هل تكرر 4 فبراير 1942 حينما فرض الإنجليز النحاس باشا رئيساً لوزراء مصر في 24 يونيو 2012 بعد ضغوط الأمريكيين على المجلس العسكري لإعلان مرسي رئيساً للبلاد.
بداية نهنئ الدكتور محمد مرسي بوصوله إلى مقعد الرئاسة، ونرجو أن يتسع صدره وصدور مؤيديه لبعض معارضيه من المصريين
بداية نهنئ الدكتور محمد مرسي بوصوله إلى مقعد الرئاسة، ونرجو أن يتسع صدره وصدور مؤيديه لبعض معارضيه من المصريين، علماً بأن الكاتب (الذي ناصر الطريق الثالث، وأيد حمدين صباحي في الجولة الأولى) لم يكن من أنصار خصمه الفريق شفيق، وكان يتمنى نجاح مرسي ولكن ليس بهذه الطريقة.
من المؤسف أن يتردد وبقوة من مصادر متعددة أن الولايات المتحدة الأمريكية فرضت الدكتور محمد مرسي رئيساً، وإليكم بعضاً من هذه المعلومات وتفاصيلها.
* القيادي الإخواني السابق ثروت الخرباوي المحامي يصرح لصحيفة الوطن 26 يوليو: “أن الساعات التي سبقت إعلان نتيجة الانتخابات شهدت تفاهمات بين الجماعة والعسكري من جهة، وبين الإخوان والإدارة الأمريكية من جهة أخرى”، وأكد الخرباوي أن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قادت التفاهمات، والتي تضمنت بعض الوعود للقوات المسلحة حال فوز مرسي ووعيداً إذا لم يفز على حد قوله، وأضاف أن مرشح الإخوان كان يحوز أعلى الأصوات ولكن لو كانت لجنة الانتخابات الرئاسية قد قبلت طعون منافسه أحمد شفيق لكانت النتيجة قد تغيرت”.
* أكد أكثر من مصدر من المجلس العسكري في عدة صحف مصرية على لقاءات سرية بين خيرت الشاطر والمجلس العسكري وأن الشاطر أتفق على إنجاح مرسي مقابل ترك اختيار الوزارات السيادية للعسكر والموافقة على الإعلان الدستوري المكمل.
* ووفق ما نشرت الوطن أيضاً أكد مسئول كبير بحملة شفيق أن الفريق تلقى اتصالاً من مسئول كبير بالدولة يهنئه بالفوز في تمام الساعة الثامنة في مساء اليوم لإعلان النتيجة كما أبلغه بإرسال قوة من الحرس الجمهوري إلى منزلة إلا أن القوة عادت أدراجها بشكل مفاجئ.
* أكد لروزاليوسف عبد الرحيم على مدير المركز العربي للدراسات على ما سبق وأضاف ان الفريق شفيق كان يحوز على 50,7% من الأصوات مقابل 49,3% لمرسي وأتصل بالفريق أحد كبار رجال الدولة لتهنئته بالفوز صباح يوم إعلان النتيجة، وكان من المعروف أن هناك 12 من كبار المسئولين عن العملية الانتخابية تحقق معهم النيابة العامة في تلقي رشاوى انتخابية من قبل حملة مرسي، كذلك قضية المطابع الأميرية المعروفة، ولكن كل ذلك تم التغاضي عنه أمام الضغوط الأميركية وأشار عبد الرحيم علي أن التقرير الذي قرأته اللجنة في الهيئة العامة للاستعلامات قد تم تغيير الثلث الأخير منه، واستشهد علي بالجزء الخاص بقضيتي تسويد البطاقات في المطابع الأميرية، وحرمان الأقباط ببعض قرى الصعيد من الإدلاء بأصواتهم بالقوة، وكيف أكد المستشار فاروق سلطان أن الأجهزة الأمنية لم تعطه أي معلومات في القضيتين!! مما أستدل به على حذف هذه التفاصيل من التقرير النهائي مما يرجح عنده تقدم الفريق شفيق.
