فرغت الأسبوع الماضي من تناول المواد المعيبة في الدستور الجديد-عرضا وتحليلا وطرحا للبدائل-بأمل إيجاد مخرج إيجابي للمأزق السياسي الذي يكاد يعصف بالساحة السياسية.فمصر تقف الآن بعد عامين من ثورتها
فرغت الأسبوع الماضي من تناول المواد المعيبة في الدستور الجديد-عرضا وتحليلا وطرحا للبدائل-بأمل إيجاد مخرج إيجابي للمأزق السياسي الذي يكاد يعصف بالساحة السياسية.فمصر تقف الآن بعد عامين من ثورتها أمة منقسمة علي نفسها حائرة بين حكم فاشل في توحيدها أو إدارتها,وبين قوي معارضة مهتزة عقيمة غير قادرة علي قيادة الشارع الغاضب المقهور اللهم إلا في تأجيج مشاعره واستنزافه.
أعرف أن الواقع مترد ومؤسف…أعرف أن مصر وهي تحتفل بمرور عامين علي ثورتها لم تملكها الفرحة بل الحسرة…أعرف أن كل حشد في ميادين مصر مهما كانت دوافعه ثورية وسلمية سرعان ما ينقلب إلي عنف دموي يرفع رصيد الثورة من المصابين والشهداء والغضب والقهر…أعرف أن ملامح عصر مبارك تعود بوجهها القبيح من الاستبداد السياسي إلي التوحش الأمني,وأن انفصال القيادة السياسية عن الشارع بات حقيقة مستفزة فجرت صيحات الثوار مطالبة برحيل مرسي مثلما رحل مبارك قبل عامين…لكن مهلا…هل مرسي ونظامه وجماعته وحكومته مسئولون وحدهم عن هذه الحالة من الغضب والقهر التي تنتاب الشارع؟أستطيع أن أقول إنهم بالفعل صنعوها,لكنهم ليسوا وحدهم الذين يساهمون في تأجيجها,بل تشترك معهم قوي المعارضة التي لا تملك سوي أدوات الشجب والرفض والاحتجاج وتترك البلاد في أزمتها السياسية دون أدني محاولة لتحريك الأمور في اتجاه الإنقاذ.
نعم هي تطلق علي نفسهاجبهة الإنقاذ لكن يبدو أنها في حاجة إلي إنقاذ!!….لأنه بينما القيادة في المعترك السياسي ينبغي أنتقود ولا تقاد,نجد أن جبهة الإنقاذ تفتقر إلي الخيال السياسي في التعامل مع المأزق الحالي ولا تملك إلا الاستسلام لمشاعر الغضب المتفشية في الشارع…مشاعر الغضب مفهومة ومبررة,لكن علي القيادة بلورة المخرج الحكيم الوطني الذي يوظف تلك المشاعر في الضغط للوصول إلي الهدف وليس في الصراخ الذي ينتهي بالإحباط والحسرة.جبهة الإنقاذ لايمكن أن ينحصر دورها في إطلاق التصريحات الرافضة وصياغة البيانات الشاجبة في مواجهة حكم مستبد مستحوذ ومخادع لأن التصريحات والبيانات وإن كانت تدغدغ مشاعر الثوار مؤقتا,تفشل في تحريك المياه الراكدة أو خلق موقف إيجابي شجاع يخرجنا من الأزمة المستحكمة.
الكل يعرف واقع استحواذ الرئيس وحكومته وجماعته علي السلطة…لا أحد ينس جميع صور التسلط والمواربة واختطاف الثورة لصالح تيار الإسلام السياسي وأنصاره…ميراث الخديعة والمرارة المتخلف عن مائدة الحوار الوطني الأولي والجمعية التأسيسية للدستور لا يغيب عن أذهاننا…عدم التصديق وأزمة الثقة يسيطران علي الثوار والشارع في دائرة المعارضة إزاء دعوات الرئيس مرسي لمائدة حوار وطني ثانية…مرة أخري كل ذلك مفهوم ومبرر,لكن غير المفهوم وغير المبرر إسراع قياداتجبهة الإنقاذ برفض الدعوة والإسراف في ترديد فشل مائدة الحوار الأولي وعدم ثقتهم في جدية الدعوة لمائدة حوار ثانية ومطالبتهم الرئيس تقديم ضمانات مسبقة شرطا لقبولهم الدعوة.
