* العادلى وضع الخطة في حالة رفض الجيش للتوريث
* فتح السجون.. وتخريب الأقسام وإطلاق “المسجلين” على الشعب
* المعونة الأمريكية، وأمريكا لا تعنيها الديمقراطية وإنما تعنيها إسرائيل وأمنها
* أطفال الشوارع المتهمون بالتخريب كانوا في الصف الأول في الثورة نكاية فى الشرطة
* عبد الناصر كان لديه مشروع وطنى والسادات يكفيه أكتوبر أما مبارك فلم يكن لديه شئ
* تقارير أمن الدولة عن انتفاضة الخبز في السبعينيات هي نفسها التي أعدت عن ثورة يناير
كانت ممارسات جهاز الشرطة هى الشرارة الأولى لانطلاق ثورة 25 يناير.. وكانت واقعة تعذيب خالد سعيد حتى القتل وما تبعها من تضليل وتزييف للحقائق، هى أيقونتها.. بالفعل كان النظام السابق يتعامل مع كل الملفات أمنيا، وبالفعل تحملت الداخلية أخطاء وسوءات نظام دفع بها فى مواجهة المواطنين، فتحول جهاز الشرطة الوطنى من جهاز لحماية الوطن.. إلى جهاز لحماية النظام.
وفى أنشطة المعرض وضمن محور كاتب وكتاب ناقش الناشط الحقوقى والسياسى أمير سالم مع جمهور المعرض كتابه: “الدولة البوليسية في مصر.. الثورة والثورة المضادة” والذى يستعرض من خلاله النظام الأمني في مصر.
والكتاب يعرض بالرصد والتحليل الشامل كل التفاصيل عن أسوأ أنواع أنماط الدولة البوليسية، تلك التي تخضع لنمط الحكم العسكرى الفاشى، أو تخضع للفاشية الدينية، ففي ظل الفاشية العسكرية باسم الوطن والدفاع عن الوطن والسيادة الوطنية والتعبئة الوهمية تجاه عدو خارجي أو اختراق وهمي أجنبي للداخل تقمع الحريات وتزهق الأرواح وتقتلع الرؤوس وتقصف الأقلام ويبقى العسكر هم عقل وجهاز وجسد الوطن فقط، بينما في الفاشية الدينية ونمط الحكم باسم الدين فإنه تتم عملية قمع وإرهاب العقول وإطفاء جذوة الفكر، وإعمال العقل والتعبير، وخنق الحريات حماية للأخلاق والأفكار وقيم غيبية حمايةً للدين المقدس، وباسم الله تتم مصادرة العقول وقد تستباح الأجساد والبشر حبساً وتقتيلاً وتكفيراً طالما أن الحاكم يحكم باسم الدين وباسم الله.
تصارع النخب
بدأ أمير سالم المحامي، والناشط السياسي، بالحديث عن كتابه بالإشارة إلى تصارع النخب منذ محمد علي، مرورا بثورة عرابي وثورة سعد زغلول ثم ثورة العمال والطلبة، مرورا بالقوانين العرفية التي فرضتها بريطانيا لإحكام سياستها على مصر، في ظل ضعف وخضوع القصر.
وقال سالم: مع مجيئ ثورة 52 بدأنا ندخل إجراءات شديدة جدا من مراقبة التلغراف والبريد والسينما والمسرح، مشيرا إلى أن بنية “البوليس” تمت على عقيدة صارمة تعتمد على انتزاع الاعترافات بالتعذيب سواء كان ماديا أو معنويا.
وأضاف: حتى فكرة الاتحاد الاشتراكي ومنظمة الشباب، والتنظيم الداخلي له بني على حماية النظام السياسي، كما أن الإعلام المصري أيضا تم بناؤه على عقلية “جوبلز”، بحيث يكون الإعلام الموجه له دور في توجيه الحياة السياسية في البلاد وإحكام القبضة على المواطنين، وبذلك يتم ممارسة السيطرة من خلال الإعلام والتشريعات .
وأشار إلى أنه تحت دعوى تصفية الحياة السياسية الفاسدة، كان يتم إدخال المعارضة السجون، وكل من لم يتوافق مع وجهة نظر النظام ولم ينضم لمنظمة الشباب أو الاتحاد الاشتراكي.
وأوضح أن ترسانة التشريعات المقيدة للحريات والقرارات، وقانون التفويض للوزراء، جعلت الدولة المركزية عبر جهاز أمن الدولة، والتنظيم الطليعي، تتحكم في كل حجر في مصر من المركز إلى أخر نجع في مصر نتيجة أن الدولة هي المسئولة عن التعيين في كل المناصب، مشيرا إلى أن التعيينات كانت تتم بعد صدور التقرير الأمني، لدرجة انه إذا اكتشف أن أحد أقرباء أحد أعضاء النيابة من المعارضين، يتم استبعاده، ورميه في مجاهل الجمهورية.
