عاد التمثال النصفي لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، على رأس قاعدته الهرمية بالميدان الذي يحمل اسمه بطريق الكورنيش بمدينة المنيا. وذلك بعد واقعة اختفائه منذ أسابيع قليلة. وحسناً فعل محافظ المنيا الدكتور مصطفى كامل عيسى ورئيس الوحدة المحلية لمدينة المنيا إسماعيل الفحام، بقرار سرعة تصميم تمثال نصفي جديد. حيث تم التنسيق مع جامعة المنيا لتصميم التمثال، وتم تنفيذه بكلية الفنون الجميلة.
أما الدكتور طه حسين (1889- 1973م) لمن لا يعرفه أو لا يقدر قيمته من دعاة الظلام، فهو الأديب والمفكر المصري الكبير وأحد الأركان الأساسية في تكوين العقل العربي المعاصر، له دور مهم في صياغة الحياة الفكرية في مصر والعالم العربي، كما كان مدرسة حديثة ورائدة في الأدب العربي الحديث. ومازالت أعماله ومعاركه الأدبية والفكرية من أجل التقدم للأمام والتخلي عن الخرافات التي حاصرت وقيدت العقل العربي لعدة قرون من أهم الروافد التي يتسلح بها كل من يسعى نحو النهضة والتقدم.
ولم يكن طه حسين مجرد مفكر ولكنه كان ركناً مهماً من حقبة كاملة هي حقبة التنوير في الفكر العربي. فمازال الفكر والعطاء الذي خلفه هذا العملاق أحد أهم مصادر الاستنارة في الحياة النقدية في العالم العربي.
ولد طه حسين في إحدى قرى مركز مغاغة محافظة المنيا، وقد أصابه رمد ذهب ببصره وأصبح مكفوفاً منذ طفولته. في عام 1902م انتقل إلى القاهرة متوجهاً إلى الأزهر الشريف طلباً للعلم. وفي عام 1908م التحق بالجامعة المصرية وتلقى دروساً في الحضارة الإسلامية والحضارة المصرية القديمة ودروس الجغرافيا والتاريخ واللغات السامية والفلك والأدب والفلسفة على أيدي أساتذة مصريين وأجانب. وفي تلك الفترة أعد رسالة الدكتوراه عام 1914م.
في نفس العام التحق بجامعة مونبلييه بفرنسا. وفي عام 1915م أكمل بعثته في باريس وتلقى دروساً في التاريخ ثم في الاجتماع. وحصل على دكتوراه في الاجتماع عام 1919م, ثم حصل في نفس العام على دبلوم الدراسات العليا في اللغة اللاتينية وكان قد اقترن في 9 أغسطس 1917م بالسيدة سوزان التي كانت لها أثر كبير في حياته.
في عام 1919م عاد طه حسين إلى مصر وعُين أستاذا للتاريخ اليوناني والروماني واستمر كذلك حتى عام 1925م حيث تحولت الجامعة المصرية في ذلك العام إلى جامعة حكومية وعُين طه حسين أستاذا لتاريخ الأدب العربى بكلية الآداب.
وفي عام 1942م، أصبح مستشاراً لوزير المعارف ثم مديراً لجامعة الإسكندرية حتى أحيل للتقاعد في 16 أكتوبر 1944م واستمر كذلك حتى 13 يناير 1950م عندما عين لأول مرة وزيراً للمعارف في حكومة الوفد. وكانت تلك آخر المهام الحكومية التى تولاها طه حسين حيث انصرف بعد ذلك وحتى وفاته إلى الإنتاج الفكري والنشاط في العديد من المجامع العلمية التي كان عضواً بها من داخل وخارج مصر.
أنتج طه حسين أعمالاً فكرية كثيرة تدعو إلى النهضة والتنوير, إلى جانب أعمال أدبية منها الروايات والقصص القصيرة والشعر. ومن مؤلفاته: على هامش السيرة، الأيام، حديث الأربعاء، مستقبل الثقافة في مصر، الوعد الحق، في الشعر الجاهلي، المعذبون في الأرض، صوت أبي العلاء، من بعيد، دعاء الكروان، فلسفة ابن خلدون الاجتماعية، الديمقراطية في الإسلام، طه حسين والمغرب العربى.
إن طه حسين، وحسب موقع الهيئة العامة للاستعلامات، قد قام بدور اجتماعي وسياسي كبير في إنهاض المجتمع المصري وتنوير العقل العربي, وارتبطت به دعوة مبكرة من أجل مجانية التعليم، وهي الدعوة التي قادها تحت شعار العلم كالماء والهواء حق لكل إنسان.