هذا الموقف من جانب جبهة الإنقاذ لا يتسق مع ضرورات العمل الوطني في هذه المرحلة,فلايمكن لفريق وحده أن ينجح في قيادة البلاد عبر المرحلة الانتقالية التي تحولت إلي ما يشبه الحرب الأهلية بين المصريين,وبات محتما أن يبادر العقلاء بطرح الحلول الجريئة الشجاعة للخروج من الأزمة,وتصور مقاطعة مائدة الحوار الوطني-حتي وإن كان ذلك بناء علي خبرات سلبية سابقة-ليس من الأدوات التي تؤدي إلي تحريك الأمور في الاتجاه الصحيح,كما أن الأمر المثير للاستغراب أن قياداتجبهة الإنقاذ تمتلك من الخبرات السياسية والكفاءات التفاوضية التي تمكنها من الجلوس إلي مائدة الحوار الوطني دون أدني مخاوف أو هواجس…شخصيات مثل محمد البرادعي وعمرو موسي وحمدين صباحي وغيرهم…وغيرهم….تستطيع أن تجلس إلي المائدة وتقود الحوار بكل ثقة ويكون غضب الشارع وقودا مؤازرا لها بدلا من أن يكون بركانا معطلا لحركتها…هذا ما قصدته عندما قلت إن القيادةتقود ولا تقاد…وحتي إذا حدث المحظور وفشلت مائدة الحوار الوطني الثانية في تلبية تطلعات المعارضة في تعديل دستور يتربص بالمصريين أو في تشكيل حكومة وحدة وطنية تقود البلاد في المرحلة الراهنة,فلن تخسرجبهة الإنقاذ وسوف يحسب لها أنها ذهبت وشاركت بدلا من اتهامها بالسلبية ويستطيع وقتها قادتها أن يخرجوا ليقولوا للرأي العام إنهم حاولوا ولكنهم فشلوا في تحريك جمود المواقف واكتشفوا عدم صدق النوايا مرة أخري…وهنا أقطع بأن حساب الشارع مع الرئاسة والنظام والجماعة سيكون عسيرا.
لكن لا يفوتني في هذا الصدد أن أسجل أنه بينما كنت أتوقع منجبهة الإنقاذ المشاركة في مائدة الحوار دون شروط أو ضمانات مسبقة,وجدت حزب النور السلفي يلعب هذا الدور بشجاعة ووضوح,حيث ذهب أقطابه إلي مائدة الحوار ليطرحوا مبادرة إيجابية للخروج من الأزمة وإزالة حالة الاحتقان السائدة بين القوي السياسية…مبادرة تراهن علي أن سبيل الحوار بين أبناء الوطن هو السبيل الوحيد لإنهاء حالة الصراع ووضع حد لاستشراء العنف والفوضي…مبادرة قوامها تشكيل لجنة مستقلة لبحث تعديل مواد الدستور والنظر في أمر تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم ممثلي جميع التيارات السياسية كرمز لمشاركة الجميع في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد…وأصارحكم القول إنه بقدر تقديري لمبادرة حزب النور أشفقت عليجبهة الإنقاذ لأنها تقاعست عن ذلك,بل اضطرت إلي الجلوس مع قيادات حزب النور في اليوم التالي للحوار حول مبادرته وسبل تفعيلها!!…
