنها أيضاً متاحة على نطاق واسع في السوق السوداء. وخلص الطبيب الشرعي إلى أن معظم قتلى يوم 26 يناير أصيبوا من مبعدة ومن أعلى، بما يدل على احتمال إصابتهم من قبل رجال الشرطة الذين تمركزوا فوق سطح السجن وأطلقوا النار على الحشود بعد أن بدأ الهجوم على السجن. ورغم ذلك لم تعترف وزارة الداخلية ولا رئيس الجمهورية بأي خطأ من جانب الشرطة في بورسعيد. بل على العكس، قام الرئيس في خطابه بتوجيه الشكر إلى الشرطة وأصدر لها تعليماته بالتعامل “بمنتهى الحزم والقوة” مع أي عنف أو اعتداء على الأمن، لكنه لم يذكر الالتزام بالتحقيق في تجاوزات الشرطة. وأعلن بدلاً من هذا فرض حالة الطوارئ وحظر التجول الليلي من التاسعة مساءً إلى السادسة صباحاً لمدة 30 يوماً، وهو ما تجاهله السكان سريعاً بالمسيرات الليلية ومباريات كرة القدم.
سير التحقيق حتى الآن
كما شابت التحقيق مخالفات وأخطاء إجرائية من البداية، كما قالت المنظمات. في ليلتي 29 و30 يناير حيث قامت الشرطة والشرطة العسكرية في بورسعيد بإلقاء القبض على 22 مشتبهاً بهم بعد مداهمة منازلهم للاشتباه في تورطهم في “إطلاق النار على المتظاهرين”. قال محمد خضر، أحد محامي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الذي يمثل المحتجزين، إن الشرطة أخذت المحتجزين إلى معسكر الأمن المركزي ببورسعيد واحتجزتهم هناك دون وجه حق لمدة يومين، بما أن معسكرات الأمن المركزي لا تعد مقرات مشروعة للاحتجاز بموجب القانون المصري.
وفي 30 يناير أمر المحامي العام لنيابات بورسعيد أمير أبو العز بحبس المحتجزين لمدة 4 أيام ، لكن مسئولي الأمن أخفقوا في عرض المحتجزين على قاض في نهاية تلك المدة لتجديد الحبس، وبدلاً من أن يأمر القاضي بالتحقيق في مكان المحتجزين وظروف حبسهم، أجّل جلسة التجديد لمدة أسبوع. في الجلسة التالية، يوم 9 فبراير/شباط، أمر القاضي بتمديد حبسهم لمدة 15 يوماً أخرى.
قال نيازي إبراهيم يوسف، وهو محام آخر يمثل المحتجزين، إن معظمهم تعرض للتعذيب بما فيه الصعق الكهربي والجلد، وقدم طلباً لمكتب النيابة في بورسعيد يوم 10 فبراير بعرضهم على الطبيب الشرعي، وهو ما رفضت النيابة أن تسمح به ، كما اتهمت النيابة المشتبه بهم الـ22 بقتل البلكي، أحد ضابطي الشرطة المقتولين يوم 26 يناير الماضى ، عمداً مع سبق الإصرار والترصد، وقتل الـ26 مدنياً الذين ماتوا في محيط سجن بورسعيد.و قالت المنظمات إن هذه التهم مؤشر مقلق على عدم استعداد النيابة لمحاسبة ضباط الشرطة أو الإقرار بدورهم في العنف.
توصيات
ويتوجه مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومؤسسة الكرامة، وهيومن رايتس ووتش إلى السلطات المصرية بالتوصيات التالية: العمل على قيام قاضي التحقيقات بإجراء تحقيق مستقل ومحايد في أحداث بورسعيد ، وضمان تقديم أي شخص تظهر ضده أدلة بأي جرم، بما فيه القتل غير المشروع والاستخدام غير المشروع للقوة، إلى المحاكمة. والتحقيق في مسؤولية أي مسئول أمني أمر أو شجع على ذلك الرد أو أخفق في ممارسة الضبط اللازم للقوات على مدار الأيام الثلاثة، وضمان حصول ضحايا أي انتهاك لحقوق الإنسان وعائلاتهم على تعويض مناسب ، نشر تقرير لجنة تقصي الحقائق الرئاسية التي حققت في وقائع عنف الشرطة ضد المتظاهرين في الفترة بين يناير 2011 ويونيو 2012 ورفعت تقريرها إلى الرئيس في نهاية ديسمبر 2012 ، مع إعطاء الأولوية لإصلاح قوات الأمن المركزي. وعلى الرئيس أن يراجع الأوامر التي يصدرها مسئولو وزارة الداخلية للقوات على مستوى الشارع وأن يأمر الوزارة علناً بالالتزام بالمعايير الدولية فيما يتعلق باستخدام القوة والأسلحة النارية، وخاصة مبادئ الأمم المتحدة الأساسية المتعلقة باستخدام القوة والأسلحة النارية.
بالاضافة لتعديل المادة 102 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لعام 1971 بحيث تقصر استخدام القوة المميتة على حالات الدفاع عن النفس أو الآخرين ضد تهديد وشيك بالموت أو بالإصابة الخطيرة، أو لمنع ارتكاب جريمة بالغة الخطورة ، وهذا فقط حينما يثبت عدم كفاية الوسائل الأقل شدة لتحقيق هذه الأهداف. والتشاور مع مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحرية التجمع وتكوين الجمعيات بشأن كيفية ضمان أمن المتظاهرين وتنظيم الاحتجاجات السلمية ، إلغاء مرسوم وزارة الداخلية رقم 156/1964 الذي يسمح باستخدام الذخيرة الحية لتفريق المتظاهرين، وإبداله بمرسوم يتفق مع المعايير الدولية للحفاظ على الأمن ، تعديل قانون السلطة القضائية بحيث يضمن الاستقلال التام لمكتب النائب العام عن الحكومة ، القبول دون إبطاء لكافة طلبات الزيارة المعلقة المقدمة من مقرري الأمم المتحدة والفرق العاملة المواضيعية الخاصة .