افتتح سفير هولندا في مصر جيرارد ستيجس Gerard Steeghs, Ambassador of the Netherlands ، ندوة نظمت أمس الخميس 18 أكتوبر بعنوان “استخدام الدراجات في مصر؟ الدراجات كوسيلة مواصلات”. والتى شارك
افتتح سفير هولندا في مصر جيرارد ستيجس Gerard Steeghs, Ambassador of the Netherlands ، ندوة نظمت أمس الخميس 18 أكتوبر بعنوان “استخدام الدراجات في مصر؟ الدراجات كوسيلة مواصلات”. والتى شارك فيها خبراء ومتخصصون من هولندا ومصر؛ حيث تبادلوا خبراتهم وأفكارهم وأبحاثهم المتعلقة بدمج استخدام الدراجات في المواصلات بالمدن.
وقال السفير الهولندى : إن تنظيم هذا الملتقى العلمي يأتي في سياق العام المصري-الأوروبي للعلوم. وأضاف أن هولندا تعد إحدى الدول الرائدة في استخدام الدراجات وتهيئة البنية التحتية اللازمة لذلك، مشيرا إلى أن مستخدمي الدراجات يحظون بالأمان على الطرق، كما توجد مسارات للدراجات في كل مكان.
ونوّه إلى أن هناك العديد من الإجراءات التي يتم اتخاذها لتشجيع الهولنديين على استخدام الدراجات عوضا عن السيارات؛ ومنها: منع السيارات من دخول وسط المدينة، وإتاحة دراجات للإيجار بكثرة وفي أماكن مختلفة، إضافة إلى التكلفة العالية للوقود.
وأوضح أن أهمية الندوة تكمن في بحث سبل تعزيز استخدام الدراجات في مصر، مشيرا إلى أنه على الرغم من وجود مشروعات في بعض المدن لإنشاء مسارات للدراجات بطول الطرق، إلا أن قبول مستخدمي الطرق للدراجات كوسيلة للتنقل مازال يحتاج إلى الكثير من الوقت.
وأكد “ستيجس” أن سفارة هولندا في مصر ستستمر في متابعة النتائج التي توصل إليها المشاركون في الندوة، وزيادة التواصل والتعاون بين مصر وهولندا حول هذا الموضوع. واختتم كلمته بالإشارة إلى جولة بالدراجات تنظمها سفارة هولندا بالتعاون مع المبادرة البيئية “جرين آرم” اليوم الجمعة 19 أكتوبر بهدف جذب الانتباه للدور المحتمل للدراجات كوسيلة للتنقل في القاهرة.
وألقى الدكتور خالد عباس؛ عميد المعهد القومي للنقل، كلمة نقل خلالها تقدير الدكتور محمد رشاد المتيني؛ وزير النقل، لسفارة هولندا والمعهد الهولندي-الفلمنكي والمبادرة البيئية “جرين آرم” لتنظيمهم هذه الندوة.
وشدّد الدكتور عباس على أن استخدام الدراجات يمكن أن يكون أحد أكثر أساليب النقل استدامة في مصر، أخذا في الاعتبار المشكلات المرورية الحادة السائدة في المدن. إلا أنه ألمح إلى ضرورة وجود بنية تحتية سليمة، وقوانين، وإدارة لحركة المرور، وغيرها من العوامل التي يمكن أن تشجع على استخدام الدراجات كوسيلة للتنقل.
وعرض الكثير من العوامل التي يمكن أن تثني الناس عن استخدام الدراجات؛ ومنها: محدودية البنية التحتية اللازمة لذلك، وضعف الأمان على الطرق لمستخدمي الدراجات، وهيمنة السيارات والمركبات على حركة المرور. إلا أنه أعرب عن أمله في أن ينتج عن جلسات الندوة حلولا تؤدي إلى تعظيم استخدام الدراجات كوسيلة بديلة للتنقل في مصر.
– من جانبه، قال الدكتور رودلف دي يونج؛ مدير المعهد الهولندي-الفلمنكي بالقاهرة، إن خبراء في العديد من التخصصات العلمية سيبحثون خلال الندوة إمكانيات استخدام الدراجات في مصر. وأضاف أن هولندا مشهورة بكم الدراجات التي تملأ شوارعها؛ حيث إنها في كثير من الأحيان تكون أسرع الوسائل للتنقل في المدن مثل أمستردام وروتردام ولاهاي.
ولفت الإنتباه إلى أنه رغم أن السؤال الرئيسي المطروح للنقاش حول استخدام الدراجات في مصر ربما لا يمكن الإجابة عليه كليا خلال الندوة، إلا أن تبادل الخبرات والأفكار في هذا الإطار سيؤدي إلى إحراز تقدم في هذا السبيل.