إن طريق العمل الوطني مايزال طويلا,وحتي الخروج الآمن من أزمة الدستور والحكومة لن يكون نهاية المطاف,فالانتخابات البرلمانية ستعقب ذلك ومن بعدها طابور طويل من التحديات ينتظر مصر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا…فعلي جبهة الإنقاذ أن تحسم أمرها,هل تمتلك خيالا سياسيا وإرادة سياسية لتقود الجماهير نحو تحقيق أحلامها في معارضة قوية فاعلة تتعامل مع الواقع وتستطيع يوما أن تصل إلي السلطة,أم تستسلم لأهواء الشارع ومشاعره فتنتهي به إلي الإحباط والحسرة؟
أعرف أن الواقع مترد ومؤسف…أعرف أن مصر وهي تحتفل بمرور عامين علي ثورتها لم تملكها الفرحة بل الحسرة…أعرف أن كل حشد في ميادين مصر مهما كانت دوافعه ثورية وسلمية سرعان ما ينقلب إلي عنف دموي يرفع رصيد الثورة من المصابين والشهداء والغضب والقهر…أعرف أن ملامح عصر مبارك تعود بوجهها القبيح من الاستبداد السياسي إلي التوحش الأمني,وأن انفصال القيادة السياسية عن الشارع بات حقيقة مستفزة فجرت صيحات الثوار مطالبة برحيل مرسي مثلما رحل مبارك قبل عامين…لكن مهلا…هل مرسي ونظامه وجماعته وحكومته مسئولون وحدهم عن هذه الحالة من الغضب والقهر التي تنتاب الشارع؟أستطيع أن أقول إنهم بالفعل صنعوها,لكنهم ليسوا وحدهم الذين يساهمون في تأجيجها,بل تشترك معهم قوي المعارضة التي لا تملك سوي أدوات الشجب والرفض والاحتجاج وتترك البلاد في أزمتها السياسية دون أدني محاولة لتحريك الأمور في اتجاه الإنقاذ.
نعم هي تطلق علي نفسهاجبهة الإنقاذ لكن يبدو أنها في حاجة إلي إنقاذ!!….لأنه بينما القيادة في المعترك السياسي ينبغي أنتقود ولا تقاد,نجد أن جبهة الإنقاذ تفتقر إلي الخيال السياسي في التعامل مع المأزق الحالي ولا تملك إلا الاستسلام لمشاعر الغضب المتفشية في الشارع…مشاعر الغضب مفهومة ومبررة,لكن علي القيادة بلورة المخرج الحكيم الوطني الذي يوظف تلك المشاعر في الضغط للوصول إلي الهدف وليس في الصراخ الذي ينتهي بالإحباط والحسرة.جبهة الإنقاذ لايمكن أن ينحصر دورها في إطلاق التصريحات الرافضة وصياغة البيانات الشاجبة في مواجهة حكم مستبد مستحوذ ومخادع لأن التصريحات والبيانات وإن كانت تدغدغ مشاعر الثوار مؤقتا,تفشل في تحريك المياه الراكدة أو خلق موقف إيجابي شجاع يخرجنا من الأزمة المستحكمة.
الكل يعرف واقع استحواذ الرئيس وحكومته وجماعته علي السلطة…لا أحد ينس جميع صور التسلط والمواربة واختطاف الثورة لصالح تيار الإسلام السياسي وأنصاره…ميراث الخديعة والمرارة المتخلف عن مائدة الحوار الوطني الأولي والجمعية التأسيسية للدستور لا يغيب عن أذهاننا…عدم التصديق وأزمة الثقة يسيطران علي الثوار والشارع في دائرة المعارضة إزاء دعوات الرئيس مرسي لمائدة حوار وطني ثانية…مرة أخري كل ذلك مفهوم ومبرر,لكن غير المفهوم وغير المبرر إسراع قياداتجبهة الإنقاذ برفض الدعوة والإسراف في ترديد فشل مائدة الحوار الأولي وعدم ثقتهم في جدية الدعوة لمائدة حوار ثانية ومطالبتهم الرئيس تقديم ضمانات مسبقة شرطا لقبولهم الدعوة.
