الخبراء النفسيين : اذا لم تتوفر برامج متخصصة للتأهيل سيهرب الأطفال ولو كانوا فى الجنة
الداخلية : المشروع يؤمن المجتمع من خطر هذه الفئة و تشاركنا الدفاع
الشئون الاجتماعية : تكلفته 17 مليون جنيه على مساحة 40 فدان و يسمح بإقرا ر الأمن الداخلى
اطفال الشوارع .. جملة قصيرة تحتوى معانى خطيرة .. فالطفولة هى المستقبل .. هى مصر الغد .. هى الأمل فى مجتمع امن سوى .. فاذا ذهبت الطفولة الى الشوارع حيث تعترضها كل الفئات الضالة و تلتقط منها ما تشاء لتروضه و تضعه على أبواب الضلال .. فلنقل على المجتمع السلام .. هذا ما تهتم به كافة فئات المجتمع حاليا مع اختلاف الطرح و التعاطى .. فبعد أن طرحت وزارة الشئون الاجتماعية مشروع جمع أطفال الشوارع على مستوى الجمهورية فى منتجع ب 6 أكتوبر اثار ذلك رؤى اخرى لديها تحفظات واعية على هذا الطرح .. اذ رفض الائتلاف المصرى لحقوق الطفل مقترح الحكومة بإنشاء معسكر لأطفال فى الشوارع على حدود القاهرة للتخلص من الظاهرة … واتهم الحكومة بتنفيذ مخطط لعزل الأطفال عن المجتمع فى معسكرات أشبه بالمعسكرات النازية.
ترجع تفاصيل الاحداث الى الأسبوع الحالى فى الفترة من 17 إلى 22 نوفمبر الجارى حينما دعت وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية كافة المعنيين بقضية أطفال الشوارع لورشة عمل تحت عنوان ” الواقع ..التحديات..الخطة التنفيذية ” .. بمشاركة منظمات المجتمع المدنى المصرية وكذلك ممثلين عن وزارات الداخلية والعدل والدفاع وممثلين عن المجلس القومى للطفولة .. وخلال الجلسة الافتتاحية أعلنت نجوى خليل – وزيرة الشئون الاجتماعية عن نية الحكومة لإقامة منتجع لأطفال فى الشارع خارج حدود القاهرة فى منطقة 6 أكتوبر ،و أعلن الأمين العام للمجلس القومى للطفولة والأمومة عدم ممانعته فى هذا الأمر . إلا أن غالبية المشاركين وعلى رأسهم ممثلى الائتلاف المصرى لحقوق الطفل أعلنوا رفضهم لهذا المقترح وطالبوا الوزارة بتطوير المؤسسات القائمة بالفعل والتى لا تستوعب من طاقتها سوى 40% من أطفال فى الشارع .
كان الهدف من الورشة وضع خطة تنفيذية للتعامل مع الظاهرة وفقاً لرؤية غالبية الحضوروالعمل على تطوير المؤسسات القائمة بالفعل وعلى رأس الأولويات تطوير العقول العاملة فى هذه المؤسسة على معايير حماية الطفل ووضع سياسات وإجراءات الحماية التى تضمن عدم تعرض الطفل داخلها لأى شكل من الانتهاكات والتى تجعل هذه الفئة من أطفالنا رافضة لدخولها وتوصف بمؤسسات طاردة للأطفال وتجعل هناك حالة من العداء لها من قبل الأطفال فى الشارع الذى يفضلونه بكل مخاطره وبكل الاساءة التى يتعرضون لها فيه عن دخول هذه المؤسسات وعادة ما يتحدثون عنها ” بأن الشارع بكل قساوته أفضل لهم مما يتعرضون له داخل هذه المؤسسات البديلة ” !!
