أصدرت مؤسسة ملتقي الحوار للتنمية وحقوق الإنسان تقريرها الرصدي الثالث للصحافة المطبوعة في الفترة من 27 ابريل 2012م إلى 26 يوليو 2012م من خلال عينة من الجرائد اليومية والأسبوعية القومية والخاصة والحزبية
أصدرت مؤسسة ملتقي الحوار للتنمية وحقوق الإنسان تقريرها الرصدي الثالث للصحافة المطبوعة في الفترة من 27 ابريل 2012م إلى 26 يوليو 2012م من خلال عينة من الجرائد اليومية والأسبوعية القومية والخاصة والحزبية وهما: الأهرام، واليوم السابع، والمصري اليوم، والجمهورية، والأخبار، والشروق، والأهالي، والوفد، والكرامة، وروز اليوسف، والأسبوع، والأحرار.
وتمثلت أهم النتائج العامة للدراسة فى تعاظم الأدوار السياسية والإقتصادية والإعلامية لجماعة الإخوان المسلمين غير المسجلة رسميا وحزب الحرية والعدالة المنبثق عنهم خاصة مع خوض رئيس الحزب لسباق الرئاسة وتنامت حالة الانتقادات لوجود الجماعة غير المسجلة رسميا فى ظل وجود رسمى لحزب الحرية والعدالة الذى يمثل أفراد الجماعة والتناقض السياسى والقانونى المترتب على ذلك .. كما تصاعدت حالة الاستقطاب السياسى والحملات الإعلامية المكثفة التى تقوم على مرتكزات دينية وتروج لنفى الآخر المختلف سياسيا أو حزبيا مع الإخوان مع بروز ظاهرة الرشاوى الإنتخابية خلال فترة الانتخابات الرئاسية بمبالغ ضخمة استخدمت فى الدعاية مع تعديل قانون تجريم تجاوز حد الانفاق فى الدعاية الانتخابية والغاء عقوبة الحبس والاكتفاء بغرامات مالية محدودة للمخالفين .. وازدادت حدة الصراع بين حلفاء الأمس من العسكريين والإخوان والسلفيين ومراكز القوى فى النظام السابق الذين تسببوا فى إطالة المرحلة الانتقالية من 6 شهور تبعا للإعلان الدستورى – مارس 2011- إلى 18 شهرا والذين تعاونوا لإفساد المحاكمات للفاسدين وإحباط الفعل الثورى الديموقراطى لصالح مصالح شخصية على خلفية التنافس المحموم للوصول إلى مقعد الرئيس مما ينبىء بصراع طويل قادم بينهم مع استمرار معسكر الثورة فى دائرة الترقب ورد الفعل للأحداث المتلاحقة كل ساعة خلال فترة البحث
كما أوضح التقرير استمرار حالة التخبط السياسى لعدم وجود مرجعيات قانونية ودستورية ثابتة مما أدى إلى تخبط الأداء الصحفى ارتباطا بالاجتهاد الشخصى للقائمين بالاتصال فى الصحف الحكومية او بالمواقف الحزبية السياسية المتناقضة – أحيانا – مع ثوابت الحزب ذاته فى الصحف الحزبية أو بمصالح الممول الرئيسى فى الصحيفة الخاصة وقد ظهر ذلك فى تذبذب أجندة الأولويات لدى الصحف بصفة عامة فنجد الخطاب الغالب يتبنى الثورة وتوجهاتها ولكن المعالجات الصحفية تتناقض مع هذا الخطاب الثورى ففى القضايا المتعلقة بالانفلات الامنى فى الشارع المصرى – مثلا – نجد الصحف الخاصة تساند الاحتجاجات الثورية وتبتعد تماما عن توجيه أية اتهامات إلى رجال الأعمال المتسببين فى الأزمات الفئوية وبخاصة عمال المصانع بل تظهررجال الأعمال كضحايا للثورة يجب مساعدتهم والصحف الحكومية تعالج القضية من منظور ضرورة تدعيم الشرطة وتحمل الثوار بعض المسؤولية للاستمرار فى الاحتجاجات الفئوية أما الصحف الحزبية فإنها تميل إلى تحميل المسؤولية لفلول النظام السابق ورجال الأعمال الفاسدين منهم بصفة خاصة وتدعم استمرار الاحتجاجات الفئوية
