أظنه كان الرئيس الأمريكي ابراهام لينكولن الذي وصف أمريكا في زمنه بأنها## بيت منقسمAHouseDivided## في إشارة إلي تلك الحالة التي انقسم عندها الأمريكيون حول مسائل كثيرة.
أظنه كان الرئيس الأمريكي ابراهام لينكولن الذي وصف أمريكا في زمنه بأنها## بيت منقسمAHouseDivided## في إشارة إلي تلك الحالة التي انقسم عندها الأمريكيون حول مسائل كثيرة.
كان أهمها في تلك اللحظة استمرار أو إلغاء الرق. مصر اليوم تعيش لحظة مشابهة, ليس لوجود خلاف علي الرق, وإنما علي قائمة طويلة من القضايا التي تعود جذورها إلي ذات القرن الذي عشش فيه الانقسام الأمريكي. هناك بلغت الحدة مبلغها حتي وصلت إلي استخدام السلاح في حرب أهلية استمرت خمس سنوات كانت الأقسي والأكثر تكلفة في التاريخ الأمريكي. في مصر لا يوجد ما يدعو إلي التشاؤم للتوصل إلي نفس النتيجة, ولكن الموضوعية تقتضي رؤية حالكة لمستقبل وطن عجز أبناؤه في منزلهم الواحد عن التوصل إلي كيفية العيش المشترك.
الظن أن الخلاف يعود إلي الاستفتاء علي التعديلات الدستورية, ولكن الحقيقة يعود إلي ما هو أبعد من ذلك ربما منذ أن سعي محمد علي الكبير للخروج بمصر من الخلافة العثمانية; وجاء حفيده إسماعيل من بعده لكي يريد جعل مصر## قطعة من أوروبا##. كان ذلك الحلم قائما حتي عندما كان عدد الذين يعرفون القراءة والكتابة ندرة في مصر فلم يتعدوا 15% من عدد السكان في منتصف القرن العشرين; وعندما كانت الصناعة لا تزيد عن جزر معزولة في بلد ظلت غالبيته تعمل بالزراعة. وربما لم تكن صدفة أن يظهر رشيد رضا وحسن البنا ومن جاء من تحت ضلوعهم في عشرينيات القرن الماضي لكي يبدأ الانقسام في البداية بين الوفد ممثلا لمصر المتطلعة للحداثة والتقدم علي النمط العالمي القائد, وبين الإخوان المتطلعين إلي ماض تليد لعله يستيقظ ويقوم من غفوته مجددا مجدا ضاع في ظلمات من التخلف والتراجع. لم يمض وقت طويا حتي صار الانقسام بين الإخوان ورجال يوليو بعد اقتراب لم يستمر طويلا, فقد كان حلم الحداثة باقيا عن طريق التصنيع والتعليم المجاني; كما كان حلم الخلافة مستمرا بجذب الأنصار والحلفاء داخل الوطن وفي ساحة دولية ممتدة عابرة للحدود والدول والقوميات.
الآن انقسم المنزل مرة أخري حتي بعد ثورة مشتركة, ولم تكن صدفة أن نتيجة الانتخابات الرئاسية جاءت علي ما أتت عليه عند المنتصف أو بقربه. ولم تكن حتي هناك صدفة أنه في العموم صوتت القاهرة والشمال لطرف, بينما ريف الجيزة والجنوب لطرف آخر. كان المنزل ينقسم حول الفكرة, وبين الزراعة والصناعة, والطبقة الوسطي وما عداها, وكان الإعلان الدستوري والدستور آخرها.