أكدت وزارة الشئون الاجتماعية :”يتم انشاء المنتجع على مساحة 40 فدانا في مدينة 6 أكتوبر كمرحلة أولى على أن يتم تعميم تطبيق هذا النموذج في مختلف محافظات الجمهورية.. وتم تخصيص مبلغ 17 مليون جنيه لدعم مؤسسات الرعاية الاجتماعية، ولكن التمويل لايزال العائق الأساسي لتنفيذ هذا المشروع.. وناشدت الوزارة رجال الأعمال بالاستثمار الاجتماعي لتوفير سياج الأمن الداخلي من خلال القضاء على المشكلة متعللة انها مشكلة تهدد الأمن الداخلي ….
و الملفت للنظر أن وزارتي الداخلية والدفاع تشتركان فى اقام المنتجع اذ قال اللواء الدكتور أحمد جاد منصور مدير أكاديمية الشرطة: “أن وزارة الداخلية قررت تشكيل لجنة تضم وزارات العدل والتربية والتعليموالصحة، إلى جانب وزارتي الداخلية والدفاع ومنظمات حقوق الإنسان والمجلس القومي للأمومة والطفولة للبدء فى تنفيذ إقامة المدينة السكنية متكاملة المرافق على الأرض التي خصصتها وزارة التأمينات”.
د / حنان الشاذلى اخصائى نفسى تحلل فكرة المشروع فتقول :نحن لا نحتاج معرفة قيمة التمويل و لا مساحة الارض لكن ما نبحث عنه هو البرامج التأهيلية الموضوعة كخطة لتاهيل هؤلاء الاطفال على كل المستويات .. اذا كان هناك برنامج تاهيلى محترم يؤهلهم للعيش السوى فى الحياة .. و ليس مجرد نقل لغرف نظيفة او تاسيس ديكور بدون تاهيل سلوكى و اجتماعى، فاذا لم يتوفر ذلك على كافة المستويات لن ينجح المشروع لانه يكون مجرد مشروع عزل .. لان أطفال الشوارع يوجد ضمنهم عدد كبير من مدمنى المخدرات .. الذين يحتاجون لبرامج خاصة جدا و مشرفين بأعداد مناسبة لتاهيلهم .. و كل شريحة تحتاج برامج مختلفة عن الشريحة الأخرى .. فاذا لم تتوف عوامل الطمأنية النفسية و الرغبة فى التغيير التى تولدها البرامج .. سيقفز هؤلاء الأطفال فوق أسورا المنجع حتى لو جنة و يعودون الى الشارع مرة اخرى فيهددونه بالزعزعة للاستقرار الذى ذكرته المصادر سالفا .. اذ انهم حينها سيشعرون انهم – الأطفال – غير امنين – فلماذا يأمن الاخرون .. و هنا يكمن الخطر لان التصريحات جاءت حفظا لسياج الأمن الداخلى من فئة أطفال الشوراع و لم تات حفظا لحقوقهم كمواطنين مصريين يجب ان يحصلوا على قدر من الرعاية مثل باقى المجتمع لانهم ضحايا و لم يختاروا مصائرهم .
د / ثروت فتحى استاذ مساعد بقسم الاعلام التربوى بكلية التربية النوعية بجامعة القاهرة و له عدة دراسات فى مجال اعلام الطفل يقول :” من حيث المبدأ لست مع عزل اى فئة من المجتمع خصوصا أطفال الشوارع .. فهم يحتاجن رعاية خاصة و جزء منهم يحتاج علاج نفسى و علاج سلوكى و يفضل إدماجهم فى بيئة طبيعية بها أطفال طبيعيين .. فمن هم فى سن التعليم و تسربوا اما العودة الى مقاعد الدراسة أو إعداد برامج تربوية لمحو الامية ..و من هم سن العمل يتم تدريبهم حرفيا و مهنيا فى بيئات طبيعية بها نظائرهم من هم فى مثل أعمارهم .
