في 21أكتوبر الماضي كتبت في هذا المكان مقالا بعنوانشكرا…جماعة الإخوان أستعرض فيه مسلسل أداء الجماعة وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة منذ نجاح ثورة25يناير في إسقاط نظام مبارك حيث خلصت إلي أن أداء
في 21أكتوبر الماضي كتبت في هذا المكان مقالا بعنوانشكرا…جماعة الإخوان أستعرض فيه مسلسل أداء الجماعة وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة منذ نجاح ثورة25يناير في إسقاط نظام مبارك حيث خلصت إلي أن أداء الجماعة قد أساء إليها كثيرا وأصاب الكثير من المصريين بالتوجس والقلق إزاء نواياها بمصر…وكان عنوان المقال لايخلو من سخرية مريرة مؤداها أن الجماعة تستحق الشكر لأن ما فعلته يداها كان أكثر تدعيما لأنصار الدولة المدنية من جهودهم أنفسهم نحو التكتل والائتلاف.
في ذات السياق صدرتوطني الأسبوع الماضي تحمل مانشيت يقول:شكرا مرسي…الديموقراطية غائبة…والقضاء خارج الخدمة وكان ذلك علي أثر الضربة المباغتة التي وجهها الرئيس مرسي إلي الشرعية الدستورية والسلطة القضائية بالإعلان الدستوري الذي أصدره متضمنا تحصين قرارات رئيس الجمهورية منذ توليه السلطة وحتي نفاذ الدستور ضد الطعن عليها بأي طريق وأمام أية جهة قضائية…طبعا لم تكنوطني تشكر الرئيس احتفاء بإعلانه الدستوري وقراراته ولا عرفانا بإصراره علي التحرش بالسلطة القضائية وتقويض الديموقراطية,إنما كانت تشكره في سخرية مريرة مرة أخري علي انقضاضه علي الشرعية واغتصابه لجميع السلطات بشكل فاق كل ما فعلته رموز المؤسسة العسكرية التي حكمت مصر منذ1952 وحتي ثورة 25يناير,الأمر الذي أضاف إلي الرصيد المتدني لفكر مؤسسة الرئاسة ومرجعيتها من حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين,كما فجر مخزون الخوف والاستنكار لدي كل أطياف الخريطة السياسية -باستثناء أنصار التيار الإسلامي طبعا- من تلك الهجمة المفزعة لتقويض مسار بناء الدولة المصرية الحديثة.
مرة أخري وقف المصريون مذهولين يتساءلون:هل لجأ رئيس الجمهورية إلي مستشاريه وهو يفكر في ذلك التحرك أم أنه اتخذ القرار منفردا؟….وإذا كان حصل علي استشارة من مساعديه كيف كانت حساباتهم في هذا الخصوص؟…ألم يفطنوا إلي مخاطرة شق الصف الوطني؟…ألم يتنبهوا إلي أن الرئيس ينزلق إلي مسلك ديكتاتوري غير مسبوق في قسوته؟…ألم يلتفتوا إلي مغبة التحرش بالسلطة القضائية للمرة الثالثة منذ توليه الرئاسة؟…تلك الأسئلة وغيرها بقيت معلقة تبحث عن إجابات وتفرز قدرا متزايدا من الغضب والاحتجاج في الشارع المصري وبين القوي الوطنية.
لم يفكر الرئيس مرسي…ولم يشر عليه مستشاروه-إلي دقة الموقف وحساسيته وأنه كرئيس لكل المصريين لا يجب أن يستأثر بهذا القرار وحده,بل تتطلب الحكمة استدعاء سائر رموز العمل الوطني والسياسي وقادة الأحزاب لوضع الأمر بين أيديهم حتي إذا انتهي الأمر إلي أي قرار يكون صادرا عن إجماع ووفاق وطني….لكن يبدو أن فكر التنسيق علي المائدة الوطنية ليس حاضرا في مؤسسة الرئاسة وبالتالي كان الاندفاع دون حساب المخاطر أسبق من التأني وتلمس العواقب.
حتي عندما أراد الرئيس مرسي أن يشرح أهدافه من تلك الخطوة الصاعقة,لم يحاول أن يتحدث مع شعبه وفي الوقت الذي تعلقت الأنظار بشاشات التليفزيون بعد أن أعلن عن توجيهه كلمة للأمة,وبدلا من أن يتحدث من مكتبه في قصر الرئاسة,أطل علينا من منصة أقيمت خارج القصر سبق أن احتشد أمامها الآلاف من أتباع وشباب الإخوان المسلمين الذين ظلوا يهتفون له ويباركون قراراته ويصفقون لكل مايقول في مشهد سياسي ضحل يفضح الترتيبات السابق إعدادها لإحاطة قرارات وكلمة الرئيس بالتأييد الشعبي الجارف…حدث كل ذلك ومؤسسة الرئاسة تعتقد أن الجانب الآخر من المشهد في ميدان التحرير ومشاعر الغليان التي تفجرت بين المصريين خافية عن مصر والعالم!!
الآن مصر دخلت نفقا مظلما لانعرف كيف ومتي تخرج منه…نجح الرئيس مرسي في تقويض المسار نحو الديموقراطية,كما نجح في الانقضاض علي الشرعية الدستورية وإزاحة السلطة القضائية عن طريقه…لم يكفه أنه بسبب غياب البرلمان بات يجمع في يده السلطتين التشريعية والتنفيذية,فسال
لعابه نحو التهام السلطة القضائية أيضا….لكن لا السلطة القضائية ولا الفصائل السياسية ولا الشارع المصري أمكنهم إبتلاع تلك الهجمة وانفجرت جميع صور الاحتجاج والرفض وتعليق العمل,وحدث مالم يكن يتصوره عاقل أن يعود المصريون ليسمعوا في ميدان التحرير هتافاتالشعب يريد إسقاط النظام وصراخارحل…ارحلموجهة إلي الرئيس مرسي ونظامه.
مرة أخري أقول:شكرا جماعة الإخوان…الاندفاع للاستئثار بالسلطة وإزاحة الآخرين من المشهد السياسي مايزال يسبب نزيفا في جسد مؤيديك…وشكرا مرسي…خطوتك الأخيرة غيبت الديموقراطية وأقصت السلطة القضائية…والأهم من هذا وذاك لملمت شتات الصف الوطني بعد طول انتظار لإنقاذ الدولة المصرية.