وبحث المشاركون في الجلسة الأولى من الندوة النظريات المعنية بدمج وسائل النقل غير المميكنة، كاستخدام الدراجات، في سياسة مترابطة للمواصلات في المدن.
– وقدّم الدكتور مارتن فان مارسيفين؛ أستاذ إدارة الديناميكا العمرانية بجامعة “تفينته” بهولندا، ورقة بعنوان “منظور عالمي حول دور استخدام الدراجات في نظم النقل العمرانية”؛ حيث ألقى الضوء على تجارب وخبرات دولية في مجال الترويج لاستخدام الدراجات، وتضمين ذلك في التخطيط العمراني للنقل في المدن.
وقال مارسيفين إنه لفهم الاهتمام المتجدد والمتزايد بالدور الذي يلعبه النقل النشط، كاستخدام الدراجات، في التخطيط العمراني للنقل، فإنه من الضروري الإلمام بالاتجاهات العالمية المختلفة في العمران والميكنة، إضافة إلى وجود رؤية لأساسيات التخطيط العمراني في مجال النقل والمواصلات.
وأشار إلى أن نجاح أي سياسة للنقل العمراني، تتضمن اهتماما بالدراجات والترويج لاستخدامها، يتوقف على النهج الخاص بالتخطيط والتنفيذ. وأضاف أن التجارب الدولية أثبتت أن هناك حاجة إلى مقاربة تتكامل فيها العديد من التخصصات؛ إذ إن الأبعاد الثقافية والمؤسسية والسلوكية لا تقل أهمية عن التخطيط والهندسة.
– وبحث الدكتور خالد عباس؛ عميد المعهد القومي للنقل، سبل الترويج لاستخدام الدراجات كخطوة نحو التقليل من مشكلات المرور. وأوضح الدكتور عباس أن الاستراتيجية التقليدية التي تم تطبيقها لسنوات عديدة لحل مشكلات المرور، والتي اعتمدت على زيادة سعة الطرق القائمة وبناء طرق أخرى جديدة، محدودة، مشيرا إلى أن هذا النهج لا يقدم حلولا مستدامة، كما أنه يستهلك قدرا هائلا من الأراضي والموارد المالية الشحيحة، إضافة إلى أنه قد يزيد من مخاطر الأمان والبيئة.
ويرى عميد المعهد القومي للنقل أن الحد من تأثير عدد الرحلات على الطرق وعلى نظام النقل يمكن تحقيقه من خلال إتاحة أشكال بديلة من وسائل النقل غير المميكنة، مثل استخدام الدراجات، إضافة إلى تطبيق إجراءات وحوافز تهدف إلى تعديل سلوك مستخدم السيارة نحو التحول إلى تلك الوسائل.
وأكد الدكتور عباس أنه على الرغم من أن البعض قد يرى أن الدراجات تعد وسيلة نقل بطيئة، إلا أن استخدامها لمسافات قصيرة قد يكون أسرع من قيادة السيارة أو استخدام وسائل النقل العام.
– وتطرق الدكتور أحمد موسى؛ الأستاذ المساعد لتخطيط النقل ونظم النقل الذكي بالجامعة الألمانية في القاهرة، للمنظور المصري فيما يتعلق بوسائل النقل غير المميكنة؛ حيث عرض مناهج مبتكرة للنقل المستدام والنظم العمرانية في مصر.
ولفت الدكتور موسى في بداية حديثه إلى أن وضع المرور في المدن العصرية يتدهور بسرعة كبيرة وذلك مع ازدياد عدد السكان والسيارات، مما أدى إلى أن أصبح ازدحام المرور هو الأساس وليس الاستثناء.
وأوضح أن تفاقم المشكلات المرورية يظهر جليا في إقليم القاهرة الكبرى، كما أن وسائل النقل العام لم تعد قادرة على استيعاب الطلب المتزايد. وحذّر من أن الاستمرار في نمو نمط الوضع الحالي، مع الازدياد في عدد السكان والاستخدام المتزايد للمركبات الخاصة وسيارات الأجرة عوضا عن طرق أكثر فاعلية للنقل العام، سيؤدي إلى خفض متوسط سرعة رحلة وسائل النقل المميكنة من 9 ونصف كم/ساعة إلى 5 ونصف كم/ساعة بحلول عام 2015. كما أن الرحلة بالسيارة التي تستغرق 85 دقيقة في المتوسط في الوقت الراهن، ستستغرق بحول عام 2015 أكثر من 150 دقيقة.
