يدور الحديث في مصر عن تعيين نواب لرئيس الجمهورية علي أن يكون أحدهم من النساء وأحدهم من الأقباط وكأنه نهاية للمشاكل التي تعاني منها الفئتان, صحيح أنه إذا حدث ذلك سيكون خطوة إيجابية ولكنه لن يحل المشاكل العميقة
يدور الحديث في مصر عن تعيين نواب لرئيس الجمهورية علي أن يكون أحدهم من النساء وأحدهم من الأقباط وكأنه نهاية للمشاكل التي تعاني منها الفئتان, صحيح أنه إذا حدث ذلك سيكون خطوة إيجابية ولكنه لن يحل المشاكل العميقة التي تعاني منها المرأة المصرية أو الأقباط إلا إذا توفرت إرادة سياسية صادقة لمعاجة هذه المشاكل المزمنة والمتراكمة والمتزايدة.
عمليا حتي لو جاء نائب قبطي من الشخصيات المحترمة وامرأة مصرية من الشخصيات القوية المدافعة عن حقوق بني جنسها, فهذا لن يؤدي إلي شئ ذي قيمة في ظل سيادة نمط التفكير السلبي والقوانين الرجعية والمؤسسات الذكورية, هذا علي فرض أن الشخصيات المعينة جاءت علي مستوي تطلعات الناس, فماذا لو جاءت شخصيات لا تحظي بالتوافق الوطني؟.. الجواب سيكون هذا الشخص محسوبا اسميا علي النساء أو علي الأقباط.
الأسماء القبطية التي طرحها الإعلام بالفعل تنتمي إلي نمط الشخصيات التي تسعي لمصالحها والتي لا تمثل التيار الرئيسي منهم.
علي المستوي العالمي لم يرتبط السعي بالارتقاء بأوضاع المرأة بتعيين نائب منها, ففي أمريكا لم يحدث في تاريخها أن كان الرئيس أو نائبه من النساء, وعندما طرح جون ماكين سارة بيلين كمرشحة نائبة له جاء النقد الكثير لها ليس لكونها سيدة ولكن لضحالة خبرتها السياسية وثقافتها العامة وكانت جزءا من فشل ماكين , ورغم أن المرأة لم تحظ بمنصب الرئيس أو نائبه في أمريكا إلا انها تتمتع بحقوق اجمع الكثيرون علي أنها تفوق حقوق الرجل في أمور كثيرة. في حين أن اختيار امرأة كرئيسة للوزراء في باكستان لم يغير شيئا من الثقافة المتخلفة ضد المرأة هناك, ونفس الشئ حدث في بنجلاديش, ولم تتقدم الفلبين لأن رئيستها كانت سيدة,وهكذا فإن منظومة الحقوق في الدول المتقدمة تتعلق بالمؤسسات والقوانين والثقافة العامة والفرص المتكافئة وليس بوجود رجل أو امرأة علي قمة الحكم.
الذي يفكر في أن تعيين سيدة نائبة سيحل مشاكل المرأة مثله مثل الذي يفكر في أن الحجاب والنقاب سيحل مشاكل التحرش الجنسي في مصر رغم تزايد هذا التحرش في ظل تزايد الحجاب والنقاب! والذي يتصور أن تعيين شخص قبطي نائبا للرئيس سيحل مشاكل الأقباط مثله مثل الذي يتصور أن وجود رفيق حبيب بحزب الحرية والعدالة يجعله حزبا متعدد الانتماءات الدينية.
في عهدي السادات ومبارك كانت الشخصيات القبطية المعينة في مناصب سياسية تعمل لنفي أي مشاكل أو إضطهادات تقع علي الأقباط. يكرر بصفة دائمة عضو الكونجرس الامريكي جوزيف بيتس انه في كل لقاءاته مع مبارك عندما كان يبدأ بمناقشة مشاكل الأقباط في مصر يقاطعه مبارك ويقول له كلم فلان الوزير القبطي وهو يوضح لك الصورة المغلوطة التي وصلتك. وهكذا يكون حشر شخصية قبطية في منصب أمر لا قيمة له في ظل استمرار نفس السياسات والقوانين ونفس ثقافة التمييز, علما بأنه توجد شخصيات مثل الدكتور محمد أبو الغار أو المهندس محمد منير مجاهد تعد أفضلمن الكثير من الشخصيات القبطية, فهي شخصيات وطنية تؤمن بالمساواة والمشاركة للجميع وتؤمن بمصر قبل كل شئ, ولو عين شخصا منهم في منصب رفيع سيكون أفضل للأقباط بكثير من حشر شخصية قبطية غير فاعلة كنها شكلا محسوبة علي الأقباط.
الحقوق سواء كانت للمرأة أو للأقباط ترد بالإرادة السياسية وبالإصلاح الدستوري والتشريعي وليس بالتعيين الشكلي.