الافارقة غير سعداء بحكم الإخوان
منذ أيام قليلة عاد من السنغال عاشق افريقيا الكبير الباحث والكاتب حلمى شعراوى بعد المشاركة فى احياء ذكرى المناضل (ميلكاركابرال ) زعيم غنيا بساو الذى اغتاله الاحتلال البرتغالى عام 1973
منذ أيام قليلة عاد من السنغال عاشق افريقيا الكبير الباحث والكاتب حلمى شعراوى بعد المشاركة فى احياء ذكرى المناضل (ميلكاركابرال ) زعيم غنيا بساو الذى اغتاله الاحتلال البرتغالى عام 1973 .وتضمنت الزيارة للكافيير والسنغال التجهيز لاعداد لمشروع كبير لتوثيق حركات التحرير الأفريقى وتراثها ودور المصريين ومصر فيها .ويقوم المشروع بهدف تسجيل شفاهى لرواد حركات التحرر الذين مازالوا على قيد الحياة . وحول هذا المشروع وافريقيا الغائبة عن الثقافة المصرية كان لنا هذا الحوار مع حلمى شعراوى مؤسس مركز البحوث والدراسات العربية والافريقية.
– كيف بدأت علاقتك بافريقيا
– بعد تخرجى من الجامعة فى قسم الاجتماع، كنت مهتم جدا بحياة الشعوب، والبحث فى مجال الفلكلور، وجذبتنى افريقيا بتعدد شعوبها وثقافتها ولذلك انضممت للعمل فى سكرتيرة الرابطة الافريقية فى الزمالك. وكانت الرابطة بداية تأسيس مكاتب لحركات التحرر الافريقى لتستقر فى مصر بعد انعقاد مؤتمر الشعوب الافريقية عام 1958 ، حيث جاء الزعماء الافارقة لمصر ، وأسسوا مكاتب دائمة لهم وقد احاط بهم الشباب الافريقى الدارس بالقاهرة.
ومن هذا العمل أصبحت عندى رغبة جارفة في وضع تجارب هذه الشعوب وثقافتها وتفاصيل حياتها فى الهم المصرى لان الغالب وقتها كانت الدعاية السياسية هى الاهتمام الاول، وقد عملت فى مكتب الشئون الافريقية برئاسة الجمهورية عام 1960 وكانت الناصرية مهتمة بشكل كبير بالحالة الافريقية حيث كنا زعماء افريقيا وحررنا افريقيا وغيرها من العبارات الصحيحة والتى ركزت بالشأن السياسى ولم تضع مصر فى الحالة الثقافية.
– ولكن كان هناك اهتماما بالجانب الثقافى كاصدار مجلة (نهضة افريقية )مثلا ؟
– تقصد المجموعة الثقافية المحيطة بالرابطة الافريقية بالزمالك ، والتى كانت اشهر عنوان فى العالم لحركات التحرر -5شارع احمد حشمت بالزمالك- وهى المجموعة التى اهتمت بالثقافة مع 25 حركة تحرير. وبدأنا الاهتمام بمجلة “نهضة افريقية “وكان يرأسها تربوى قديرهو الاستاذ محمد عبد العزيز اسحق واخرجها بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية . وكتبت فيها من العدد 16 ونشرت بحوث عن الصحافة الافريقية والنحت فى افريقيا والموسيقى الافريقية .ولكن للأسف البيروقراطية المصرية والروتين أوقف المجلة ، فأصدرنا مجلة خاصة بالرابطة ثم أصدرنا مجلة “رسالة افريقيا” برئاسة حسين عبد الرازق ورضا خليفة . وفى الثمانينيات أصدرنا “مجلة افريقيا” كمجلة بحثية متخصصة وأسست مركز البحوث العربية والافريقية عام 1987 ويصدر المركز بالتعاون مع الهيئات الافريقية مطبوعات ومجلات دورية .
– ومع كل هذه الاصدرات انت غير راضى عن الوضع الثقافى الافريقى فى مصر ؟
– فى الفترة الناصرية كنا هناك رضا واشباع سياسى لكن احساسى أن المجتمع المصرى لم يتشبع بالثقافة الافريقية وللأسف هذا مستمر حتى الان.
– قد يكون هناك تقصير من جانب الكتاب والباحثين؟
– لا طبعا هناك مؤلفات عديدة ومتميزة لباحثين كبار مثل عبد الملك عودة وسيد فليفل ونادر عبد الله ، ولى 13 كتابا عن افريقيا. وهذه الاصدرات لاتحظى باى اهتمام ولا أخبار ولا عروض فى الصحف كذلك ما يشاع عن الثقافة الافريقية بأنها غير جذابة ليس صحيحا ، فهناك ادباء افارقة حاصلين على نوبل وأقلام افريقية حصلت على جوائز عالمية، وتقام مهرجانات كبرى فى (دكارا – بوركينافسو –جنوب افريقيا ) فالنقص فى الجانب المصرى والصورة السلبية عن افريقيا كادت ان تختفى فى الفترة الناصرية ولكن عندما بدء الانفتاح الاقتصادى سيطرت الثقافة الغربية وانتشرت نظرة الاستعلاء وأن افريقيا مجموعة من الراقصات و قبائل حاملى سيوف . وأوكد أن هناك عواصم افريقية أفضل من القاهرة نظاما ونظافة وتنظيما واتساعا مثل نيروبى.
