تأتي ذكرى الفنان محمد حمام بعد مرور عامين على الثورة وسط تجاهل رسمي وإعلاني مريب وغير مبرر وكأنه قد كتب على أعمال الفنان محمد حمام الحصار والمنع والحذر في حياته وبعد رحيله أيضا فأغاني حمام واضح إنها ممنوعة من الإذاعة على طريقة المحظورات القديمة لأجهزة الأمن السياسي والرقابة الأمنية ….
وتناسى هؤلاء أن أعمال محمد حمام ستظل محفورة في الذاكرة الوطنية للشعب المصري الأصيل وهي الذاكرة التي تحفظ المقامات للحركة الوطنية وللفن والزمن الجميل المرتبط بأصالة وإبداعات هذا الشعب الجميل
ولعلنا نتساءل لماذا يتم تجاهل محمد حمام بأغانيه الوطنية الجميلة والمعبرة …. ولعل أشهرها أغنية يابيوت السويس يابيوت مدينتي استشهد تحتك وتعيشي أنتي كلمات الشاعر عبد الرحمن الابنودي….التي بشر فيها أبناء السويس والقناة بالانتصار على إسرائيل للتعمير من جديد .
والسؤال هو هل كان منع أغنية ” يابيوت السويس ” مرتبطا بقرار رئيس الجمهورية بفرض حالة الطوارئ وحظر التجوال على السويس ومدن القناة .
هذا القرار الذي اتخذ كعقاب جماعي لأهالي مدن القناة على المطالبة بتحقيق أهداف الثورة في ذكراها الثانية …. هذا مجرد سؤال ؟!
لقد ارتبط الفنان محمد حمام من خلال أغانيه للعمال والفلاحين بالأغاني الجميلة منها أغنية ( عمرنا رحلة ) وخطوانا على الارض رحلة صعبة ورحلة سهلة ….
فكيف يتم تجاهل قيمة الغناء عند محمد حمام بأغانيه المعبرة ” والله لبكرة يطلع النهار ياخال ” وبحلم ياخاله بيوم معدول يفرش ضياه على الفلاحين يملأ صوامعهم غلال ويبيض العجين .. ولماذا تجاهل أغنية ” جدف يا مركبي على المينا واعوة تغلط في المينا .. وأغنية ” ياام الخدود التفاحي ”
و ” آه ياليل ” ورائعته الرومانسية أغنية ” يابلاش ياتداري جروحي يابلاش ” و ” طاب العنب ” …وغيرها من الأغاني العذبة والشجية بصوت حمام وحنجرته الجميلة …. حين كان ينطلق ” امايا يااما ياستري وغطاي وسكانه جوابه في الحتة اللي بيعلى منها ضحكي وبكايا يااما يااما ” وأغنية ” إحنا ولآد النوبة تعرفنا من طواقينا ..” لقد ارتبطت أغاني محمد حمام بكل شيء جميل بكلمات الابنودي وسيد حجاب والموهوب عبد الرحيم محمود وبألحان إبراهيم رجب وحسن نشأت ….وغيرهم من المبدعين .
لقد كانت وحدة الأفعال والأقوال عند حمام واحدة فكان يغني ما يصدقه ويفعله كما انحاز للفقراء والبسطاء المهمشين والكادحين من العمال والفلاحين حين انحاز لعضوية بيت اليسار المصري ( بحزب التجمع ) ليصل إلى عضوية المكتب السياسي … ومن قبل كان أول مغني يتم اعتقاله مع المفكرين والكتاب اليساريين في سجن الواحات ضمن كوكبة من أبناء الوطن بينهم الفنان على الشريف ..و د / يوسف إدريس .. عبد الستار الطويلة … رفعت السعيد ..وغيرهم .
لقد كان حمام سفيرا فوق العادة لمصر حين كان يغني في باريس بلد النور والثقافة … وحين كان يمثل الوطن في مهرجان الأغاني الثورية والوطنية في موسكو ..وحين غنى مع الثوار الفلسطينين مع ياسر عرفات وجورج حبش وشارك بالأغاني مع منظمه البولوساريوا في المغرب العربي أملا في الاستقلال .
وهو المهندس المدني الذي أقام العمارات الشعبية في مدينة العاشر ولم يسرق ولم يرتشي متجنبا ومبتعدا عن المال الحرام .تبقى
تحية لمحمد حمام الفنان في ذكراه إنسانا مصريا نبيلا معجون بالطمي النيلي الأسواني النوبي السويسي وملح الأرض .. سلاما على محمد حمام فنانا وإنسانا ومناضلا من من أجل قضايا الإنسان المصري المهموم بوطنه.