* أفادت مصادر صحفية مطلعة أنه حتى الثانية عشرة من مساء يوم إعلان النتائج أبلغت مصادر حكومية مطلعة الصحف بنجاح شفيق وأمدتها بكافة الأخبار والمعلومات التي تؤكد ذلك بما فيها إعلانات لتهنئة شفيق، إلا أنه في الثانية والربع تغير الموقف تماماً.
* بعيدا عن كل هذه الادعاءات التي يجب أن يرد عليها حتى لا يسكن في الضمير المصري فأن الصحافة الأجنبية تكاد تؤكد تلك المزاعم.
فعلى سبيل المثال دعت صحيفة الواشنطن بوست الولايات المتحدة 26 يونيو 2012 لمزيد من الضغط على المجلس العسكري لتسليم السلطة كاملة لإدارة مرسي بحلول 30 يونيو الجاري مثلما تعهدت أن تفعل، وأن يمتنع المجلس العسكري عن تقليص سلطات الرئيس مرسي وأضافت الصحيفة ينبغي أن ينعقد البرلمان الذي تم اختياره بنزاهة وحرية، وإلى أن يحدث هذا دعت الصحيفة الإخوان المسلمين لتقديم تنازلات للمجلس العسكري!!
أما صحيفة الديلي تيلجراف فقد جاء على لسان مراسلها ريتشارد سبنسر في نفس اليوم أن محمد مرسي فاز بمنصب الرئيس لكن الجميع يتفق على أنه لا يحكم لأنه مسئول أمام رجلين: الأول هو المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزارة الدفاع والذي يملك في يده السلطات الكبيرة، والثاني هو محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين والذي يدين له مرسي بالطاعة، ولفت المراسل الإنتباه إلى أن المتحدث باسم الإخوان أول من شكره عقب إعلان فوز مرسي هو المجلس العسكري والمشير طنطاوي.
وفي تقرير الواشنطن بوست في نفس التاريخ رأت الصحيفة أن الضغوط التي مارستها أمريكا والدول الغربية على المجلس العسكري والتي حذروه فيها من عدم إعلان فوز مرسي، وأن إعلان فوز شفيق سوف يقود مصر إلى إراقة دماء كثيرة. كما أضاف التقرير أن عدد من النواب الأمريكيين حذروا من تدهور العلاقة بين واشنطن والعسكر إذا أصروا على تأجيل إعلان النتيجة، وكشفت الصحيفة عن إتصال أجراه ليون بانيتا وزير الدفاع الأمريكي بطنطاوي للتأكيد على نفس المعنى، فيما تحدث الجنرال مارتن ديمسي رئيس هيئة الأركان المشتركة هاتفياً مع الفريق سامي عنان أكثر من ثلاثة مرات، وانصبت المكالمات على أن نتائج الانتخابات لها علاقة كبيرة بالقضايا الأمنية في سيناء، في حين التزمت إدارة أوباما بنصيحة السفيرة الأمريكية في القاهرة آن باترسون بعدم إثارة الموضوع خوفاً على تفاقم الوضع المتوتر بالفعل.
* وفي مقال الكاتب الأمريكي ديفيد إجناتيوس بذات الصحيفة بنفس التاريخ قال: “إن خيرت الشاطر القيادي الاستراتيجي في الجماعة يدرك جيداً فوائد الشراكة الأمنة والاستراتيجية بين العسكر والإخوان مؤكداً أن هذا الانطباع قد كونه عندما قابل الشاطر قبل جولة الإعادة”، وكما يقول الكاتب أن الشاطر قال له: “أن مرسي كرئيس سيضمن استمرار القيادات العليا للجيش وجهاز المخابرات، لأننا لا ننتهج أسلوب التصادم وندرك أن هذا سيكون مؤشراً مهما على الإستقرار في المنطقة وضمان مصالح الدول الأجنبية خاصة الولايات المتحدة والغرب”.
الشاطر من ماكين لهيلاري كلينتون
لعل ذلك يذكرنا بما سبق وأن نشرته في مجلة روزاليوسف يوم 9 يونيو 2012 حول ما ذكرته بعض المصادر الغربية عن اللقاء السابق بين الشاطر وماكين قد شمل أيضاً تعهد من ماكين بعدم معارضة الولايات المتحدة الأمريكية لتقديم جماعة الإخوان مرشح رئاسي مقابل تعهد الجماعة عبر الشاطر إحترام معاهدة كامب ديفيد وعدم التعرض لأركان النظام السابق للعزل أو الحرمان من ممارسة الحياة السياسية.
