أكد الدكتور هاني الجبالي مستشار المجلس القومي للطفولة والأمومة عن الأخطاء الإجرائية والقانونية في مواد الدستور وهي أكثر من 36 مادة قائلا أن ما حدث في كتابة ووضع مشروع الدستور تدليس للمواطنين ومعني التدليس هو إخفاء العيب بالشئ الذي يستوجب رفضة وإستهجانه وهذا ما حدث في الدستور
أكد الدكتور هاني الجبالي مستشار المجلس القومي للطفولة والأمومة عن الأخطاء الإجرائية والقانونية في مواد الدستور وهي أكثر من 36 مادة قائلا أن ما حدث في كتابة ووضع مشروع الدستور تدليس للمواطنين ومعني التدليس هو إخفاء العيب بالشئ الذي يستوجب رفضة وإستهجانه وهذا ما حدث في الدستور موضحا أن الدستور جاء به الكثير من المواد الجيدة لكن صياغته بها ما يعيب الجيد ويجعله سيئا ,. جاء هذا خلال الندوة التي أقامها حزب الدستور بمركز سمالوط بمحافظة المنيا مساء الأحد للتوعية بمواد الدستور
ثم تحدث عن المواد الخلافية في الدستور مادة تلو الآخري بداية من المادة4التي رفضها الأزهر الشريف نتيجة أخذ رأية في الأمور المتعلقة في الشريعة الإسلامية وكان سبب الإعتراض علي هذا النص من علماء ومشايخ الأزهر الشريف أنه لم يتم تحديد ما إذا كان الآخذ برأي الأزهر إلزاميا أم إستشاريا مما سيحط من مكانة الأزهر المقدسة لدي المصريين نتيجة أنه من الممكن عدم تطبيق رأيه بعد التعرف عليه خاصة بعد وضع المجلس الإقتصادي والإجتماعي وهو مجلس جديد من “إختراعات ” الجمعية التأسيسية والذي نص علي “يجب علي الحكومة ومجلس الشوري والنواب أخذ رأي المجلس الإقتصادي والإجتماعي ” مما يدعو لتنصل الدولة في فرض الحقوق ووضع الأزهر مع صراعات دينية لجماعات متطرفة كما أن هذا الموقف سيعطي مرجعية دينية للسلطات الثلاثة مما جعل الأزهر يرفض ذلك الأمر لكنه مرر في الدستور رغم الإعتراض عليه .
وتحدث الجبالي عن نص المادة 6الذي وصفه بالكارثي حيث ينص علي ” يقوم النظام السياسي علي مبادئ الديموقراطية والشوري” موضحا أن الديموقراطية لها معايير منظمة ولكن الشوري كانت في عهد الرسول والصحابة فقط لكن من وضع النص رغب في تبيان مصر دولة دينية بوضع كلمة الشوري بالمجامله لتيارات دينية معينه تخدم مصالحها وليس مصالح الدولة.
وأضاف أن بقية المادة بها طامة كبري بأنه قال “لا يجوز قيام حزب سياسي علي أساس التفرقة بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو الدين ” فالمتابع للدساتير السابقة من دستور 1923حتي 1971كان لفظ لا يجوز الحالي غير موجود وكان مكانه كلمة”يحظر” لكن في هذا النص من الممكن إنشاء حزب ديني لكن تكون أعضائه مختلفو الديانة فبذلك من الممكن أن ترسخ الأحزاب الدينية للطائفية فيما بعد.
وأوضح أن مسألة ربط الأجر بالإنتاج في المادة 14لا تحقق العدالة الإجتماعية التي قامت من أجلها الثورة نتيجة أن هناك مصانع إستثمارية علي سبيل المثال تتمتع بالإعفاء الضريبي لأول خمسة سنوات من إشهارها وتحمل تكلفة إنشاء المصنع علي أرباح الخمس سنوات لذلك مهما يحقق العمال من الأرباح تصبح الشركة أو المصنع خاسرا وبعد الخمس سنوات تقوم بفسخ التعاقد ولا تعطي أي حقوق للعاملين بها وبالتالي ربط الأجر بالإنتاج سيفتح الباب علي مصرعيه بحكم الدستور أمام رجال الأعمال للتنصل من حقوق العمال فكان يجب أن يكون ربط الدخل بالإنتاج حتي تستطيع الدولة أن توفرا دخلا لم يعمل ومن لا يعمل وليس ربط الأجر بالإنتاج.