– اذن فالمشكلة ثقافية بالأساس؟
– صورة الافريقى فى الثقافة العربية سيئة جدا ، ولى بحث فى هذا الموضوع يشمل كتاب التراث وصولا لصورة الافريقى فى السينما، وكلها مغلوطة وتحتاج الى تصحيح.
– دائما نردد أن للأزهر والكنيسة دور كبير فى افريقيا فهل هذا صحيح؟
– الروح الدينية للازهر والكنيسة لا تؤدى الغرض الكبير ، فافريقيا ليست فى حاجة الى رجال دين فقط ، والتعامل من هذا المنظور قاصر ، وعلى الازهر والكنيسة العمل كموسسات وطنية تشارك فى تطوير وتحديث افريقيا لا وعظها فقط .اريد ان أعطى مثل أن الفاتيكان يمتلك نصف المؤسسات الاقتصادية فى امريكا اللاتينية . ونحن نبالغ فى دور الازهر والكنيسة ، فهناك الكثير والكثير الذى يمكن ان تقدمه المؤسستان.
– وماذا عن مستقبل العلاقة مع افريقيا بعد 25 يناير؟
– كتبت فى ذلك كثيرا ، فقد كان لخلع مبارك صدى وتاثير ضخم فى افريقيا لانه كان يتجاهلها، وتوقعنا عودة مصر لافريقيا ، وللأن لم يحدث جديد.
– وكيف ترى سياسة الإخوان المسلمين نحو افريقيا؟
– جاء الإخوان فى توقيت يحمل أزمة كبرى هى مشكلة حوض النيل مما جعلهم يزعمون ان هناك اهتمام منهم بافريقيا ، ولكن هذا الزعم يقابله تخوف افريقى من الشكل الإسلامى للدولة، فالمشروع الإسلامى شرق اوسطى وهو مشروع مرفوض من الشعوب الافريقية ولا تبدو انها سعيدة به . فى نفس الوقت هناك حاجة اقتصادية لافريقيا التى تبلغ معدلات النمو بها 6 و 7 فى المئة فى الوقت الذى نصل الى 2 او 3 بالعافية، لذلك لابد ان يتعامل معها الحكام من منطلق وطنى لا منطلق الجماعة لتحقيق التوسع الاقتصادى مع وبأفريقيا .
– و كيف تحل أزمة حوض النيل ؟
– هذه الأزمة تحتاج لقاء هادئ للشعوب وليست مجرد وسائل دبلوماسية، تحتاج الاستثمارات المشتركة خصوصا أن هناك مشاريع عالمية تشارك فيها السعودية ودول الخليج لزراعة افريقيا ومصر غائبة عن ذلك . واقترح على الإخوان المشاركة فى مشروعات قطر الزراعية بافريقيا . ونحن نمتلك امكانيات فنية عالية منذ بناء السد العالى وكان عبد الناصر يهدف الى تكوين خبرات عالية للتوجه الى افريقيا .
– وماذا عن الفكر الافريقى عن مصر؟
– هناك خط فى الفلسفة الافريقية يتبنى زعم بأن عدد من القبائل الافريقية التى تمثل نحو 7 دول بأنهم من أصل مصرى ومنها قبائل الولف والفولنى واليوربا والتوتسى فى رواندا والكوشا وقبائل موجود فى الكاميرون واوغندا وهناك دراسات عميقة للمفكر الافريقى الكبيرالدكتور شيخ انتا ديوب وهو سنغالى عن الأصل الافريقى للحضارة الفرعونية ومن امتدادها من دكارا الى وادى النيل ، وهو خط تاريخى مهم.
– وماذا عن الاحتفال بنصف قرن على منظمة الوحدة الافريقية
– تأسست المنظمة عام 1963 ونحتفل هذا العام بمرور 50 عام على إقامة المنظمة فى 25 مايو ولا نريد ان يكون الاحتفال مجرد مظاهرة سياسية ودبلوماسية وحفل تكريم .نريد مشاركة شاملة عالم السينما والادب والمجتمع المدنى .
– وماذا عن اخر اصدرتك فى المجال الافريقى؟
– كنت اعمل فى بحث عن البعد العربى فى الثقافة الافريقية ودراسة المخطوطات باللغة العربية ولكن الاهتمام الان بمشروع التاريخ الشفاهى لحركة التحررالافريقى لان الوثائق ليست كثيرة ، وهناك قيادات مازالت حية . وقد قدمت المشروع للمجلس الافريقى للبحوث فى دكارا وسوف ينسق المجلس مع احدى جامعات بجنوب افريقيا حيث هناك اهتمام بمناسبة 100 عام على تأسيس حزب المؤتمر الافريقى فى جنوب افريقيا ، وهو حزب مانديلا وساهم فيه قساوسة رجال دين كبار اسمه الاب لوتلى الحاصل على نوبل عام 1954 ضد العنصرية والقس توتو زميل منديلا . واظن أن مشروع التوثيق سوف يكون خطوة أساسية لكتابة التاريخ الذى شاركت وصنعت مصر الكثير فيه .
إ س