ويشير التقرير إلى أن فترة البحث شهدت اهتماما ملحوظا بتطهير الاعلام من الفساد حيث طالب الثوار بمحاسبة القيادات الإعلامية السابقة والاهتمام بدعم حرية الإعلام وتطويره وإعادة هيكلته بإنشاء مجلس قومى مستقل للاشراف على وسائل الإعلام المقرؤة والمسموعة والمرئية وابعاده عن السيطرة الحكومية وتدعيم دور اعلام الخدمة العامة المملوك للشعب المصرى منذ 1960 ولكن المعالجات الصحفية للقضايا المتعلقة بانتخابات قيادات للصحف القومية رغم نسبتها المحدودة إلا أنها أكدت اتجاه قادة الإخوان المسلمين والسلفيين من أعضاء مجلس الشورى المشرف على الصحف العامة المملوكة للشعب للسيطرة على الإعلام لصالح توجهاتهم السياسية.. كما برزت تصريحات مباشرة من المرشد العام للإخوان المسلمين والمتحدث باسم الجماعة وغيرهم من قيادات الإخوان فى مواقع نيابية وتنفيذية متنوعة تظهر عداءا للصحفيين وتصفهم بأنهم ” سحرة فرعون الكافرين ” و” لن تكون الصحافة سلطة فى الدستور كما كانوا فى الدستور السابق ” و ” يجب بيع المؤسسات الإعلامية العامة والإخوان جاهزون لشرائها ” كما شهدت الصحف والقنوات الإعلامية التلفزيونية العامة والخاصة مضايقات متنوعة منها تأخير الرواتب الشهرية للعاملين والمطاردة القانونية لبعض الصحفيين والإعلاميين .. وهذا الترصد للإعلام العام المملوك للشعب ويشرف عليه مجلس الشورة ووزارة الإعلام ينبى بصراع طويل قادم بين تيار الإسلام السياسى والصحفيين والإعلاميين بصفة عامة على خلفية معاداة الإسلاميين لحرية الإعلام ذاتها .
وأشار البحث أيضا أن صحف العينة جسدت حالة الاستقطاب السياسى الدينى والطائفى مقابل التوجهات المدنية والقومية والتى أصبح لها مؤيدين فى الصحف الحكومية والحزبية والخاصة عبر القائمين بالاتصال من الصحفيين فى تلك الصحف والذين ينتمون للتيار السياسى الدينى ( الإسلامى والمسيحى ) فى مقابل فريق ينتمى لتيار المدنية متنوع الاتجاهات الايدلوجية وتزايد استخدام كل فريق لأجندة اهتمامات ومفردات لغوية تعطى إيحاءات تطل عبر المعالجات الصحفية المتنوعة للصحيفة وربما تتناقض مع السياسة التحريرية المعتادة للصحيفة ذاتها .. فنجد اقحاما لأدلة دينية فى شكل نصوص من الكتب المقدسة أو الأحاديث فى متن تقارير صحفية او تحقيقات صحفية .. كما تزايد التوظيف المتناقض للفتاوى التى تحمل الصبغة الدينية مما يتنافى مع حيادية التغطيات الصحفية وتشتيت اهتمامات القراء والجنوح إلى وجهة النظر الأحادية فى الرسائل الصحفية .
وذكر التقرير أن ظاهرة عدم الإهتمام بوضع حلول ثورية تعتمد على المشاركة الشعبية للجوانب الاقتصادية والاجتماعية بما يتناسب مع أهميتها للقراء وكونها المحرك الأساسى لاندلاع الثورة المصرية وركزت الصحف المبحوثة بصفة عامة على الجانب السياسى للاحداث وبخاصة حالة الصراع على السلطة فأبرزت فى معالجاتها المواقف السياسية للأحزاب والائتلافات الثورية دون الاهتمام بمشكلات البطالة ورغيف الخبز وانقطاع مياه الشرب وتعثر الزراعة والسياحة والصناعة
من جانب آخر أوضح التقرير استمرار حالة الحرص فى المعالجات الصحفية لصحف العينة على أهمية الدور الذى يلعبه الجيش فى الدولة المصرية قديما وحديثا حيث اختلفت فى توجهاتها تجاه اداء المجلس العسكرى الذى يقوم بمهام رئيس الدولة فى المرحلة الانتقالية فنجد الصحف الحكومية فى غالبيتها تؤيد المجلس وتدافع عن كل تصرفاته وتبرر التجاوزات التى وقع فيها أما الصحف الخاصة – عدا الاسبوع – فان معالجاتها تنتقد اداء المجلس والصحف الحزبية فى معالجاتها الصحفية تميل الى الحياد وعدم إبراز موقف وأضح
وشهدت فترة البحث تغير مستمر فى نوعية المصادر الصحفية والكتاب الذين اعتمدت عليهم الصحف المبحوثة فى مرحلة بداية الثورة والشهور الممتدة حتى نهاية 2011 واستمر تراجع الإعتماد على المصادر الشبابية من الثوار الذين يقودون الائتلافات المتنوعة بصورة ملحوظة مع تضاعف أعداد المصادر التى تمثل التيار السياسى الدينى مع استمرار ظاهرة الاعتماد على أسماء غير معروفة كمصادر صحفية غالبيتها وصفت ( بالخبير ) فى مجال تخصصه وهى تختلف عن المصادر التقليدية لما يطلق عليه الصفوة السياسية .. وقد غلب على المصادر الدينية الخطاب المتعصب لوجهة نظره والذى يرفض مناقشة الأراء الاخرى التى تختلف معه ويفتقد معظم المصادر الدينية عنصر الشهرة لدى الجمهور العام
من جانبه أوضح التقرير استمرار غياب المصادر النسائية او المهتمة بقضايا المرأة التى تمثل أراء المرأة تماما عن كل الصحف المصرية خلال فترة الدراسة كما سجلت المصادر النسائية أقل من نصف فى المائة كمصادر للصحف أثناء تغطيات القضايا المبحوثة وكذلك غابت المصادر التى تهتم بقضايا المسيحيين عن غالبية صحف العينة كما تدنت نسبة المصادر المعبرة عن مؤسسات المجتمع المدنى كما غابت المصادر المعبرة عن الفئات المهمشة من الفلاحين والعمال وأهالى النوبة والبدو فى معظم صحف العينة
و توصلت الدراسة الى مجموعة من النتائج الفرعية اولها ان صحف العينة المبحوثة وقعت فى تناقض واضح مابين اولويات اجندة اهتمام الصحيفة واولويات الاخراج الصحفى حيث جاءت غالبية النتائج تؤكد ان اهتمام الصحيفة بقضية بعينها لم يعكسه مكان النشر الصحفى لها حيث كانت الصحيفة تسجل اعلى درجة اهتمام بالقضية من حيث حجم المادة المنشورة ولانجد تحقق لنسبة الاهتمام فى نشر المواد الصحفية بالصفحة الاولى او الاخيرة للصحيفة !!! اما على الجانب الايجابى فقد استخدمت الصحف المبحوثة الصورة على نطاق واسع كما استخدمت عناصر الجذب البصرى والابراز للمواد الصحفية بصفة عامة .. وقد غلب استخدام عنصر الصور الشخصية بنسبة 68% على الصور الموضوعية كما استخدمت الصحف بتكثيف اساليب الجذب البصرى للقارىء باستخدام المانشت الكبير بعرض الصفحة بنسبة 48% والعناوين الفرعية والكاريكاتير وأحيانا الرسوم البيانية بنسبة 7% فقط
وأخيرا اعتمدت كل الصحف المبحوثة على قالبين أساسيين من قوالب التحرير الصحفى:
هما الخبر ومواد الرأى وتضاءلت نسبة استخدام القوالب الاستقصائية كالتحقيق والحوارات كما اختفت الحملات الصحفية قصيرة وطويلة المدى وقد جاءت الأخبار والتقارير الإخبارية فى مقدمة القوالب المستخدمة فى الصحف المبحوثة بنسب تتراوح مابين 79% الى 94% فى معالجة كل قضايا العينة وحققت مواد الراى نسب تتراوح مابين 2% الى 22% وتراجعت نسبة الكاريكاتير بصورة ملحوظة بينماحققت التحقيقات الصحفية نسب من صفر% الى 4.75% والحوارات حققت نسب مابين صفر% الى 3.5% .. وهو مايعبر عن ضعف عام فى المعالجات الصحفية للقضايا المبحوثة يعكس ضعف أداء الصحفيين مما سينعكس سلبا على الثأثير الصحفى المفترض على الرأى العام لفراء الصحف المصرية .