ثم تحدث عن المادة 33الخاصة بالمواطنة التي حذفت تحديد أشكال التمييز ووضعها مادة إنشائية بلا تفصيل حيث تقول ” المواطنون لدي القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات لا تمييز بينهم في ذلك ” علي الرغم من أن نص مادة المواطنة في دستور 71بعد تعديله عام 2007جاء ليضيف لهذا النص “لا تمييز بينهم في ذلك من حيث ” الدين – الجنس – اللون – العقيدة – الوضع الإجتماعي – الإعاقة ” وكنا نريد أن نضع ضمانه قانونية لحق المواطنة وقدمنا به إقتراحا للجمعية التأسيسية لوضع عقوبة لمن ينتهك ذلك ولكن لم يتم الآخذ بالإقتراح بل وحذف هذه النصوص التفسيرية من المادة.
ثم تحدث عن العديد من المواد التي يشوبها أخطاء مثل مواد سلطات رئيس الجمهورية وميزانية الجيش والمادة العاشرة الخاصة بالحق الأصيل للأسرة المصرية وغيرها من المواد الجدالية التي تستوجب رفض هذا الدستور فضلا عن عدم تحديد هوية الدولة والجنسية المصرية في هذا المشروع.
ومن جانبة أكد الباحث القانوني أحمد الأسيوطي أن الدستور الجديد إفتقر ضمانات مستقبل الأجيال القادمة خاصة وأننا دولة ثائرة خرجت من نظام مستبد لعدم إختيار أفضل النصوص الدستورية التي تضمن الحقوق , وأضاف الاسوطي أن الطريقة التي تمت بها كتابة وإعداد مشروع الدستور والألفاظ التي صيغ بها هذا المشروع والذي يتكون من 236مادة منها الجيد ومنها الممتاز ومنها الردئ ,و رغم وجود نصوص جيدة لكن عيوب هذا الدستور هو أن كافة ألفاظ الدستور التي صيغ بها عامة فضفاضة ولا تحدد حقا واحدا بصورة مباشرة ففي المادة رقم 62مثلا الخاصة بالرعاية الصحية تقول “الدولة تضمن نسبة كافية من الرعاية الصحية للمواطن وأنها تضمن مستوي الرعاية الصحية بشكل عالي الجودة” نجد أن هذه المادة لا تحفظ حق المواطن أثناء تنظيم القانون لها مثل لفظ “عالي الجودة” يحتمل حال تطبيقة وجود فساد في التطبيق رغم أنه جري العرف علي أن يصح التطبيق ويكون الخطأ في المطبقين لذلك لكن هذا النص غير صريح وغير محدد النسب والشروط ولا شكل الجودة في الصحة فلم يحدد الدستور الجديد كيفية جودة التأمين الصحي وإن تنصلت الدولة عن الحق في الصحة من الذي سيوفرها , إذن فكان من الأولي من أعضاء الجمعية التأسيسية أن تأخذ بمقترحات نقابة الأطباء في كيفية الإرتفاع بجودة الخدمات الصحية للمواطن , وكذلك جودة القائمين علي ذلك خاصة في قطاع التمريض وكيفية الحفاظ علي إستمرار هذه الجودة وإستفادة المواطن منها كما في الدستور التركي والبرازيلي وجنوب إفريقيا التي وضعت نص في دستورها يلزم الدولة بوجود مستشفيات لكل تجمع سكني من المواطنين , وأن تكون طبقا للمعايير الدولية سواء عامة أو خاصة وتلتزم الدولة برعاية كافة المواطنين وخاصة غير القادرين علي تلقي العلاج
وأضاف الناشط الحقوقي أن مشروع مسودة الدستور سلبت من المواطن حقوق أصيلة مملوكه له ليعطيها له في شكل مكتسبات وكأنها منحة للمواطن من القائمين علي وضع مشروع الدستور ضاربا مثال بمواد حقوق وضمانات الفلاح ومنها المادة 15والتي تنص علي “الزراعة مقوم أساسي في الإقتصاد القومي وأن مهمة الدولة في الدستور تنحصر وحسب في حماية السلالات النباتية والحيوانية بشكل تفصيلي ” علي الرغم من أنه من المعروف أن مصر دولة زراعية وأن مصر تعتمد علي الزراعة من الأصل فكيف لهذا الدستور الذي يأتي بعد ثورة ينص علي تلك المادة فإن لم تكن الزراعة من المقومات الأساسية للدولة فأين المقومات الأساسية إذن؟ علاوة علي إغفال دور الجمعيات التعاونية الزراعية ولم يضيف أي جديد للزراعة والفلاحين و إغفال مشروع الدستور للسياحة وقطاع العاملين بها التي لم يذكرها بأي مادة لذلك هذا الدستور بشكل عام لا تصلح جميع نصوصه ومواده بتوفير حقوق المواطنين خاصة الإقتصادية والإجتماعية فالدستور غفل السياحة وكأن مصر دولة غير سياحية بالمرة دون تحديد مصر 3مليون عامل بالسياحة وحقوقهم ووجباتهم ، كما لم تنص الدولة في هذا الدستور علي الإتفاقيات الدولية الموقعة عليها مصر حيث لم تهتم بها الجمعية التأسيسية رغم قوة سلطتها علي القوانين الوطنية للدولة مثل إتفاقية حقوق الطفل والمرأة حيث تم عدم تحديد سن الطفل رغم وجود معدل 18عام لسن الطفل في الإتفاقية فالمادة المتواجدة في الدستور تخالف الإتفاقية التي نصت علي إلتزام الدولة بتكفل تعليم الطفل حتي سن التعليم الإلزامي الذي ينتهي بالمرحلة الإعدادية فمن سيتحمل نفقات التعليم الثانوي من المواطنين ؟!! وأيضا المادة التي تنص علي أنه يحظر عمل الطفل إلا في أعمال تناسب سنه أيضا تخالف الإتفاقية التي أكدت علي منع كل أشكال العمل للطفل لكن مشروع الدستور وضع تفسير خفي “للعمل الجبري” عن طريق إيجاد أعمال تناسب سن الطفل رغم منع كافة أشكاله .
مشيرا أن كل هذه التفاصيل لم يحددها الدستور المصري الجديد فضلا عن تحديد لفئة المواطن غير القادر تعطي تمييزا في تلقي العلاج والرعاية الصحية بين المواطنين الذي هو حق أصيل للجميع بلا تمييز ولا يمكن تحديد غير القادرين عن طريق صعوبة حصر الدخول لجميع المواطنين ، ونفس الأمر في المادة 14والخاصة بربط الأجر بالإنتاج لم تحدد الفرق بين الإنتاج والدخل في الحد الادني والأقصي للأجور التي لم يحدد قيمته .
وأشار الأسيوطي أنه علي الرغم من وجود 36%من شباب مصر عاطل إلا أن الدستور لم ينظم له دخلا أو أجر وأن ربط العمل بالإنتاج سيأتي بالسلب علي جميع العمال , وسيزود البطالة نتيجة عدم توفير دخل من الدولة للشباب العاطل لذلك مواد الدستور جاءت في مجملها عامة فضفاضة مطاطة قابلة للتأويل حسب تفسيرات الأشخاص مما يخلق الكثير من الجدل خاصة لدي المشرع عند وضع القوانين فهذه الألفاظ المستخدمة في المواد لم تبين جديد ولم توضح قديم .
وتحدث الباحث القانوني أيضا أن من عجائب هذا الدستور أنه وضع مادة لمنع الإتجار بالبشر و”الرق” علي خلفية أنه ما زال يتواجد عبيد وأننا في قريش!! ومع ذلك إمتنع تماما عن ذكر أية مواد تتعرض من قريب أو بعيد للإتجار بالبشر بمعني أنه منعها نصا ولم يمنع وسائلها حيث أن المقصود بالرق هو “العبيد” أما الإتجار بالبشر طبقا للإتفاقية الدولية لمنع الإتجار بالبشر الموقعة عليها مصر عام 1996يقول أنه “إستخدام الأفراد المدنيين قصرا وتشغيلهم في أعمال منافية للقانون والآداب العامة أو إستغلال أعضائهم البشرية في أعمال تتنافي مع طبيعتهم ” كما يحدث في ظاهرة زواج الأجانب المتفشية في مركز الحوامدية عن طريق شراء الفتاة وتذهب معه لبلادة ليشغلها في أعمال منافية للآداب كل هذه الموانع فير مذكورة في هذه المادة سواء التسول أو الدعارة أو بيع الأعضاء وأكياس الدم وسرقات الأعضاء في العمليات الجراحية كل هذه الجرائم لم ينظر لها الدستور علي أنها تدرج ضمن مادة الإتجار بالبشر.
وإختتم الأسيوطي كلمته أن كل هذا العوار الذي يشوبه مواد الدستور تجعلنا كمصريين أولا وكباحثين في القانون نرفض هذا المشروع تماما رغم ما به من مواد جيدة وممتازه لكن هذه الأخطاء كارثية تهدر الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والصحية والتعليمية والمهنية للمواطن .
إ س