أينما تذهب يسألك صديق أو عابر سبيل: ماذا يحدث في مصر الآن؟ وهذا أصعب سؤال ممكن أن يواجهك بك عدو أو حبيب أعتقد مهما امتلكت من حصافة أو ثقافة
أينما تذهب يسألك صديق أو عابر سبيل: ماذا يحدث في مصر الآن؟ وهذا أصعب سؤال ممكن أن يواجهك بك عدو أو حبيب أعتقد مهما امتلكت من حصافة أو ثقافة
أو علم ستتردد في الإجابة وقديما قالوا: من قال لا أعلم فقد أفتي ولكنه زمان الفتوى حيث لكل سؤال فتوى ولكل مجتهد نصيب ومن الشائع بين الظرفاء أن فتوى المحب خروف وفتوى المبغض حسب الظروف وأنت أينما وجهت بصرك في براح المحروسة ستجد حمي من الفتاوى الصالحة لكل زمان ومكان حتى أن البعض
اخترع فتاوى للدخول إلى الحمام والعكس فمهما كنت سيادتك مزنوقا فلا ينبغى إن تدخله وحيدا بلا فتوى وإلا لبس سيادتك عفريت وأنت خارج وهذا يلزمه زارا وهناك فتوى لصعود الطائرة والأسانسير وبرج القاهرة وفتوى لفتح الكوتشينة وقفلها وليس عسيرا علي المرء أن يحظي بسائر أنواع الفتاوى الآن بالتليفون وفي التليفزيون والنت وعلي المقهى وعلي الطاير وأنت ماشي في حالك لابك ولاعليك ، لديك حرية الاختيار في سوق واسعة من الفتاوى تفتح وتغلق كافة منافذ ومداخل ومخارج حياتك الطبيعية حتى إن المرء الخالي من الفتوى قد يسأل نفسه مذهولا : ماذا كان يفعل الإنسان البدائي منذ نيف وعشرين عاما أو أزيد قليلا بلا فتوى ؟! أكيد كان ضالا لا يعرف طريق العودة إلي المنزل ونحمد ربك علي نعمة السهولة والإعجاز في تناول وتداول الفتوى في العصر الحديث عن طريق الفم أو الحقن أو اللبوس، فلماذا تذهب إلي طبيب إذا أصابك مكروه لا قدر الله ستجد لا محالة من الأصدقاء والأقارب وزملاء العمل وزبائن المقهي الغرباء من يصف لك الداء والدواء علي شكل فتوى قد لا تحتاج ساعتها إلا إلي عزومه علي كوب شاي أو سيجارة أو مجرد ابتسامة مجانية ممتنة وعلي البركة يا عمنا فالفتاوى أنواع دينية
وطبية وعلمية وسياسية واجتماعية ونفسية وفضائية حتى علي كل لون وشكل وفي متناول جميع طبقات المجتمع وهي الشيء الوحيد الذي أفلحنا في إيصاله إلي
مستحقيه ، امتلأت الأرض والسماء في هذه المنطقة التعيسة من العالم بملايين من أهل الفتوى والساده أصهار وأنصار أهل الفتوى وهي الدرجة الرفيعة التي لم تبلغها قبلنا أمة من الأمم ولا شعبا من الشعوب التي اخترعت لنا التليفزيون والتليفون لنتبادل الفتوى في أي وقت وأي مكان ولم نعد نحتاج إلي علماء ولا متخصصين بعد أن امتلأت أرضنا وسماءنا بالعارفين من كل نوع. مثلما انتشرت ظاهرة الباعه والمحلات التي تعلن عن سلعتها تحت عنوان: كل شيء بجنية ونص!! ولكنك في هذا الشأن العلمي المعملي الفذ قد لا تحتاج أبدا أن تدفع فكل شيء هنا مجانا والأرزاق علي الله وكله بيعدى والدنيا عبارة عن فتاوي وأشياء أخرى ليس لها أي لازمة أما عن السؤال الأصلي الذي بدأنا به التداعي الحر كعادة الشعب المصري الشقيق عن ماذا يحدث في مصر الآن؟! قلب سعادتك أبيض يا مواطن، ستأتيك الفتاوى في المقالة القادمة إن شاء الله.