هل تعتقد جماعة الإخوان المسلمين أنها قادرة بالفعل على “أخونة” المجتمع المصري بكل فئاته؛ وبالتالي لابد أن ينساق خلفها الجميع سواء من يوالونهم أو من يرفضهم؟!
هل تعتقد جماعة الإخوان المسلمين أنها قادرة بالفعل على “أخونة” المجتمع المصري بكل فئاته؛ وبالتالي لابد أن ينساق خلفها الجميع سواء من يوالونهم أو من يرفضهم؟!
ربما بات هذا السؤال يفرض نفسه بقوة على الجميع اليوم بعد أن حاول التيار “الاخوانجي” بقيادة السيد الرئيس “محمد مرسي” فرض آلياتهم ومعتقداتهم على الجميع، وبعدما رغبوا رغبة مجنونة في السيطرة على كل مقدرات الدولة لاسيما السياسية منها والثقافية.
ربما كان وجود الجماعة- التي جاءت بالمصادفة التاريخية البحتة- اليوم على رأس الدولة صار أمرا مسلما به لدى الجميع ولابد من احترام وجودها، ولكن هذا الاحترام رهين بقدرتها على التعامل مع الأمور، بمعنى أنه لا يحق لها نفي الآخر وإقصاؤه لمجرد أنه يختلف معها فكريا أو حتى عقائديا؛ لأن الإعلاء من صوت الجماعة وحدها هو نوع من الديكتاتورية التي لا تختلف إطلاقا عن جميع أنواع الأنظمة القمعية السابقة، ولأن السيد الرئيس “محمد مرسي” حينما تولى مقاليد الحكم كانت أولى كلماته التي نطق بها- ولم يلتزم بها- أنه يهتم بأن تكون مصر دولة مدنية وليست دولة دينية كما يحاول أن يفعل الآن.
ولعل الدلائل الكثيرة على رغبته الحقيقية والقوية في “أخونة” الدولة بكل الطرق المتاحة قد اتضحت من خلال بعض المواقف والتي كان من أهمها محاولته السيطرة التامة على جميع وسائل الإعلام المرئية منها والمقروءة، خاصة الصحف القومية بإحلال وإبدال جميع رؤساء تلك الصحف بمن يوالونه من الإخوان لتكميم الأفواه وإرهاب المثقفين من القول أو الكتابة ضده وضد جماعته.
فهل يعتقد السيد الرئيس وجماعته أن كتاب مصر ومثقفيها من الجبن الذي قد يجعلهم يصمتوا على هذا الإجراء اللاعقلاني؟ وهل يعتقد انه بذلك سيستطيع بالفعل السيطرة على الدولة ومن ثم لن يستطيع أحد أن يهاجمه؟!
أظن أنه لو كانت هذه هي عقليته التي تحكمه فهو بالفعل سيفشل في إدارة الأمور؛ لأن المثقفين المصريين ليسوا كما تتصور الجماعة من السهل خضوعهم لما ترفضه عقولهم، وليس من السهل إخراس ألسنتهم أو كسر أقلامهم؛ وبالتالي سيجد آلاف الأقلام التي تنتقده وتكتب ما تراه ضروريا دون اهتمام بما يفعله من محاولة إبدال وإحلال وتلجيم لهم.
ولعل ما حدث مع الكاتبة عبلة الرويني- رئيس تحرير أخبار الأدب- من إعفائها من منصبها في إدارة الجريدة، بل ومنع مقالها اليومي في جريدة الأخبار؛ لأن إدارة الجريدة اعترضت على وصفها “أخونة الصحافة”، نقول إن هذا الحدث من الخطورة التي لابد أن تنبهنا جميعا إلى اتجاه الدولة إلى “أخونة” المجتمع بالقوة، ورفض أي من يتحدث عن الجماعة بالسلب بل وإقصاؤه تماما ومحاولة تكميم الأفواه وكسر الأقلام، لنصبح بالتالي مجرد كتابا مدجنين نهلل باسم الجماعة ومرشدها ونسبح لهما، ولعل هذا يذكرني بما كان يفعله الرئيس السابق هو وحزبه الحاكم- الحزب الوطني- الذي كان حريصا على تكميم أي رأي ينتقد سياسته أو سياسة حزبه، وبالتالي فأنا لا أرى فارقا كبيرا بين الأمس واليوم سوى اختلاف الأشخاص ومسمياتهم.
إن ما يدور الآن على أرض الواقع والساحة الثقافية والسياسية هو من الخطورة التي تجعلنا جميعا نتكاتف في وجه الجماعة ووجه الرئيس “محمد مرسي” لنقول له “إذا كان المصريون قد انتخبوك رئيسا لهم؛ فلقد فعلوا ذلك لأنهم ظنوا أنك الأفضل لإدارة البلاد وإخراجها من حالة الفوضى التي تسبح فيها، ولقد انتخبوك أنت فقط ولم ينتخبوا معك جماعة الإخوان المسلمين أو مرشدهم، أما حالة الفوضى والتخبط المتفاقمة التي نعيش فيها اليوم منذ توليك مقاليد الحكم، ومحاولة عملقة الإخوان ومن يمثلهم لدرجة رفض أي من ينتقدهم بنفيه ورفضه، والمحاولات الضارية التي تتم من أجل محاولة أخونة المجتمع المصري من خلال مؤسساته وصحفه القومية ووسائل إعلامه؛ فهي من الأسباب القوية والجوهرية التي ستجعل فئات عريضة من المجتمع لاسيما المثقفين يرفضونك ومن ثم الثورة على نظام حكمك والإطاحة به؛ لأنه لا يمثلنا” .
آمل أن يعيد السيد الرئيس حساباته مرة أخرى فيما يحدث الآن؛ لأنه لن يؤدي إلا إلى المزيد من الفوضى والضجر والثورة على ما يحدث، وربما يدفع المصريين بالفعل إلى حرب أهلية بين الجماعة الإسلامية “الإخوان المسلمون”، وبين من يختلفون معهم.