ونوّه إلى أن القيمة المقدرة للوقت المهدر بسبب زحام المرور تصل تقريبا إلى 9 ونصف مليار جنيه في العام، مضيفا أن القضية تتخطى ذلك إلى استهلاك الطاقة والتلوث البيئي. وألمح في هذا الإطار إلى أن قطاع النقل استهلك 38% من إجمالي الطاقة المستهلكة في مصر في الفترة من عام 2008 إلى 2009، كما أنه خلال ذات الفترة كان مسئولا عن 25% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن استهلاك الطاقة.
– وتناولت الجلسة الثانية من الندوة التحديات التي تواجه استخدام الدراجات في المحيط العمراني. وفي هذا السياق، ناقش الخبير الهولندي “ليو دي يونج” التحديات الخاصة بتطوير بنية تحتية ملائمة لاستخدام الدراجات.
ونوّه دي يونج إلى أن تطوير بنية تحتية للدراجات يتطلب نهجا متعدد التخصصات، لافتا إلى التجارب العملية لدول متعددة في أوروبا وآسيا تشير إلى أن الأعمال الخاصة بالبنى التحتية لا تؤدي إلى التحول المتوقع نحو استخدام الدراجات، حتى وإن تم تنفيذ تلك الأعمال بحرفية وتميز.
وقال إنه كثيرا ما يتم ضخ استثمارات ضخمة لتحسين البنى التحتية، إلا أنها لا تؤدي إلى زيادة في استخدام الدراجات تتناسب مع ما تم إنفاقه، ربما نتيجة لعدم وجود ترابط سليم بين الأهداف والوسائل.
ولفت النظر إلى أن الدليل الهولندي لتخطيط حركة سير الدراجات يبين الخطوات المطلوبة لتصميم بنية تحتية للدراجات صديقة للبيئة. تبدأ تلك العملية من دور الدراجة في نظام النقل وتحديد مواصفات مستخدم الدراجة. وينتج عن ذلك تحديد متطلبات التصميم، والتي يمكن تلخيصها في: التماسك، والمباشرة، والراحة، والأمان، والجاذبية، وبالتالي فإنها تستلزم تعاون تخصصات مختلفة من أجل إنجاز تلك المتطلبات.
وأوضح ليو دي يونج أن الدليل الهولندي لتخطيط حركة سير الدراجات يمكن أن يفيد خبراء التخطيط والتصميم المصريين وعلماء السلوك البشري لتطوير نهج تخطيطي شامل لاستخدام الدراجات. وأضاف أن التحدي الرئيسي في التصميم يكمن في البحث عن التوازن العملي بين الوظيفة والتصميم والاستخدام، داعيا إلى نهج يبدأ بالاهتمام بمتطلبات المستخدم واحتياجاته.
– من جانبه، ناقش الدكتور “مارك زاودخيست”؛ الأستاذ المساعد للنقل العمراني بجامعة “تفينته”، كيفية تأثير السياق الاجتماعي والاقتصادي والثقافي في استخدام الدراجات.
واستهدفت الورقة التي قدّمها الدكتور زاودخيست خلال الندوة بعنوان “التخطيط العمراني الشامل للدراجات” التأكيد على أن التخطيط الهادف لاستخدام الدرجات يكمن في الشمولية؛ إذ إن نجاحه الحالي في هولندا يرجع إلى النهج التكاملي الذي اتبعته بصفة مستمرة منذ سبعينيات القرن الماضي.
إلا أنه ذكر أن قيادة الدراجات في هولندا لا يمكن اعتبارها أمرا مسلما به؛ إذ إنه مازالت هناك حاجة إلى تطوير مستمر، خاصة فيما يتعلق بالاستجابة للتحديات الجديدة الخاصة بالتغيرات المناخية والصحة العامة. وعلاوة على ذلك، لا تزال هناك عوائق للعمل على زيادة استخدام الدراجات كوسيلة سفر نافعة.
واختتم حديثه بمحاولته إيجاد فرص متاحة لاستخدام الدراجات في مصر وفقا للمفهوم الهولندي للتخطيط والسياسة والتكاملية.
– في حين ألقى المهندس محمد فتحي؛ مدير مشروع استدامة النقل في مصر، الضوء على مشروعات في مجال وسائل النقل غير المميكنة والتي يتم تنفيذها في مدينتي شبين الكوم والفيوم.
ويتم تنفيذ مشروع استدامة النقل في مصر على مدار خمس سنوات (2009 حتى 2013) بميزانية إجمالية تصل إلى 44 مليون دولار، ويشارك في تمويله برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومرفق البيئة العالمية، والحكومة المصرية، وبمشاركة القطاع الخاص.