كما أن كلمة منتجع تطلق على الأماكن السياحية والترفيهية ولا تنطبق على هذه الحالة ام أن هذا تسويق للفكرة بتعبيرات فخمة ! .. اذا تم هذا المشروع من واقع فكرة العزل .. لن ينج سيفشل فشلا ذريعا و سيهرب الاطفال حتى لو وضعوهم فى السماء .. فمصر ما زالت تفتقر لاساليب الادارة النفسية و الاجتماعية لمثل تلك المؤسسات كما ان فكرة العزل رفضتها المجتمعات المتقدمة حتى بالنسبة للمتفوقين .. فالدمج و تصحيح السلوكيات هو المآخذ به و البيئة الصناعية تبث فيهم انهم اقل من المجتمع ويتصدق عليهم الاخرون ..
ردا على تصريحات الشئون الاجتماعية قال هانى هلال ريئس الائتلاف:”
تصريحات الوزيرة اصابتنا بحالة إحباط شديد و اظهرت لنا اننا كنا فى موضع استغلال من قبل منظمى هذه الورشة لتمرير مشروع تم الاتفاق عليه بالفعل وأن كل ما يحدث داخل هذه الورشة محض استغلال للدعاية الاعلامية لتمرير هذا المشروع المشبوه وضياع ما يقرب من 17 مليون جنيه من المفترض أن توجه لخدمة أطفال فى الشارع ، وأن هذه ورشة العمل أقيمت للتخطيط لإنشاء هذا المنتجع !!!
و اوضح هلال الى أن الائتلاف المصرى لحقوق الطفل يعلن رفضه لهذا المخطط من قبل الحكومة الذى يعيدنا لنفس الفكر الفاشى العقيم فى التعامل مع الظاهرة ، بإبعادهم عن المجتمع وعزلهم فى معسكرات أشبه بمعسكرات النازية التى يمارس عليهم فيها كافة أشكال العنف والاستغلال مثل العمل على إنشاء أفران لإنتاج الخبز لسكان القاهرة !! وليس العمل على إعادة تأهيلهم وتوجيهم وتعديل سلوكياتهم ثم الوقوف على الأسباب الأساسية التى أدت لخروجهم من داخل الأسرة الى الشارع ومعالجة تلك الأسباب داخل أسرهم ثم العمل على دمجهم فى المجتمع مرة أخرى وأن يكسبهم المجتمع مرة أخرى كأشخاص طبيعيين لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات …
مشيرا الى أن هذه الفئة من أطفالنا ما هم إلا ضحايا لسياسات إقتصادية واجتماعية وثقافية إنتهجتها وما زالت تنتهجها الدولة أدت بهم إلى هذا الوضع الذى تنتهك فيه كل حقوقهم فى الحياة والعيش بكرامة ، فإنه أيضاً يؤكد على أن مسئولية الدولة بكافة مؤسساتها الحكومية وغير الحكومية هى العمل على تمكينهم من تلك الحقوق وأن نكسب ثقتهم مرة أخرى فى مجتمعاتهم بأن نطور العقوق والثقافة السائدة التى توصفهم بالمجرمين الخارجين عن القانون وتتعامل معهم بهذه العقلية .
كما جدد الائتلاف المصرى لحقوق الطفل رفضه التام لإنشاء هذا المنتجع “المعسكر” الذى سيتم عزل الأطفال فيه ويبعدنا عن دورنا الحقيقى فى العمل على تأهيلهم ودمجهم مرة أخرى فى المجتمع … وطالب الائتلاف وزير الشئون الاجتماعية فى عرضها للتوصيات اليوم بإعلان رفض المجتمعين لفكرة المنتجع والاعلان عن وضع خطة تنفيذية لتطوير مؤسسات الرعاية البديلة القائمة بالفعل وتطوير قدرات وإمكانيات القائمين عليها ووضع سياسات واجراءات تحمى هؤلاء الأطفال داخل تلك المؤسسات من الانتهاكات التى يتعرضون لها وتصون كرامتهم الانسانية.
إ س