اتفق المشاركون في ختام فعاليات مؤتمر المنظمة المصرية لحقوق الإنسان “دستورمصرالجديدة…قضايا وإشكاليات” على تشكيل لجنة وطنية تضم مختلف ألوان القوى السياسية والحزبية والمجتمعية كافة دون إستثناء لأي فصيل
اتفق المشاركون في ختام فعاليات مؤتمر المنظمة المصرية لحقوق الإنسان “دستورمصرالجديدة…قضايا وإشكاليات” على تشكيل لجنة وطنية تضم مختلف ألوان القوى السياسية والحزبية والمجتمعية كافة دون إستثناء لأي فصيل لمناقشة ووضع مقترحات للمواد الدستورية الشائكة وهي (هوية الدولة, نظام الحكم,الحقوق و الحريات العامة, النظام الإنتخابى, السلطة القضائية) وطرحها للنقاش العام ومع أعضاء الجمعية التأسيسية, كما اتفقوا على تضافرجهود هذه اللجنة مع جهود غيرها من اللجان المعنية بذات الأمر.
وأكدت أ. منى ذو الفقار عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان بأن هناك حكم للقضاء الإداري عن المقومات والحريات الأساسية التي جاءت في الدساتير المصرية وهي حقوق لصيقة بكل مواطن لا يجوز المساس بها ولا يجوز أن ينال منها أي شخص، ولذلك هناك قلق ازاء تشكيل الجمعية التأسيسية التي تم إلغاءها وتشكيلها مرة ثانية ، مشددة على أن الحقوق والحريات تتأثر تأثيرا رهيبا بهذا التخبط ، فهي تعتبر جزء من مقومات الدولة , وهناك مخاوف مشروعة إزاء الدستور الجديد .
حرية الإعلام والصحافة
وعن حرية الإعلام والصحافة في الدستور أشار جمال فهمي وكيل نقابة الصحفيين إلى أنه لا يمكن النجاح في الحصول على الحق في حرية الإعلام دون الحصول على الحقوق الأخرى اولاً، مؤكدا أن هناك عداء لحرية الإعلام منذ عهد مبارك مازال ساريا حتى الآن ، واصفا الجمعية التأسيسية بعدم التوافق ولا يمكن أن تضع دستورا يليق بشعب مصر العظيم إذا ما استمر الأمر على هذا النحو، مضيفاً أنه ولأول مرة في التاريخ نجد أن هناك مجتمعاً يكتب دستوره في الظلام ، مؤكدا على أن هناك ثقافة مهيمنة من قبل فئة معينة على عمل الجمعية التأسيسية للدستور,وهذه الفئة لا تريد الإفراج عن الحريات الإعلامية بل تريد العودة إلى عهد مبارك ، مطالباً بتغيير الترسانة الهائلة والقوانين التي تقيد العمل الصحفي والحريات الإعلامية في مصر .
القوانين المقيدة للحريات الإعلامية
وعقب عليه أ.حسين عبد الغني مدير قناة الجزيرة الأسبق بقوله إلى أن هناك قلقاً بسبب التشكيل المعيب والمعوج للجمعية التأسيسية للدستور خاصة لإستحواذ فئة معينة على تشكيل الجمعية ، وذلك في غياب ملحوظ لأساتذة القانون الدستوري عن عمل هذه الجمعية مطالبا بأن يتضمن الدستور نصا واضحا لا لبس فيه ينص على حرية الإعلام بدون استثناءات وعدم الإحالة إلى القوانين ، وذلك على غرار الاتفاقيات والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان ، وإلغاء كل القوانين المقيدة للحريات الإعلامية وذلك وفقا لتعهدات الرئيس محمد مرسي والحكومة إلى جانب اصدار قانون لحرية تداول المعلومات وتشكيل مجلس وطني مستقل للإعلام يتم تكوينه من شخصيات مستقله والاستفادة من تجارب الدول الديمقراطية في هذا الصدد, وأن يكون هناك مؤسسات ضامنة للحريات بحيث تكون مستقلة عن الحزب الحاكم أسوة بـفرنسا والولايات المتحدة.
أدوات إنتاج الديمقراطية
وعن طبيعة النظام الانتخابي الأنسب لمصر في الدستور أشار حسين عبد الرازق أمين عام حزب التجمع الأسبق إلى أن الإنتخابات النزيهة من أهم أدوات إنتاج الديمقراطية ، ومنذ الحرب العالمية الثانية هناك اتجاه للأخذ بنظام القوائم الحزبية ,ومنذ دستور 1923 بالنسبة لمصر كان هناك النظام الفردي وخلال الثمانينيات طبق نظام القائمة النسبية والفردي معا في 1984 وحكم 1987 بعدم دستوريته ، وأجريت الإنتخابات 1987 بنظام القائمة الفردية وحكم 1990 بعدم دستوريتها إلى ان جاءت الانتخابات الأخيرة بثلثي المقاعد للأحزاب والثلث الأخر للفردي والحكم بعدم دستوريتها .