هذا الموقف من جانب جبهة الإنقاذ لا يتسق مع ضرورات العمل الوطني في هذه المرحلة,فلايمكن لفريق وحده أن ينجح في قيادة البلاد عبر المرحلة الانتقالية التي تحولت إلي ما يشبه الحرب الأهلية بين المصريين,وبات محتما أن يبادر العقلاء بطرح الحلول الجريئة الشجاعة للخروج من الأزمة,وتصور مقاطعة مائدة الحوار الوطني-حتي وإن كان ذلك بناء علي خبرات سلبية سابقة-ليس من الأدوات التي تؤدي إلي تحريك الأمور في الاتجاه الصحيح,كما أن الأمر المثير للاستغراب أن قياداتجبهة الإنقاذ تمتلك من الخبرات السياسية والكفاءات التفاوضية التي تمكنها من الجلوس إلي مائدة الحوار الوطني دون أدني مخاوف أو هواجس…شخصيات مثل محمد البرادعي وعمرو موسي وحمدين صباحي وغيرهم…وغيرهم….تستطيع أن تجلس إلي المائدة وتقود الحوار بكل ثقة ويكون غضب الشارع وقودا مؤازرا لها بدلا من أن يكون بركانا معطلا لحركتها…هذا ما قصدته عندما قلت إن القيادةتقود ولا تقاد…وحتي إذا حدث المحظور وفشلت مائدة الحوار الوطني الثانية في تلبية تطلعات المعارضة في تعديل دستور يتربص بالمصريين أو في تشكيل حكومة وحدة وطنية تقود البلاد في المرحلة الراهنة,فلن تخسرجبهة الإنقاذ وسوف يحسب لها أنها ذهبت وشاركت بدلا من اتهامها بالسلبية ويستطيع وقتها قادتها أن يخرجوا ليقولوا للرأي العام إنهم حاولوا ولكنهم فشلوا في تحريك جمود المواقف واكتشفوا عدم صدق النوايا مرة أخري…وهنا أقطع بأن حساب الشارع مع الرئاسة والنظام والجماعة سيكون عسيرا.
لكن لا يفوتني في هذا الصدد أن أسجل أنه بينما كنت أتوقع منجبهة الإنقاذ المشاركة في مائدة الحوار دون شروط أو ضمانات مسبقة,وجدت حزب النور السلفي يلعب هذا الدور بشجاعة ووضوح,حيث ذهب أقطابه إلي مائدة الحوار ليطرحوا مبادرة إيجابية للخروج من الأزمة وإزالة حالة الاحتقان السائدة بين القوي السياسية…مبادرة تراهن علي أن سبيل الحوار بين أبناء الوطن هو السبيل الوحيد لإنهاء حالة الصراع ووضع حد لاستشراء العنف والفوضي…مبادرة قوامها تشكيل لجنة مستقلة لبحث تعديل مواد الدستور والنظر في أمر تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم ممثلي جميع التيارات السياسية كرمز لمشاركة الجميع في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد…وأصارحكم القول إنه بقدر تقديري لمبادرة حزب النور أشفقت عليجبهة الإنقاذ لأنها تقاعست عن ذلك,بل اضطرت إلي الجلوس مع قيادات حزب النور في اليوم التالي للحوار حول مبادرته وسبل تفعيلها!!…
إن طريق العمل الوطني مايزال طويلا,وحتي الخروج الآمن من أزمة الدستور والحكومة لن يكون نهاية المطاف,فالانتخابات البرلمانية ستعقب ذلك ومن بعدها طابور طويل من التحديات ينتظر مصر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا…فعلي جبهة الإنقاذ أن تحسم أمرها,هل تمتلك خيالا سياسيا وإرادة سياسية لتقود الجماهير نحو تحقيق أحلامها في معارضة قوية فاعلة تتعامل مع الواقع وتستطيع يوما أن تصل إلي السلطة,أم تستسلم لأهواء الشارع ومشاعره فتنتهي به إلي الإحباط والحسرة؟