مدرسة المحبة درس بها ثلاثة من البطاركة هم: البابا كيرلس السادس والبابا شنودة الثالث والبابا تواضروس الثاني، لذلك يلقبها الأن الناس بدمنهور مدرسة البطاركة.
مرقس نصيف من الرعيل الأول لمدرسة المحبة: كان
يتميز الطفل وجيه بهدوءه الشديد الي جانب تفوقه وخطه المتميز
كان البابا تواضروس أحد مؤسسي خدمة الصحراء
القس ثاؤفيليس نسيم: صاحب فكر ورؤية مبدع له رؤية مستقبلية لديه نعمة إكتشاف المواهب
الصيدلى بشارة عبد الملك: كان الدكتور وجيه يحب دراسة الصيدلة مما جعله ناجح جدا في إدارته لمصنع أدوية بدمنهور
نشأة الطفل وجيه في مدرسة البطاركة:
مدنية دمنهور هي المدنية الريفية البسيطة التي شهدت محطات مهمة في حياة الطفل والشاب الخادم والدكتور الصيدلي وجيه صبحي باقي (قداسة البابا الأنبا تواضروس الثاني ) الذي ولد في 4 نوفمبر 1952
وكان محل الميلاد بمحافظة المنصورة، ثم أنتقلت الأسرة بأكملها التي تتكون من الأب – الذي يعمل مهندس بالمساحة والأم ربة المنزل والأخوات هدي وإيمان الي محافظة سوهاج، وكان وقتها الطفل وجيه صبحي في سن الخامسة، وهناك بدء مرحلة تعليمه الابتدائي.
وفي عام 1961 انتقلت الأسرة كلها الي مدينة دمنهور بسبب عمل الأب، وكان الطفل وجيه صبحي في الصف الرابع من مرحلة التعليم الابتدائي فأدخله والده مدرسة الأقباط بمدينة دمنهور – المحطة الأولي في حياة البابا تواضروس الثانى أو الطفل وجيه.
لذلك قامت جريدة “وطني” بالذهاب الي مدرسة الأقباط الخيرية الكائنة بشارع عرابي بدمنهور والتي تغير اسمها الأن الي مدرسة المحبة التي تم بنائها 1901م، وهناك تقابلنا مع عم مرقس نصيف عبدالله من الرعيل الأول بالمدرسة، ويعمل بالشئون الادارية للجمعية الخيرية التي كانت تتبع المدرسة، فقال: جاء الي المدرسة عام 1961 الطفل وجيه صبحي للإلتحاق بالصف الرابع الابتدائي، وكان فصله في الدور الثالث وناظرة المدرسة وقتها مدام شفيقة يوسف عطا شقيقة البابا كيرلس السادس وأختها عزيزة يوسف كانت تعمل أيضا مدرسة بالمدرسة، وكان يتميز الطفل وجيه بهدوءه الشديد الي جانب تفوقه وخطه المتميز فكان يمتاز بخط رائع. وقد درس الطفل وجيه بالمدرسة من بداية الصف الرابع حتي تخرجه من مرحلة التعليم الابتدائي.
مئوية مدرسة البطاركة:
الجدير بالذكر أن هذه المدرسة درس بها ثلاثة من البطاركة هم: البابا كيرلس السادس والبابا شنودة الثالث والبابا تواضروس الثاني، لذلك يلقبها الأن الناس بدمنهور مدرسة البطاركة.
وعن الذكريات الجميلة يقول عم مرقس أن الأنبا شنودة الثالث ونيافة الأنبا باخوميوس قد زارا المدرسة كما جاء إليها الأنبا تؤاضروس في العيد المئوي عام 2000، وهى الأن تفرح اليوم بتنصيبه بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لتصبح مدرسة الأقباط هي المدرسة التي تخرج منها البطاركة الثلاث.
أطفال دمنهور وخدمة الشباب:
وتأخذ الأستاذة سامية ميخائيل عازر مديرة المدرسة الحالية طرف الحديث وتقول: عندما شهدنا القرعة الهيكلية
التي جاءت بقداسة البابا الأنبا تواضروس كنا جميعا في غاية الفرح والسعادة، فنحن جميعا نعرفه عن قرب وله العديد من المواقف الإنسانية مع كل واحد، فهو أب لكل شاب وفتاة في دمنهور.
