غدا يختار الشعب القبطي راعيه…غدا يوم مشهود في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية العريق,حيث يختار مجمع الناخبين المسجلة أسماؤهم في الجداول الانتخابية البابا رقم 118 في عداد باباوات الكنيسة خلفا لطيب الذكر المتنيح
غدا يختار الشعب القبطي راعيه…غدا يوم مشهود في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية العريق,حيث يختار مجمع الناخبين المسجلة أسماؤهم في الجداول الانتخابية البابا رقم 118 في عداد باباوات الكنيسة خلفا لطيب الذكر المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث.
هناك حالة من الارتياح العام والتفاؤل تعم الشعب القبطي إزاء المرشحين الخمسة الذين تجري بينهم عملية الانتخاب وهي حالة مصحوبة بتسليم إيماني عميق بأن ما سوف تسفر عنه نتيجة الانتخاب من تقدم ثلاثة من المرشحين إلي التصفية الأخيرة وهي القرعة الهيكلية,وسحب اسم واحد منهم ليكون البابا المنتظر للكنيسة هو أمر يمثل ترجيح إرادة السماء في هذا المسار الذي يترقبه الملايين.
وما من شك أن المرحلة التي وصلنا إليها اليوم والتي نصلي أن تنتهي غدا بسلام هي ثمرة عمل دؤوب وحكمة ملفتة لقيادة الكنيسة ممثلة في صاحب النيافة الأنبا باخوميوس القائمقام البطريركي وأصحاب النيافة الأساقفة والسادة الأراخنة أعضاء لجنة الترشيحات والانتخاب الذين قادوا السفينة ببراعة إلي بر الأمان وسط الأنواء والأعاصير والعواصف التي هاجمتها وكادت تعرقل رسوها بسلام.
كان علي الجميع التحلي بالهدوء والحكمة أمام التيارات المعارضة ومواجهة المشككين بالاستماع إليهم ومجاوبتهم بالمنطق وبالشفافية والحجة,وكان ذلك النهج طيبا ومريحا لأنه أكد مبدأ إشراك الشعب في اختيارراعيه وهذا إرث عظيم للكنيسة القبطية الأرثوذكسية ربما يختلف عن التقليد المتبع في الكنيسة الكاثوليكية…ففي الكنيسة الكاثوليكية كما يعرف الكافة عندما يتنيح بابا روما يجتمع مجمع الكرادلة في الفاتيكان لاختيار البابا الجديد ويظل المجمع في حالة اجتماع مستمر مغلف بسرية مطلقة والشعب واقف في ميدان القديس بطرس حابسا أنفاسه مترقبا النتيجة شاخصا بصره إلي المدخنة أعلي المبني المجتمعين فيه,فقد جري التقليد علي انبعاث دخان أسود منها علامة علي عدم الاستقرار علي البابا المختار, ويتكرر الدخان الأسود ويستمر مجمع الكرادلة مجتمعا إلي أن ينبعث دخان أبيض من المدخنة,وهنا تعلو صرخات الفرح والتهليل بين الجموع إذ أن الدخان الأبيض يكون علامة علي انتهاء الكرادلة من اختيار البابا,وساعتها تهفو النفوس وترنو العيون إلي الشرفة الرئيسية التي يظهر فيها البابا الجديد ليحيي الشعب ويباركه وسط الإعلان الرسمي للنتيجة.
فإذا كان التقليد في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية مؤسسا علي إشراك الشعب في اختيار راعيه, وجب أن يتبع هذا التقليد منهج الشفافية والمصارحة ليستريح الشعب أنه بالفعل مشارك في الاختيار ويعرف كل ما يتصل به من خطوات.. وفي هذا الصدد أسجل بكل ارتياح أن الحرص علي الشفافية واتباع اللائحة التي تحكم عملية انتخاب البابا كان شديدا ودقيقا من جانب جميع المتصلين بذلك المسار.
وفي هذا السياق صرح نيافة الأنبا بولا المتحدث الرسمي باسم لجنة الانتخاب في معرض شرحه المفصل لكل ما يتصل بيوم الانتخاب- غدا بإذن الله- بأنه طبقا للائحة الانتخاب علي كل ناخب أن يدلي بصوته في الورقة المعدة لذلك بأن يشطب علي الأسماء التي لا يريدها ويترك اسم من يريد انتخابه غير مشطوب, وأن الناخب له حرية أن يترك اسما واحدا أو اسمين أو ثلاثة أسماء غير مشطوبة, فيكون بذلك صوته صحيحا.
ولعل هذان الأمران يعتبران علي جانب كبير من الأهمية وينبغي لفت نظر الناخبين لهما لأنهما يختلفان علي النمط المألوف أو المعتاد لسائر الانتخابات التي عايشها المصريون, أولهما أن الاختيار لا يكون بوضع علامة أمام الاسم المراد انتخابه بل يكون بشطب الاسم المراد عدم انتخابه وترك الاسم المراد انتخابه بلا شطب أو علامة, وثانيهما أن عدد الأسماء المتروك للناخب حرية انتخابها ليس ثابتا لجميع الناخبين بل يتراوح بين واحد وثلاثة بناء علي إرادة الناخب.. وهذا بعينه ما تحدده اللائحة في البند رقم (16) منها الذي يتضمن الآتي: ##… يكون إبداء الرأي بأن يتنحي الناخب خلف ساتر ويقوم بشطب أسماء المرشحين الذين لا يرغب في اختيارهم بحيث لا يزيد عدد الأسماء الباقية بدون شطب علي ثلاثة…##.
أصلي أن تسير عملية اختيار البابا رقم 118 في هدوء وسلام وأن يدبر الرب لكنيسته راعيا أمينا يجلس علي كرسي مارمرقس الرسول ليرعي الشعب القبطي ويقود الكنيسة وينشر في ربوع مصر المحبة والسلام.