عديدة هي الدول الناشئة التي تعاني من انقطاعات مؤقتة في التيار الكهربائي ليعود بعده إلي العمل, وذلك بسبب الطلب المتزايد علي الطاقة الذي بات يفوق بكثير قدرة الدول علي إنتاج احتياجاتها منها, ما يحتم عليها ضخ المزيد من
عديدة هي الدول الناشئة التي تعاني من انقطاعات مؤقتة في التيار الكهربائي ليعود بعده إلي العمل, وذلك بسبب الطلب المتزايد علي الطاقة الذي بات يفوق بكثير قدرة الدول علي إنتاج احتياجاتها منها, ما يحتم عليها ضخ المزيد من الاستثمارات لتوليد الكهرباء وتلبية الطلب المتصاعد للأفراد والصناعات. لكن ما يجري في الولايات المتحدة من انقطاع كلي وليس مؤقتا للتيار الكهربائي أصبح يتجاوز في بعض الأحيان ما تشهده الاقتصادات الصاعدة في العالم, بحيث أصبحت ظاهرة الانقطاع الممتد للتيار الكهربائي أكثر حضورا في أمريكا منها في الهند, أو باكستان. ففي يوم الجمعة 29 يونيو المنصرم اجتاحت مناطق أمريكية شاسعة في الساحل الشرقي والمناطق الوسطي عاصفة هوجاء تسببت في أسوأ انقطاع للتيار الكهربائي يتذكره الأمريكيون في تاريخهم المعاصر. والأكثر من ذلك أن العاصفة صاحبها ارتفاع كبير في درجات الحرارة, مع معدلات رطوبة قياسية لم يعهدها الأمريكيون من قبل. وقد طالت العاصفة مناطق مهمة مثل فيرجينيا الشمالية وجنوب ميريلاند وأجزاء من العاصمة واشنطن. فكان التأثير المباشر لتلك العاصفة علي الحياة اليومية للأمريكيين كبيرا ومزعجا للغاية, خاصة بعد انقطاع الكهرباء, حيث توقفت المكيفات عن العمل وسط درجات حرارة خانقة, وغياب الإضاءة, فضلا عن تعفن الطعام في الثلاجات وغياب التليفزيون والإنترنت والهواتف وغيرها من وسائل الحياة المعاصرة.
وحتي اؤلئك الذين استطاعوا اللجوء إلي المسابح للتخفيف من الحر الشديد وجدوها مليئة بالأزبال, ولم يعد بإمكان الأفراد شحن هواتفهم ولا أجهزة الكمبيوتر المحمولة إلا بالذهاب إلي المقاهي في بعض المناطق التي نجت من العاصفة, كما وجدت العديد من الشركات نفسها, في ظل غياب أدوات العمل, مجبرة علي إغلاق أبوابها.
ومع أنه من الصعب تقدير الخسائر الناجمة علي الانقطاع الممتد للتيار الكهربائي, إلا أنها لابد أن تكون فادحة; فكلفة التخلص من محتويات الثلاجات المليئة بالطعام قد تصل إلي مئات الدولارات بالنسبة للعائلات, ما سيضيف إلي مصاريفها, كما أن البعض من الذين يعانون مشاكل صحية توجهوا إلي الفنادق في المناطق الآمنة ليزيد ذلك من الضغوط علي الأسر الأمريكية. هذا في الوقت الذي تضررت فيه الشركات والمحال الكبري التي تبيع مختلف أصناف المأكولات والمنتجات الغذائية سريعة التلف, بعد توقف أجهزة التبريد. هذا ناهيك عن الفوضي التي عمت شوارع المدن المتضررة بسبب سقوط الأشجار وإعاقتها للمرور.
والحقيقة أن أمريكا اليوم تواجه تحديين كبيرين; الأول مرتبط بالكوارث الطبيعية التي تضرب البلاد بين الحين والآخر بسبب الطبيعة الجغرافية والجيولوجية للولايات المتحدة, والتي تجعلها عرضة لشتي أنواع الكوارث من عواصف وفيضانات وحرائق كبيرة لتضاف إلي الأعباء الكثيرة التي يتعين علي أجهزة الإنقاذ والإغاثة تحملها كل سنة. ومن المحتمل أن تزداد حدة الظروف الطبيعية القاسية في المستقبل بالنظر إلي تسارع وتيرة التغيرات المناخية وتأثيرها علي الكوكب.