وذكر سالم أن تعريف الدولة البوليسية هو دولة استبداد قد يكون الحكم فها للعسكر أو يكون حكم فردي وتسمى دولة مركزيه يعلوها فرد، أو حكم استبدادي ديني، والحكم الفردي يمارس فيه فكرة الشبكة العنكبوتية للسيطرة على كل الأطراف من خلال الحاكم فلا يسير شيء في البلاد إلا بموافقته، لدرجه انه يتم عرض عليه كل التفاصيل.
ولفت سالم أن عمله كمحامي جعله يتعامل مع مركز الشركات في فترة الثمانينات للحصول على تراخيص متأخرة لبعض المستثمرين بسبب الغباء البيروقراطي، وانه اكتشف أن الذي يجلس في مركز الشركات هو في الأساس كان عميد سابق بمباحث امن الدولة وحصل على دبلومه في الشركات، وبالتالي كانت عقلية المسئول نابعة من عقيدته الأمنية التي تقوم على عمل تقرير أمني لمن يطلب الحصول على ترخيص لإقامة شركة، وهو ما تسبب في التأثير على وضع الاستثمار في مصر، حيث كان من الممكن أن يكون في مصر آلاف الشركات الاستثمارية، ولكن لا يوجد سوى 14 ألف شركه فقط.
وأكد سالم أن في ظل حماية الدولة البوليسية لبعض الشخصيات، استشرى الفساد والتزوير وسرقة المال العام، وكل من “طبل” للحزب الحاكم تمكنوا من العمل معه والاستفادة من الكعكة وظهر ما يسموا “بيزنقراط”، وهو أن يستثمر شخص لحساب مسئولين بالدولة، وتسبب ذلك في حدوث انتفاخ لشريحة أصبحت الطبقة الجديدة الحاكمة.
وأشار إلى أن هؤلاء الأشخاص الذين يستخدمون كواجهة للمسئولين الذين يعملون في “البيزنس” في التسعينيات، لم يكن يعرفهم أحد، فيقولون عليهم “ده فلان بك ابن علان بك .. وهو أصلا عيلته حراميه”، لافتا إلى أن هذه الطبقات جاءت من أرضية مبنية على الانحطاط، وهي طبقات خواء، وافقت على أن تشرع للاستبداد مادامت مصالحها مؤمنه، من قبل الحاكم السياسي، كما يسمح لها أن تهرب ثرواتها للخارج في ظل حماية الأمن.
وتساءل سالم عن دور البنك المركزي وقت أن كان مسموح للمستثمرين الأجانب أن يستثمروا أموالهم في مصر، ويخرجون العائد من الأرباح للخارج، وكذلك رأس المال دون أي رسوم أو قيود، وقال “أريد أن اعرف البنك المركزي كان نائم لحساب مين؟، وكيف يكون للرئيس الحق في أن يكلم محافظ البنك ليقول له أعطي فلان 2 مليار قرض خلاف الأراضي، لأنه حبيبنا”.
وأكد سالم أن التقارير التي أعدها جهاز مباحث أمن الدولة، في عهد السادات عن أحداث 18 و 19 يناير عام 77 والتي سميت بانتفاضة الخبز، أو انتفاضة الحراميه كما قال عليها السادات، وقرارات الاتهام وحكم المحكمة، هي نفسها نفس التقارير التي أعدها أمن الدولة في قضايا الخاصة بشباب ثورة 25 يناير، ونفس لغة الاتهام ونفس أداء الدولة المبنية على إدانة المعارضة، وان هناك أيادي أجنبية تتحكم فيما يحدث بالداخل، وهذا يؤكد أن العقلية الأمنية لم تتغير حتى الثورة.
قصة فتح السجون
وتطرق سالم إلى الحديث عن واقعة فتح السجون خلال ثورة يناير، قائلا: دخلت السجن 9 مرات في حياتي، كما أن عملي كمحامي جعلني على دراية تامة بالسجون المصرية، ومنذ أن تلمست بداية مشروع الصفقة بين المجلس العسكرى والإخوان وبداية بناء دولة دينية في مصر، ووضعت عدة علامات استفهام، حول ماذا حدث وقت فتح السجون، ووضعت يدي على كل شيء وظل أمامي بعض علامات الاستفهام، لم أحصل على أجابه لها بعد في ظل عدم وجود شفافية في المعلومات، خاصة وان الشعب المصري يتم معاملته معاملة “القصر”، وأن الرئيس هو الأب وبالتالي لا يحق لهم معرفة شيء.
وأضاف: توليت الدفاع في قضية مقتل اللواء محمد البطران رئيس مباحث مصلحة السجون السابق، أثناء يوم الغضب في أعقاب الثورة، ومن هذا المنطلق تتبعت كيفية فتح السجون، وتهريب المساجين؟، وبحثت في القضية، وتوصلت في النهاية أنها حدثت بناء على أوامر عليا بفتح السجون، وذلك بالاستناد إلى شهود عيان من داخل السجن، وهو ما يوضح أن اللواء البطران، قتله الضباط بأوامر عليا أيضا”.
وتابع: عندما كنت في المحكمة خلال نظر القضية تم عرض أفلام توضح عملية القتل، ففوجئنا بأحد المتهمين في قضية أخرى وكان بقفص الاتهام، يقول: أنا كنت موجود جنب اللواء البطران أثناء القتل ونفوني بعدها في سجن بعيد.
، طلبت تشكيل لجنة لفحص السجون والوقوف على مدى تحصينها وكم يستغرق محاولة اقتحامها، وبالفعل تم تشكيل اللجنة وتوجهت لزيارة سجن طره فوجدنا أبراجا بها جنود مسلحين برشاشات، وخلف السور الخارجي يوجد سور أخر يفصل بينهم مسافة تصل 3 كم، كما تقف مدرعات بين السورين وخيالة داخل السجن بالإضافة إلى فرقة المطاردة وقوات خاصة، كما توجد خزن لمفاتيح الأبواب خلاف مفاتيح العنابر.
ولكي يحاول أي فرد من خارج السجن الوصول إلى المفاتيح ومعرفة مفتاح كل عنبر وبعد أن يكون مر من كل التأمينات الخارجية سيستغرق الأمر 72 ساعة فكيف فتحت السجون في 40 دقيقة؟.
ويستكمل سالم قائلا: اكتشفت بعد كل هذا التحليل أن حبيب العادلي وضع هذه الخطة لكي يتم تطبيقها في حالة رفض القوات المسلحة للتوريث، وسميت بالخطة الوقائية، والجزء الجوهري فيها فتح السجون، ثم ضرب أقسام الشرطة، ليلجأ الشعب مرة أخرى إلى النظام لينقذهم من المسجلين خطر، ولكن ما حدث خالف توقعات النظام السابق.
وأشار سالم إلى أن الدولة البوليسية يكون دائما همها الجوهري هو فرض السيطرة وفرض القبضة الأمنية بإحكام على المواطنين وحماية دولة الفساد، التي لا تعرف أن تعيش سوى مستنقع الفساد.
وتعجب سالم من رفض النظام الحالي من أن يأتي بوزير داخلية سياسي يحترم الديمقراطية، مشيرا إلى أن الأمن الآن يستخدم نفس السياسة القديمة، حيث يضرب ويسحل المواطنين ثم يأتي ويقول “إحنا أولادكم”، في حين أن من المفروض أن تكون الشرطة هيئة مدنية نظامية، أي تعتمد على الربط والضبط وليس هيئة مسلحة، كما أنه طبقا للدستور يمتنع على أي هيئة من الهيئات الحكومية أن يكون لديها نظام مسلح، وقال “لا أتحدث هنا عن الدستور المطبوخ”.
واستنكر سالم موقف قيادات القوات المسلحة ومقولة نحن على مسافة واحدة من القوى السياسية وقال سالم “الجيش يجب أن يكون على مسافة واحده من الشعب واللي يقرب من الشعب يقطع أيده”.
واعتبر سالم المعونة الأمريكية التي تحصل عليها الدولة، رشوة، خاصة أن أمريكا لا تعنيها الديمقراطية وإنما تعنيها إسرائيل، لذلك أناشد صاحب القرار بعدم الخضوع والتبعية لأمريكا .
وأوضح سالم أن أطفال الشوارع الذين يقال عنهم أنهم فوضويون وأنهم يتسببون في التخريب الذي يحدث أثناء التظاهرات السلمية، هم من كانوا في الصف الأول في الثورة وكانوا يتلقون الحجارة لأنهم زرع بداخلهم الكره الشديد للشرطة.
وأكد أن الثورة مليئة كراهية للظلم والاستبداد، فلابد من الإصلاح الجذري وليس الترقيع وإلا ستستمر الثورة.
وأشار سالم إلى أنه رغم نقده لفترة حكم جمال عبد الناصر لتأسيسه لفكرة الدولة البوليسية، إلا أن عبد الناصر كان له مشروع يريد تطبيقه، فقد اهتم بالصناعة والزراعة وأنشأ السد العالي، وكان يؤمن بالعدالة الاجتماعية، كما أن السادات يكفيه حرب أكتوبر، بينما لم يكن لمبارك مشروع، لافتا إلى أنه لم يعذب خلال حبسه في عهد السادات، بينما بدأ التعذيب في عهد مبارك وخاصة في ظل وجود وزير الداخلية الأسبق زكي بدر.
ودعا سالم إلى ضرورة تشكيل جمعية وطنية تأسيسية تضم كافة الشعب المصري، لوضع الدستور، وحكومة ائتلافية من القوى السياسية، وإقالة النائب العام الحالي.