وأهتم الأنبا تواضروس اهتماما كبيرا بالأطفال فكان يجمع الأطفال الذين لا يعرفون الصلاة وقراءة الإنجيل في كنيسة المزرعة لتعليمهم قراءة الإنجيل ليس أطفال دمنهور فقط ولكن من كافة القري والنجوع بالبحيرة، وكان يهتم بإعداد الخدام من شباب وفتيات ثانوي. وفي بداية التسعينيات كان أول من دعا لإقامة مهرجانات للشباب قبل مهرجانات الكرازة، وكانت إبنتي مني طالبة في المرحلة الثانوية، وأشتركت في أول مهرجان 1991، وكان الأنبا تواضروس دائما يشجعها، وعندما مرضت كان دائم السؤال عليها في مرضها الي أن توفت من خمسة عشر عاما، وحتي الآن لا ينسي الأنبا تواضروس إقامة الذكري السنوية لها بالكنيسة فهذه هي مشاعر الأبوة الحقيقية ونتمني من سيدنا البابا أن يتذكرنا دائما وأن الرب يسوع يعطي له النعمة والنجاح في مسئوليته لرعاية الشعب القبطي كله.
.
تعد كنيسة رئيس الملائكة الجليل ميخائيل بدمنهور بداية الخدمة في حياة الأنبا تواضروس وهى كائنة بشارع القلعة تم انشاءها في 21 نوفمبر 1952 في عهد البابا يوساب الثاني بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ال115 وتحت رعاية الأنبا توماس مطران البحيرة والغربية وكفر الشيخ وقتها، ثم تم تكريس هذه الكنيسة في 3 يوليو 1978 في عهد قداسة البابا شنودة الثالث بابا وبطريرك الكرازة المرقسية ال117 وفي حبرية نيافة الأنبا باخوميوس أسقف البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية، وتشهد هذه الكنيسة العريقة محطة مهمة في حياة الشاب الخادم وجيه صبحي منذ بداية تعليمه بالمرحلة الأعدادية فكان دائم المواظبة علي حضور القداسات بالكنيسة الي جانب مدارس الأحد حتي أصبح يخدم بهذه الكنيسة.
ويحدثنا هنا الأستاذ لويس غالي جرجس مدرس أول رياضيات ويقول:
كنت زميل للأنبا تواضروس في الخدمة بالكنيسة، فهو أكبر مني في العمر بعامين فقط، وبدأت خدمتنا بالكنيسة في المرحلة الثانوية فكان وجيه صبحي يتميز بالنظام والدقة في كل شيء محب للقراءة بشكل غير عادي ومن حبه الشديد للقراءة قام بتأسيس مكتبة استعارية بكنيسة الملاك ميخائيل في 12أغسطس 1969، وهو في المرحلة الثانوية وهذه المكتبة تحوي آلاف الكتب فكان يقوم بشراء هذه الكتب وتجميعها وكان سعر الكتاب الواحد يتراوح بين قرش أو قرشين صاغ ولاتزال هذه المكتبة الاستعارية التي أسسها موجودة الي الأن بالكنيسة، وفي عام 1975 أصبح وجيه أمين للخدمة بالكنيسة من شدة نظامه ونشاطه الذي كان يقوم به.
وعن الذكريات التي لاتنسى يقول الأستاذ لويس غالي: في عام 1984م طلب من الدكتور وجيه صبحي أن يقوم بالخدمة في الصحراء بمنطقة كينج مريوط حيث طلب منه نيافة الأنبا باخوميوس أن يذهب مرة كل شهر لإعطاء محاضرات لتأسيس خدمة الصحراء هناك في مركز الخدمة التي كانت تشرف عليه تاسوني هيلانه، وطالبنيبالذهاب معه مرة كل شهر يومي الخميس والجمعة لتأسيس هذه الخدمة التي كانت بعد ذلك خدمة مثمرة وناجحة.
