برحيل أمين فخرى عبد النور خسرت مصر أحد أقطاب الحركة الوفدية وآخر من صافح الزعيم سعد، فكان أرشيف وطنى متحرك عاصر لمدة 100 عام هى عمره ثلاثة ثوارات غير تاريخ مصر
برحيل أمين فخرى عبد النور خسرت مصر أحد أقطاب الحركة الوفدية وآخر من صافح الزعيم سعد، فكان أرشيف وطنى متحرك عاصر لمدة 100 عام هى عمره ثلاثة ثوارات غير تاريخ مصر وكان معاصرا لأكثر من حاكم وحكومة، كان صديق الرئيس الفرنسى شيراك، وصديق الكاتب محمد حسنين هيكل وربطته مودة بالبابا شنودة الثالث. فهو سليل عائلة وطنية من صعيد مصر من جرجا، ووالده هو المجاهد الوطنى فخرى بك عبدالنور الذى تعرض للنفى وشارك سعد زغلول نضاله منذ البداية، وعرف بالتطرف فى الوطنية والعداء للاحتلال. وكان له عدد من الأبناء أبرزهم أمين ، ولد يوم ٢٢ يوليو سنة ١٩١٢، كان تلميذا فى الجيزويت وتعرف على شقيقة زميله ميشيل أمين غالى وتزوجها سنة ١٩٤٠، أى منذ ٧٢ سنة، ولقد أنجب أمين بك ولدين الأكبر هو فخرى تيمنا باسم جده لأبيه وقد تفرغ فخرى “الحفيد” للأعمال الحرة، والثانى هو منير الذى تخرج فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وأصبح واحدا من ألمع السياسيين المصريين على الساحة العربية وممثلا لحزب الوفد الذى كان سكرتيرا عاما له، بالإضافة إلى أنه كان برلمانى من طراز فريد ومؤخرا كان وزيرا للسياحة فى وزارة أحمد شفيق.
كان أمين فخرى عبد النور بشوش دائما وله ذاكرة شاب فى العشرينات، يتذكر أحداثا بعيدة وتفاصيل كثيرة تؤكد انه أرشيف وطنى متحرك، فلقد رأى سعد زغلول ومصطفى النحاس ومكرم عبيد وغيرهم من رموز الحركة الوطنية المصرية وصافح الزعيم سعد زغلول، ناضل فى تحرير الوطن من الاستعمار الإنجليزى، وخرج فى مظاهرات كثيرة لا يمكن حصرها، حيث تعرض لبعض الإصابات، فى الثلاثينيات خرج ضد وزارة إسماعيل صدقى بعد إلغاء دستور ٢٣، وشارك فى ثورة الشباب سنة ١٩٣٥ التى أجبرت الملك فؤاد على إعادة الدستور والحياة البرلمانية، وشارك فى مظاهرات فى جرجا، خاصة أثناء الانتخابات، ومنها انتخابات ١٩٣٨ فى عهد وزارة محمد محمود، التى شهدت تدخلاً سافراً من الإدارة، وخلالها أصيب إصابة كبيرة فى الرأس وتم نقله على أثرها إلى القاهرة للعلاج.
كما لعب دوراً مهماً للتقريب بين الكنيسة الكاثوليكية بروما وكنيسة الإسكندرية القبطية الأرثوذكسية مرتين، المرة الأولى عندما ذهب إلى روما بصحبة الأب عيروط، كاهن جزويت مصرى، مؤسس جمعية الصعيد، لكى يطالب بجسد مارمرقس الرسول الذى يرقد فى الكائدرائية فى البندقية فى إيطاليا التى تشيد باسمه هناك، وقابل بابا روما نجح فى الحصول على جزء من رفات جسد القديس مار مرقس، وعاد به وسلمه للبابا كيرلس السادس، بابا الإسكندرية فى ذلك الوقت، أما المرة الثانية، فكانت عندما رافق البابا شنودة الثالث ومجموعة كبيرة من المطارنة المصريين والمرحوم إبراهيم نجيب إلى الفاتيكان، وكان هذا هو اللقاء الأول بين كنيستى روما والإسكندرية بعد الانشقاق الذى حدث فى القرن الخامس الميلادى، وكان الهدف منه التقارب ومراجعة نقاط الخلاف. وقد لعب دوراً أساسياً فى تنظيم هذه الرحلة، حيث كان تربطه علاقة قوية بسفير الفاتيكان فى القاهرة وقتئذ، وقد أسفر هذا اللقاء عن تشكيل لجان فنية اجتمعت عدة سنوات متتالية، إنما للأسف تباعدت اللقاءات والاجتماعات وفتر الحماس.
كما عرف بعلاقته الوطيدة بين الأقباط والمسلمين حيث يحتفل فى منزله بالصعيد كل عام بليالى رمضان ويدعو جميع الشيوخ المقرئون لبيته لكى يحتفلوا معه.
كما أكد قبل وفاته أكثر من مرة فى حوارات له أن مصر تسير فى الطريق الخطأ منذ ثورة 25 يناير لعدم وجود قائد للثورة يقود الدفة.