وقال فتحي إن المشروع يعمل من خلال مفاهيم النقل المستدام في إطار خمسة عناصر رئيسية في المشروعات التي يجري تنفيذها؛ إحداها: تعزيز وسائل النقل غير المميكنة في المدن متوسطة الحجم.
وأضاف أنه تم اختيار مدينتي شبين الكوم والفيوم كمرحلة أولية لتنفيذ مشروع في هذا السياق بهدف الترويج لاستخدام الدراجات، لافتا إلى أنه في حال نجاحه، فإنه سيتم تطبيقه في 27 مدينة متوسطة الحجم. ونوّه إلى أن سكان مدينتي شبين الكوم والفيوم أصبحوا يعتمدون في تنقلاتهم بشكل متزايد على سيارات الأجرة والتوك توك والموتوسيكل، مما أدى إلى خلق مشكلة زحام، إلى جانب تلوث البيئة.
وأوضح مدير مشروع استدامة النقل في مصر أن الهدف من المشروع الذي يتم تنفيذه في مدينتي الفيوم وشبين الكوم هو النهوض بوسائل النقل غير المميكنة، وتحديدا الدراجات، كوسائل آمنة ومريحة وصحية ورخيصة التكلفة للانتقال من مكان لآخر في إطار مسافات مناسبة.
وعدّد المكونات الرئيسية للمشروع في الآتي: إنشاء محاور آمنة لاستخدام الدراجات بطول الطرق الرئيسية في الفيوم وشبين الكوم، وتوفير أماكن لانتظار الدراجات، وتسويق الدراجات للسكان بتسهيلات في السداد، ودعم إقامة ورش لصيانة الدراجات، وتنفيذ حملات إعلامية لتشجيع استخدام الدراجات، وصيانة البنية التحتية والتأكد من عدم شغلها بما يعوق حركة مستخدمي الدراجات.
– ودارت الجلسة الأخيرة من الندوة حول الخبرات والتحديات الاجتماعية والثقافية التي تجابه استخدام الدراجات في مصر. وتحدث أحمد الضرغامي؛ الخبير في مجال البيئة والطاقة، عن الحركة التي أسسها عدد من النشطاء في مصر للتشجيع على استخدام الدراجات، إضافة إلى الأبعاد الثقافية والاجتماعية في هذا الإطار.
وقال الضرغامي إن الحركة الداعية لاستخدام الدراجات في مصر بدأت في السنوات الأخيرة بتأسيس أول تجمع يضم مستخدمي الدراجات، ثم توسعت تلك المجموعات بصورة كبيرة من خلال الدور الذي لعبته وسائل التواصل الاجتماعي. وأضاف أن عدد أعضاء بعض تلك المجموعات في القاهرة والإسكندرية تجاوز 5 آلاف شخص، كما أن بعضها توسعت في أنشطتها خارج مصر، بينما الكثير من المجموعات الأخرى يتم تأسيسها في أماكن أخرى.
وتطرق إلى الدوافع الرئيسية لنشأة هذه الحركة، وتحديات تعزيز استخدام الدراجات في المناطق العمرانية في مصر، ملما بالأبعاد الاجتماعية والثقافية، وكذلك الفرص المتاحة. كما عرض الدروس المستفادة من أنشطة التسويق الاجتماعي التي قادها المجتمع المدني، والمناهج المختلفة لإدارة عمل تلك المجموعات، ودور وسائل التواصل الاجتماعي.
– وناقش الباحث يحيى شوكت أنواع وسائل النقل غير المميكنة في مصر وكيفية تضمينها في نظم النقل والمواصلات. وأكد شوكت أن تلك الوسائل لا تحظى بالاهتمام اللازم في مصر مقارنة بغيرها من وسائل النقل، منوّها إلى أن دراسة تم إجراؤها عام 2001 كشفت أن 30% من سكان القاهرة يسيرون على أقدامهم أو يستخدمون الدراجات أو وسائل أخرى للنقل غير المميكن. كما أن هذا العدد يزداد في المدن صغيرة الحجم.
وشدّد على أن الإنفاق الحكومي والوعي بأهمية وسائل النقل غير المميكنة لا يتلاءم بشكل كبير مع شعبيتها. كما بحث أنواع وسائل النقل غير المميكنة الموجودة وكيف يمكن إدماجها بطريقة صحيحة في نظام للنقل صديق للبيئة.
يذكر أن هولندا تعد دولة رائدة عالميا في مجال دمج الدراجات في نظام النقل والمواصلات، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية اللازمة للتقليل من الازدحام المروري والتلوث داخل المدن، والترويج لوسائل نقل رخيصة التكلفة.