كنيسة الكرمة بدمنهور وناجحات مستمرة:
كنيسة الكرمة بدمنهور وكما يطلقون عليها الجميع كنيسة المزرعة مكان في غاية الهدوء والبساطة، فهذا المكان شهد العديد من النجاحات للأنبا تواضروس تحت رعاية وإشراف الأنبا باخوميوس فكان يتم فيها تجميع الأطفال الذين لايعرفون الصلاة وقراءة الكتاب المقدس لتعليمهم، وأيضا يتم فيها إعداد الخدام و إقامة الأنشطة الخاصة بلجنة الطفولة والرعاية من كل عام. بالإضافة الي إنشاء الكلية الإكليريكية التي تم إفتتاحها عام 1992م باسم القديس أثناسيوس الرسولي، وكان يدرس بها الأنبا تواضروس مادة “العهد الجديد”. بالإضافة الي إقامة معهد للألحان القبطية و الكتاب المقدس بداخل المكان. تلك كانت محطة مهمة ومثمرة في حياة الأنبا تواضروس الذي قام بتأليف ثلاثة كتب هامة أثناء تدريسه بالكلية الاكليريكية وهم: “مفتاح العهد الجديد” و “فنون كتابية” و “هذا إيماني” – الذي يشرح فيه قانون الإيمان.
وبداخل كنيسة الكرمة تحدثنا مع الصيدلى بشارة عبد الملك دكتور وهو زميل دراسة بكلية الصيدلة جامعة الاسكندرية للدكتور وجيه صبحي (قداسة البابا تواضروس الثاني ) فيقول:
كان وجيه في الكلية في السنه الرابعة وأنا في السنة الأولي في الجامعة، وكنا نعرف بعض من الكنيسة والخدمة، ولكنه كان متوفقا عني ومن شدة تفوقه ونظامه كنت أستعين بكشكول المحاضرات الخاص به في جميع السنوات التي يسبقني فيها فأجد كشكول خطه واضح وجميل منسق ويكتب كل شيء، والعجيب أنه كان يكتب وراء الدكتور ومع ذلك كان يتمتع بحسن الخط أيضا.
ويضيف الدكتور بشارة: تتلمذ الدكتور وجيه منذ أن كان علماني علي يد نيافة الأنبا باخوميوس فهو شرب من سيدنا الكثير من الفضائل وكنا جميعا نري ذلك وكيف كانت العلاقة بين الابن و الأب التي يضرب بها المثل في جميع أنحاء الكرازة.
وكان الدكتور وجيه يحب دراسة الصيدلة بشدة وهذا ما جعله ناجح جدا في إدارته لمصنع دمنهور للأدوية عامي 78و79 بجدارة ونسمع أن هذا المصنع قبل عمله فيه كان يخسر، ولكن في فتره عمله نجح المصنع وذاع صيته بدمنهور الي أن تركه، وحاليا المصنع مغلق.
.
ويقول المهندس عادل فهمي جرجس يعمل مهندس استشاري بدمنهور وزميل وصديق للأنبا تواضروس: كنت أخدم مع الأنبا تواضروس أثناء مرحلة الثانوي لفصل رابعة ابتدائي في الخدمة بالكنيسة وكنت أجد صعوبة في تحضير الدرس للأولاد ولكن وجيه كان دائما له طريقة سهلة ومبسطة في توصيل المعلومة للطفل – رغم صغر سننا وقت ذلك. وكان يقوم بعمل وسائل ايضاح لتساعد الأطفال علي استيعاب المعلومات فكان لديه كافة مواهب الخادم الناجح، وأتذكر كنت أستفيد منه في شرح قصة الإبن الضال بالكتاب المقدس، وكيف وصل هذه القصة للطفل ببساطة.
وعن الذكريات التي لاتنسي يقول عندما كان البابا شنودة الثالث أسقف للتعليم كان يأتي مرة كل خمسة عشر يوما الي كنيسة الملاك بدمنهور لمدة ساعتان، ويجلس مع الخدام ومن الأشياء التي أتذكرها سأل وجيه الأنبا شنودة في أحد المرات سؤال فقال له أنا عايز أكون راهب أعمل أيه؟ وكان وقتها في المرحلة الثانوية وهو الولد الوحيد بعد وفاة والده فرد البابا شنودة عليه أنت ممكن تكون راهب وأنت في الحياة، وضرب البابا شنودة له مثلا بأن ملك له أبن وحيد يرغب في أن يورث له المملكة كلها والأبن كان يرغب في حياة الرهبنة ولكن مع اصرار الأب رضخ الأبن فكان يلبس أفخر الثياب أمام والده في المملكة وعندما يختلي بنفسه يخلع ثيابه الفاخرة ويلبس المسوح ويتعبد للرب وأقتنع وجيه بكلام الأنبا شنودة ولكن ظل في داخله رغبة الي أن يصبح راهبا.
.