مما سبق نكتشف وفق ما نشرته “نيويورك تايمز” فإن مسئولين بوزارة الخارجية الأمريكية أبدوا سعادتهم بتراجع جماعة الإخوان عن تعهدها بعدم دفع مرشح لها في الانتخابات الرئاسية، بعد أن تابعوا بمزيد من القلق- على حد تعبير الصحيفة- صعود تيار الإسلام المتشدد خلال الشهور الماضية، وبعد استبعاد الشاطر من قبل اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية دكرت بعض المصادر الأمريكية للكاتب أنه ربما يكون وراء ذلك غيرة العسكريين من حميمية العلاقة الإخوانية الأمريكية.
إن جماعة الإخوان المسلمين كانت على اتصال شبه يومي بالولايات المتحدة الأمريكية عبر رجل الإخوان القوي خيرت الشاطر، حتى أن صحيفة نيويورك تايمز التي استعانت بها الزميلة ميرفت الحطيم كشفت عن أن الشاطر كان له لقاءات مع معظم مسئولي وزارة الخارجية الأمريكية وأعضاء الكونجرس الدين زاروا مصر، وأنه على اتصال دائم بالسفيرة الأمريكية في القاهرة “آن باترسون” ومديري وكبار مسئولي الشركات الأمريكية في مصر، وكثير من المسئولين الأمريكيين امتدحوا اعتداله ودكاؤه وفاعليته وتأثيره.
وهكذا يبدو جلياً أن جماعة الإخوان المسلمين قد عقدت صفقة مع الإدارة الأمريكية تعهدت فيها كما سبق وجاء على لسان أعضاء الكونجرس ومجلس الشيوخ:
1-عدم المساس باتفاقية كامب ديفيد وأمن إسرائيل.
2- خروج حماس من عباءة دمشق وإيران.
3-الحفاظ على المصالح الأمريكية في المنطقة.
4-التصدي للتطرف الإسلامي المتمثل في التيارات السلفية والجهادية.
وفي مقابل ذلك تقبل الإدارة الأمريكية حكم الإخوان لمصر، سواء عبر جمهورية برلمانية أو رئاسية، ومن يعيد قراءة هذا الموضوع يكتشف أن ترشيح الجماعة لمرشح رئاسي تم باتفاق ورضا الإدارة الأمريكية ووصولا للضغوط لإعلان فوز مرسي.
هل تكرر 4 فبراير 1942 حينما فرض الإنجليز النحاس باشا رئيساً لوزراء مصر في 24 يونيو 2012 بعد ضغوط الأمريكيين على المجلس العسكري لإعلان مرسي رئيساً للبلاد؟
وتبقى التساؤلات حول أسرار تدخل الدكتور البرادعي للمصالحة بين الإخوان والعسكر في هـذا التوقيت بالـذات وترحيبهما بـذلك رغم موقف الطرفين المعروف منه سابقاً، بل وعرض رئاسة الوزراء عليه، كذلك يمتد حبل التساؤلات حول موقف جبهة 6 إبريل جناح أحمد ماهر وانحيازهم للمرشح محمد مرسي، وكما تدكرنا واقعة 4 فبراير 1942، فإننا نتدكر الثورة الإيرانية 1978، وكيف استعانت بآخر وزراء مدني وهو شهبور بختيار وأطاحت برأسه ورؤوس حكومته فيما بعد، وكدلك مصير منظمات يسارية تحالفت مع الخميني تحت شعار إستمرار الثورة مثل حزب تودة الشيوعي، ومجاهدي خلق، وفدائيو خلق، فكان مصيرهم الإعدام أو الموت تعذيباً أو النفي في معسكر أشرف بالعراق أو في دول أوروبية في أحسن الأحوال.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي وللإخوان وللبرادعي و6 إبريل وغيرهم.