حرية تاسيس الأحزاب السياسية
وعن اختيار النظام الفردي أو القائمة اقترح د.عمرو هاشم ربيع الخبير بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إجراء حوار مجتمعي واسع النطاق للاتفاق على الأخذ بأحد النظامين الفردي أو القائمة، مؤكداً أن لكل نظام إيجابياته ومثالبه المعروفة لدى الجميع، لكن المهم هو اتخاذ سياسات من شأنها عدم إعاقة أي نظام إذا ما تم تبنيه،كما أنه من المهم تحرير كامل لنشأة الأحزاب السياسية لا سيما إذا ما أخذ بنظام القوائم، وتقرير نظامين انتخابيين مختلفين بين مجلسي الشعب ومجلس الشورى، إذا ما أريد للأخير أن يستمر في النظام السياسي ، كما اقترح ربيع إنشاء مفوضية عليا للإشراف على الانتخابات، بما يفضي لتأليف لجنة عليا مستقلة لإدارة العملية الانتخابية، بحيث تكون تلك اللجنة لجنة دائمة، تعني بإدارة كافة العمليات الانتخابية سواء كانت رئاسية أو برلمانية أو محلية أو استفتاءات وللمفوضية سلطات واسعة تجاه العملية الانتخابية، وفي مواجهة كافة أجهزة الدولة ووزارتها، بغرض توافر المعلومات التي تمكن المفوضية من تحقيق عملها.
استقلال السلطة القضائية
وعن ضمانات حماية استقلال السلطة القضائية في الدستور مع نظرة للتجارب الدولية” أوضح عصام الإسلامبولي المحامي بالنقض أن صياغة الدستورتجرى الآن وسط مناخ وجو عدائي تجاه القضاء الدستوري و القضاء الإداري وعداء للإعلام ، مؤكدا أن هذه الأجواء لا تدعو للراحة والاطمئنان بل و تفجر قضايا خلافية في ظل تغيير هوية الدولة ، وأضاف الإسلامبولي أن مشكلة السلطة القضائية في مصر موجودة منذ تبويبها في دستور 1971 والدساتير السابقة كانت تتحدث بإستفاضة عن السلطة التشريعية دون السلطة القضائية، مؤكدا أنه اذا كنا نريد أن نقيم دولة قانون فلابد من وضع القضاء الطبيعي فقط في مفهوم السلطة القضائية، أما القضاء العسكري فلا يدخل في هذا المفهوم ولا يمكن نقله إلى القضاء العادل ، وطالب الإسلامبولى بوضع ميزانية خاصة للقضاء في الدستور حتى يلبي احتياجاته العملية في التطبيق، وأن تضطلع الهيئات القضائية بمباشرة السلطة القضائية ، وأن يجرى اختيار النائب العام من قبل مجلس القضاء العالى أو محكمة النقض بمواصفات معينة.
دولة مدنية ديمقراطية حديثة
وفي ختام فعاليات المؤتمر ، أوصى المشاركون بأن يستهدف الدستور الجديد نقل ممارسة السلطة فى مصر من السلطة “الشخصية” الى السلطة “المؤسسية” التى تعتمد على حكم المؤسسات، وضرورة وفاء رئيس الجمهورية بوعوده بإعادة التوازن الى الجمعية التأسيسية، والحرص على إستقلال السلطة القضائية و كذلك جميع الأجهزة الرقابية و عدم المس بالتنظيم القضائى المعروف في مصر، والتأكيد على مبدأ تلازم السلطة مع المسئولية، وتحديد منضبط لنظام الحكم و ضرورة توازن السلطات فيه، والتأكيد على هوية الدولة المصرية كدولة مدنية ديمقراطية ملك لكل المصريين، وضرورة أن ينص الدستور الجديد على ضمانات مفصلة للحقوق و الحريات و بالأخص الحريات الفكرية و حرية الرأى و التعبير و تداول المعلومات و حرية الدين و المعتقد والحق في المحاكمة العادلة والمنصفة وغيرها ، والأخذ بنظام القائمة النسبية الغير مشروطة لكونه يحقق تمثيلا متوازنا وعادلا لكل القوى السياسية والمجتمعية ، والتأكيد على عدم المساس بالرقابة القضائية الدستورية للمحكمة الدستورية و رقابة المشروعية التى يمارسها مجلس الدولة بأعتباره حصناً للحقوق و الحريات، وضرورة التأكيد على حقوق المرأة فى الحرية و المساواة وفقاً للمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان.