أستكمل ما بدأته الأسبوع الماضي في استعراض البنود المعترض عليها في الدستور الجديد من واقع الوثيقة التي صدرت بتوقيع ممثلين عن الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية والتي تم إرسالها في حينه
أستكمل ما بدأته الأسبوع الماضي في استعراض البنود المعترض عليها في الدستور الجديد من واقع الوثيقة التي صدرت بتوقيع ممثلين عن الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية والتي تم إرسالها في حينه إلي المستشار محمود مكي نائب رئيس الجمهورية…وللتذكرة فقد تناولت الأسبوع الماضي أول محورين في هذا الخصوص:الأول في شأن التكريس للدولة الدينية,والثاني في شأن أحادية الثقافة وسطوتها…تعالوا نستكمل جولتنا في الوثيقة:
00في شأن تهديد مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين أمام القانون:
0مادة(33):المواطنون لدي القانون سواء,وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة,لاتمييز بينهم في ذلك…وهذه المادة نموذج للمواد التي تخلق توجسا وقلقا لدي المصريين, فقد كانت موجودة في سائر الدساتير المصرية ولكن مع تخصيص النهي عن كافة أوجه التمييز, وتقول الوثيقة في هذا الشأن:لماذا تم حذف الالتزام بعدم التمييز علي أساس الجنس أو الدين أو العقيدة أو اللون أو اللغة أو الرأي أو الوضع الاجتماعي أو الإعاقة؟هذا يخالف جميع الدساتير المصرية ويعد مؤشرا خطيرا يسمح بإصدار قوانين تمنع المرأة أو المواطن المسيحي مثلا من تقلد بعض الوظائف بادعاء اختلاف مراكزهم القانونية استنادا إلي آراء فقهية متشددة,وإذا كنا دائما نعتبر أن صمام الأمان يوجد في يقظة المحكمة الدستورية وسهرها علي دستورية القوانين وروح الدستور,الآن يزداد الخطر في ظل العدوان علي استقلال هذه المحكمة ومحاولات السيطرة علي تشكيلها.
وتقترح الوثيقة أن يعدل منطوق المادة(32) ليكون:المواطنون لدي القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة دون تمييز بينهم علي أساس الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو الرأي أو الوضع الاجتماعي أو الثروة أو الإعاقة…وتلتزم الدولة بالقضاء علي كافة أشكال التمييز وضمان إعمال مبدأ تكافؤ الفرص لجميع المواطنين ومحاربة العادات والتقاليد والأنماط الثقافية والاجتماعية التي ترسخ التمييز والمحسوبية.
00في شأن مخالفة مبادئ الشرعية الجنائية:
0مادة(76):العقوبة شخصية,ولا جريمة ولا عقوبة إلا بنص دستوري أو قانوني,ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي,ولا عقاب إلا علي الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون….وتطالب الوثيقة بحذف الإشارة إليالعقوبة بنص دستوريوالاكتفاء بالنص علي أن العقوبة بنص قانوني حيث لم يحدث أن نص أي دستور في العالم علي أن تنشأ جريمة وعقوبة بنص دستوري,ولا يمكن أن يفسر هذا النص الغريب إلا أنه يهدف إلي تمكين القاضي من الحكم بعقوبة علي جريمة مستندا إلي أحكام الشريعة علي أساس نص المادة(2) من الدستور وتفسيرها بموجب المادة(219) وذلك دون الحاجة للنص عليها في قانون العقوبات,وهذا يمثل خطرا داهما علي حقوق وحريات المصريين وعلي الاستقرار القانوني والقضائي.
00في شأن العصف بحصانة واستقلال القضاء:
0مادة(176):تشكل المحكمة الدستورية العليا من رئيس وعشرة أعضاء,ويبين القانون الجهات والهيئات القضائية أو غيرها التي ترشحهم,وطريقة تعيينهم,والشروط الواجب توافرها فيهم,ويصدر بتعيينهم قرار من رئيس الجمهورية…وتطالب الوثيقة بتعديل منطوق البند ليكون كالآتي:رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية العليا غير قابلين للعزل,ويبين القانون الشروط الواجب توافرها فيهم وحقوقهم وحصانتهم وسبل مساءلتهم تأديبيا أمام هذه المحكمة ويكون تعيينهم ممن يرشحون وفقا للقانون بقرار من رئيس الجمهورية وبعد موافقة الجمعية العمومية للمحكمة…وتبرر الوثيقة التعديل المطلوب بأن النص قبل التعديل وما يتصل به من حكم انتقالي في المادة(233) بعزل ثمانية قضاة من المحكمة الدستورية يمثل تكريسا لأهداف إعلان الاستبداد الدستوري بشكل دائم,وقد جاء نص المادة بمثابة تأميم للمحكمة الدستورية العليا ومذبحة لقضاتها ولاستقلالهم ومظهرا من مظاهر تصفية الحسابات عقابا للمحكمة علي أداء رسالتها والحكم بعدم دستورية قانون الانتخابات لمخالفته مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص,بينما الواجب أن يحرص الدستور علي استقلال القضاء وخاصة المحكمة الدستورية لدورها في ضمان العدالة والديموقراطية وحقوق الإنسان ومواجهة الاستبداد والفساد.
00في شأن تقييد حرية الصحافة:
0مادة(48):وتنص علي أنحرية الصحافة والطباعة والنشر وسائر وسائل الإعلام مكفولة,وتؤدي رسالتها بحرية واستقلال لخدمة المجتمع والتعبير عن اتجاهات الرأي العام والإسهام في تكوينه وتوجيهه في إطار المبادئ الأساسية للدولة والمجتمع والحفاظ علي الحقوق والحريات والواجبات العامة,واحترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين ومقتضيات الأمن القومي,ويحظر وقفها أو غلقها أو مصادرتها إلا بحكم قضائي…والرقابة علي ما تنشره وسائل الإعلام محظورة,ويجوز استثناء أن تفرض عليها رقابة محددة في زمن الحرب أو التعبئة العامة…وتقول الوثيقة إن حرية الصحافة وسيادة القانون ضمانات أساسية لحقوق المواطنة وللعدالة والنظام الديموقراطي,ويتكرر في هذا النص استخدام عبارات فضفاضة تسمح بإصدار قرارات مقيدة للصحافة والإعلام خاصة عند الإشارة إلي ربط حرية الصحافة بالمبادئ الأساسية للدولة والمجتمع وهو ما يفتح الباب لتقييدها وفقا لآراء الفقهاء أو لإرادة الحاكم.وبناء عليه تقترح الوثيقة تعديل نص المادة ليصبح:حرية الصحافة والطباعة والنشر وسائر وسائل الإعلام مكفولة,والرقابة علي ما تنشره أو انذارها أو وقفها أو مصادرتها محظورة,ويجوز استثناء أن تفرض عليها رقابة محددة في زمن الحرب أو التعبئة العامة في الحدود اللازمة للحفاظ علي أمن وسلامة المواطنين واستقلال الوطن ووحدة أراضيه.
000وإلي اللقاء في جولة ثالثة لكشف مواطن تربص دستور مصر بالمصريين.