القس ثاؤفيليس نسيم راعي كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بدمنهور، شخص لم يفارق الأنبا تواضروس من السبعينيات وحتي الأن، فهو يصغر الأنبا تواضروس بأربع سنوات فقط. وقد ذهبنا الي أبونا ثاؤفيليس نسيم في منزله بدمنهور، وتكلمنا معه لنعرف منه ذكرياته مع الأنبا تواضروس والخدمة المثمرة التي أشترك معه فيها فقال:
أنا أشعر بالفرحة كبيرة جدا بنتيجة القرعة الهيكلية التي أتت بالأنبا تواضروس فهو شخص يتميز بأشياء كثيرة جدا صاحب فكر ورؤية ومبدع وله رؤية مستقبلية ولديه نعمة اكتشاف المواهب، محب لكل قطاعات الخدمة ومهتم جدا بخدمة الطفولة واعداد الخدام و الشباب، فمع بداية الترشيحات كنت أجلس معه علشان يقبل تزكيات ترشيحه وأقنعه فكان يرفض ويقول أنت عايز تحرمني من خدمتي معكم، وأحيانا كنت أشعر بالشفقة عليه من أن يصبح البطريرك ولكن لأنني أعرف قدرات الأنبا تواضروس جيدا فكنت أقول في نفسي خسارة للكنيسة أن تخسر حد مثل الأنبا تواضروس أن يأتي بطريرك، لعلمي التام بمميزاته وقدراته الروحية والادارية وحبه الشديد للخدمة والعمل من أجل الكنيسة.
وأضاف: من المواقف التي لا تنسى في حياتنا أنه في يوم أصبت بمرض شديد قبل الامتحان وكان وقتها الدكتور وجيه طالب بكلية الصيدلة كان يمر يوما بمنزلي للسؤال علي ويحاول تقديم أي مساعدة لي في المذاكرة وحتي لا تضيع السنة، وهذا الموقف كان سبب إرتباطي الشديد به لدرجة أننا لم نفترق منذ ذلك الوقت حتي الأن، ما عدا الوقت الذي دخل فيه كراهب بالدير من عام 86 الي عام 90.
وعندما كان طالب في الكلية كان يأتي الي كنيسة الملاك ويجلس تحت المنارة فيتجمع جميع الشباب بالكنيسة حوله من كثرة حبهم له والاستماع له. وفي أثناء خدمته بكنيسة الملاك كان صاحب فكرة إقامة معرض للكتاب المسيحي و صاحب فكرة إصدار “وزنات مثمرة” وهي عبارة عن مجموعة أنشطة متعددة، وهو أول من انشأ مكتبة استعارية بالكنيسة، وكان صاحب فكرة فصول اعداد الخدام للشباب وكذلك اقامة مهرجان للشباب بخدمة ثانوي ففى عام 1991 كان أول مهرجان تحت شعار (معا في المسيح) وأخذ السيد المسيح هو شعار مهرجان كل عام مع تغير المسميات الفرعية. كما ساهم في الاهتمام بحلقات الخدمة لكل قطاعات الخدمة والمخدومين من عام 97 حتي 2012م، وفي أثناء خدمته كأسقف عام بالإيبارشية صار مسئولا عن قطاع الخدمة الصحراوي تحت رعاية الأنبا باخوميوس فقام بتعمير الخدمة هناك بكافة أنشطتها. وكذلك رسامة الأباء الكهنة هناك و إقامة مشروعات تنموية تميزت بالطابع القبطي واللمسة الجمالية لما يتمتع به من اللمحة الفنية. كما كان خلال هذه الفترة مسئولا عن لجنة خدمة الطفولة المنبثقة عن لجنة الرعاية حيث كان يقيم مؤتمرات للطفولة – مؤتمرين سنويا خلال شهري فبراير وأكتوبر من كل عام. كما أهتم بالطفل المبدع حيث كان يستصيف حوالي 150 طفل من كافة الايبراشيات وكان يصدر كتب بكل هذه اللقاءات تحوي الموضوعات و الأنشطة التي تدرس في هذه اللقاءات.
بالإضافة لما يتمتع به الأنبا تواضروس من نعمة التعليم وإلقاء العظات في صورة مبسطة ولكنها في نفس الوقت عميقة لكل المستويات. فهو يتمتع بحبه الشديد للكتاب المقدس حتي صار أستاذ للكتاب المقدس في الكلية الاكليريكية ومعهد الكتاب بدمنهور وأخيرا أقول نصلي من أجله جميعا لكي يعطيه الرب نعمة وحكمة.
إ س