يأتي الصراع علي السيادة بين الإسلاميين والجيش في مرتبة لاحقة علي معركة سياسية أكثر أهمية تتمثل في نوع الدولة الإسلامية التي ستكون عليها مصر.
يأتي الصراع علي السيادة بين الإسلاميين والجيش في مرتبة لاحقة علي معركة سياسية أكثر أهمية تتمثل في نوع الدولة الإسلامية التي ستكون عليها مصر.
إن انتخاب محمد مرسي المنتمي إلي جماعة الإخوان المسلمين ليصبح رئيسا لمصر سوف يرجئ النقاش حول ما إذا كانت الدولة ستصبح علمانية أم إسلامية. فمصر هي دولة إسلامية.
إذ لا يقتصر الأمر علي أن عضوا من الإخوان المسلمين أصبح يشغل أعلي منصب في الدولة, فـ الجماعة أو أبناء عمومتهم السلفيين الأكثر تشددا يسيطرون علي نحو 75% من مقاعد الهيئة التشريعية – أو علي الأقل كان الإسلاميون يسيطرون علي تلك النسبة قبل حل ##مجلس الشعب## من قبل المجلس العسكري الحاكم الشهر الماضي. ورغم أن الأضواء ستظل مسلطة علي الصراع علي السيادة بين الإسلاميين والجيش, إلا أن المعركة السياسية الأكثر أهمية في القاهرة ستكون بشأن نوع الدولة الإسلامية التي ستصبح عليها مصر.
وفي ظل هذه الثيوقراطية التنافسية الجديدة يصبح الاختلاف في الحدة وليس النوع. فكل من السلفيين والإخوان علي سبيل المثال يدعم تطبيق ##الحدود##, والاختلاف هو حول سرعة تطبيق تلك العقوبة.
والمنافسة بين جماعة الإخوان والسلفيين ليست جديدة. ففي الواقع, وفقا لبرقية دبلوماسية بعثتها السفارة الأمريكية في القاهرة ونشرها موقع ويكيليكس, كان قادة الجماعة غير مرتاحين منذ عام 2009 علي الأقل حيث يراقبون أعضاء الإخوان الريفيين الأصغر سنا وهم ##يتحولون إلي المنهج السلفي بشكل متزايد##.
إن الأمر يستغرق سنوات لكي تصبح عضوا كاملا في الإخوان. وحتي تصبح سلفيا, لا يحتاج المرء سوي إلي الالتزام بالمبدأ وإطلاق اللحية. وما من مفاجأة في أن السلفيين يضغطون علي جماعة الإخوان ذات المدرسة القديمة.
فالعداء بين الجماعتين كان ظاهرا أثناء الانتخابات البرلمانية في الشتاء الأخير, عندما تواجه ##حزب النور السلفي## مع ##حزب الحرية والعدالة## التابع لـ جماعة الإخوان. فبالإضافة إلي تبادل الاتهامات بانتهاك الانتخابات, كان أعضاء الحزبين غالبا ما يتشاجرون خارج أماكن الاقتراع. وفي مايو, أثناء الجولة الأولي من الانتخابات الرئاسية, دعم الإخوان والسلفيون مرشحين متنافسين.
وحتي قبل الانتخابات البرلمانية كان الاحتكاك واضحا. ففي يناير, وفي محاولة لطمأنة المسيحيين المصريين القلقين, أعرب مرسي عن أنه ##لا توجد اختلافات في معتقدات المسلمين والمسيحيين## مما دفع السلفيين – الذين دأبوا علي الهجوم علي المسيحيين – إلي مطالبة مرسي بأن ##يتوب إلي الله##. وقد وصف مرسي تلك الحيلة بأنها ##دعاية رخيصة##.
وبعدها بشهر, وفي محاولة لإحراج جماعة الإخوان, قاطع أحد أعضاء البرلمان السلفيين جلسة تشريعية برفع آذان الظهر. وبعدها وبخه رئيس البرلمان سعد الكتاتني قائلا: ##لست مسلما أكثر منا##.
إن جماعة الإخوان المسلمين لم تكن علي الإطلاق معتدلة بصورة خاصة. ففي ديسمبر 2011, تنبأ المرشد العام لـ الإخوان – محمد بديع – بأن نجاح الجماعة في مصر سوف ##يؤدي إلي خلافة راشدة تقود العالم##. والآن, سوف تؤدي الديناميكيات السياسية الداخلية علي الأرجح إلي تحفيز الإخوان لاتخاذ مواقف أكثر تشددا أثناء محاولة جسر الهوة مع أبناء عمومتهم السلفيين.
وهذه الدينامية تحدث بالفعل. ففي أبريل, تعهد الإخوان بمنح علماء الدين السلفيين صلاحية المصادقة علي مطابقة التشريعات المصرية للشريعة الإسلامية. وفي الشهر الماضي, وقفت الجماعة مع السلفيين في معارضة قرض ياباني بقيمة 426 مليون دولار لتوسيع نظام مترو الأنفاق في القاهرة, حيث ادعت أنه قائم علي الفائدة ومن ثم يحرمه الإسلام.
لكن المصادمات أمر مؤكد. فقد هدد السلفيون بالفعل بالانسحاب من الفريق الرئاسي لمرسي إذا مضي في التزامه بتعيين امرأة وقبطي بين نوابه الستة. وخلال الشهور والسنوات القادمة, قد تجد جماعة الإخوان نفسها بسهولة في وضع غير مريح يحتم عليها معارضة فرض الزكاة التي يدعمها السلفيون علي المسلمين والجزية علي غير المسلمين, أو حتي تأسيس لجان للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – كما في المملكة العربية السعودية – لضبط أخلاقيات المصريين. وفي الوقت ذاته, قد يتخذ الإخوان موقفا مغايرا لموقف السلفيين بقبولهم قرض مهما قيمته 3.2 مليار دولار من ##صندوق النقد الدولي##.
وفي خطاب فوزه بالرئاسة تحدث مرسي عن المصالحة. لكن مع قلق الإخوان المسلمين في المستقبل من أن يتم الالتفاف عليهم واكتساب ميزة علي حسابهم فإنهم قد لا يجدون بديلا عن تبني مواقف منافسيهم السلفيين وتفسيراتهم الأكثر تشددا للشريعة الإسلامية.
لوس انجلوس تايمز