أقام المعهد الفرنسي بالقاهرة يوم الاثنين 15 أكتوبر ندوة تحدث فيها برنار روجيه Bernard Rougier المدرس والباحث في الشئون السياسية، ومتخصص في شئون الشرق الأوسط العربي
أقام المعهد الفرنسي بالقاهرة يوم الاثنين 15 أكتوبر ندوة تحدث فيها برنار روجيه Bernard Rougier المدرس والباحث في الشئون السياسية، ومتخصص في شئون الشرق الأوسط العربي ، عن الفكر السلفي وذلك في إطار الندوات الفكرية الشهرية التي يقيمها المعهد مواكبةً للتطور السياسي في مصر.
قال “روجيه” : التقيت سلفيين في سوريا وفرنسا وفي مخيمات اللاجئين بلبنان، وفي الغالب كانت لقاءاتنا إيجابية وقليلاً ما قوبل لقائي بالرفض.
وأضاف ” روجيه ” : في الفترة الأخيرة تم تناول مصطلح السلفيين في الإعلام ، وهنا نحاول أن نعرف ما هي السلفية ولماذا هي موجودة على الساحة؟ إن ما نسمعه في الإعلام هو أن السلفيين هم أشخاص مرجعيتهم هى تراث المسلمين الأوائل ، وهذا ليس صحيحا ؛ فالسلفيين هم أشخاص يركزون على كل ما ذكره وقاله وسلكه رسول الإسلام، وبالرغم من ذلك فإن هناك تناقض في أنهم يريدون العودة للأصول ، وبالرغم من ذلك فإن الإيمان وحده لا يكفي للانتماء إلى هذه المجموعة ، فإن كنت قد ولدت مسلم سواء كنت صالحاً أم لا .. فهذا لا يعني شئ، إذ لابد من وجود شئ آخر وبانعدامه فأنت لا تنتمي إلى هذه المجموعة ، وهو الاعتماد على الأحاديث النبوية فهناك علاقة بين الأحاديث النبوية وبين اكتشاف بعد جديد للدين قام به السلفيين . هذا الاقتراب للأحاديث يقربنا من وضع صورة لهم. فالسلفية هي محاولة للبحث عن الذات فهي إعادة تعريف للنفس و الذات، ويمكن القول إنها ظاهرة نفسية تحاول أن تجد تقديراً للذات بالانتماء إلى المسلمين الأوائل.
وأضاف ” روجيه ” : إن أحد أسباب نشوء السلفية هو رفض تلك الجماعة للإخوان المسلمين . فالإخوان المسلمين هم منظمة دينية ذات تسلسل غير ديني ، وبيئة منظمة للغاية ، وقبل الوصول فيها لمركز المسئولية يجب أن تبرز مؤهلاتك على عكس السلفية ، والتي يمكن أن تتحمل المسئوليات وأن تتولى المناصب دون أن يكون لديك مؤهلات.
وقد استطاع الانترنت أن يخلق عالم للسلفيين ، ففي أي مكان بالعالم ستجد نفسك موجود بالعالم الذي تنتمي إليه وستجد نفسك معترف بك من الشيوخ ومنفصل عن عالمك الأصلي.
ولا يمكن للسلفية أن تصبح حركة لأن المجتمع السلفي يسوده الانقسام ؛ فكل واحد يرى نفسه الأقرب إلى الرسول .
وأوضح ” روجيه ” أن السلفية تأسست على يد محمد ناصر الدين الألباني ، وهى تنقسم إلى عدة تيارات ، منها: السلفية الجهادية، والسلفية الحركية. السلفية الجهادية هي عدة حركات غير متجانسة ومؤسسها عبد الله عزام من جماعة الإخوان المسلمين ، وقد ناضل ضد إسرائيل في الأردن فاكتسب خبرات عسكرية ، وحصل على دكتوراه بالمراسلة من الأزهر في الفقه ، وكان يدرس بزيه العسكري ، وكان له تلاميذ من مختلف طبقات الأردنيين.
ثم سافر عزام إلى “إسلام اباد” للجهاد ضد السوفيت، وعمل عزام على إعادة تصور الأمة الإسلامية خارج حدود الدول؛ فكان يرى انه بعد الجهاد في أفغانستان يجب أن يذهب إلى الفلبين ولبنان وكل دول العالم لإعلان الجهاد فيها و؛ هو بذلك يعتبر جيفارا الإسلام، وكان يرى إن كل مؤمن من حقه إعلان الجهاد وليس الأمر قاصراً على أولي الأمر والشيوخ فقط. وذهب إلى السعودية وقابل “ابن باز” مفتى السعودية الذي رفض أفكاره ، لكن عزام أعلن موافقة ابن باز، وتقابل عزام مع بن لادن الذي بدا في تمويله لإنشاء مؤسسته “القاعدة” والتي توسعت لأن البيئة كانت مواتية ؛ حيث كانت الحرب الباردة مندلعة والشرق الأوسط مشتعل، وكان هناك خلاف ايدولوجي بين عزام وبن لادن ؛ فإبن لادن يرى إن الدول العربية يجب أن تقدم طلائع الجهاديين ضد السوفييت، أما عزام فيرفض ذلك الفكر.
أما السلفية الحركية فهي ظهرت نتيجة تهجين بين الإخوان المسلمين والفكر السلفي . وقد نشأت السلفية الحركية في السعودية وفي الإسكندرية، ففي حقبة الستينات هرب العديد من جماعة الإخوان المسلمين من مصر وسوريا فاستقبلتهم السعودية فسيطروا على التعليم وخرج جيل جديد يرفض العقال السعودي وينادون بفقه الواقع وهنا بدأت السلفية السياسية، أما في الإسكندرية فبدأت الدعوة السلفية في كلية الطب على يد ياسر برهامي ومحمد إسماعيل المقدم والذين كانوا منتمين إلى جماعة الأخوان المسلمين وبعد طردهم من الجماعة ناضلوا بنفس أسلوب جماعة الإخوان المسلمين ولكن بمنطقهم الخاص.
وبالرغم من أن السلفية لا يؤمنون بالسلطة أو بالأحزاب فأن في مصر الآن هناك تجربة هي حزب النور وهنا نسأل أنفسنا عدة أسئلة ، منها : هل يمكن للسلفية أن تكون حركة اجتماعية وهي أحد التحديات السلفية في مصر؟ وهل أبو إسماعيل يمثل السلفية الثورية أو المعارضة؟ وهل انقسام السلفية سيؤدي إلى مرونتها وبالتالي نجاحها وبقاءها ؟
جدير بالذكر أن “برنار روجيه” هو مدير المركز الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الفرنسى ” السيداج”، و له عدة كتب منها “الأمم المفتتة” ، كما أشرف على كتب مختلفة منها “ما هي السلفية”.