أما التحدي الثاني, وخلافا للكوارث الطبيعية الخارجة عن قدرة الإنسان, فيمكن للبشر التعامل معه لو توفرت الإرادة, ففي الوقت الذي استثمرت فيه أوربا كثيرا في تأهيل بنيتها التحتية في مجال الربط الكهربائي وقامت في إطار إعادة البناء بعد الحرب العالمية الثانية بتمرير خيوط الكهرباء تحت الأرض, ظلت الولايات المتحدة تعتمد في نقل التيار الكهربائي علي الأعمدة لتبقي معرضة للعواصف والظروف المناخية الأخري, بل إن سقوط الأشجار المنتشرة علي نطاق واسع في ضواحي المدن الأمريكية تعتبر المسئول الأول عن انقطاع التيار الكهربائي في الولايات المتحدة. ويمكن التخلص من هذه المشكلة لو دفنت أسلاك الربط الكهربائي تحت الأرض علي غرار ما هو معمول به في أوربا, بل حتي في المدن الآسيوية.
لكن الإقدام علي هذا المشروع الضخم في الولايات المتحدة والمتمثل في إعادة الربط الكهربائي للمدن الأمريكية بالطرق الحديثة المتداولة في أوربا وباقي الدول الآسيوية, دونه استثمارات ضخمة قد تصل إلي مليارات الدولارات التي يصعب توفيرها في ظل أجواء الأزمة الاقتصادية الحالية من جهة, ومحاولات الحد من الإنفاق الحكومي من جهة أخري, والتي يدفع في اتجاهها الكونجرس الأمريكي. فهذا الأخير يحرص أولا وقبل كل شيء علي خفض الدين العام الأمريكي, وقد رأينا قبل بضعة أشهر كيف وقف الكونجرس في وجه أوباما رافضا رفع سقف الدين فكاد يعطل التزامات الحكومة الفيدرالية تجاه الدائنين.
والمشكلة الرئيسية هنا أن الولايات المتحدة تعاني من تقادم في مجمل بنيتها التحتية وليس فقط تلك المرتبطة بالربط الكهربائي وما يسببه من انقطاع للتيار يدخل الأمريكيين في ظلمة قسرية, حيث يمتد تهالك البنية التحتية إلي الطرق والمطارات والسكك الحديدية وغيرها, لتضاف إليها أيضا المدارس المتداعية, وتراجع المرافق الترفيهية في العديد من الولايات. هذا الواقع يدفع الكثير من الأمريكيين إلي اتخاذ ردود فعل سلبية تجاه الانخراط الأمريكي في الخارج, أو المساهمة في دعم جهود التنمية ومكافحة الفقر في الدول النامية, إذ بدأت تتعالي الأصوات مطالبة بالإنفاق علي الاحتياجات الداخلية قبل كل شيء وإيلائها الأولوية, والنتيجة النهائية ستكون انكفاء أمريكا علي نفسها وانغلاقها علي ذاتها لتعود إلي فترة ما قبل الانفتاح علي العالم, ومرحلة الانعزالية التي أعقبت الحرب الأهلية ولم تنته إلا في بدايات القرن العشرين مع انخراط أمريكا في الحرب العالمية الأولي وبداية تشابك مصالحها مع مصالح العالم.
وما لم تسارع أمريكا بإعادة تأهيل بنيتها التحتية وتجاوز الاعتبارات الاقتصادية الآنية, فقد تخسر سباق المستقبل في التحديث مع القوي الصاعدة في عالم اليوم.
واشنطن بوست
======================
مخاطر العجز المالي علي مستقبل أمريكا
بقلم: كينيث ليبرثال ومايكل أوهالون
الطائرات بدون طيار وقوائم الموت وفيروسات الكمبيوتر, بالإضافة إلي تسريبات الإدارة الأمريكية… قضايا باتت حديث الساعة في المشهد السياسي الأمريكي, وهي في الحقيقة موضوعات مهمة تستحق الفحص والتدبر في وقت تتغير فيه قواعد الحرب والتكنولوجيات المستخدمة في ذلك, لكن كل هذه القضايا المهمة ليست بالفعل جوهر السياسة الخارجية الأمريكية في السباق الانتخابي للعام 2012, ذلك أن الأكثر أهمية من كل ذلك هي قضايا التجدد الاقتصادي والإصلاح المالي التي باتت تتصدر عن حق الأجندة السياسية لكلا المرشحين, ليس فقط لدواع داخلية والسياسة الاقتصادية, بل أيضا لسلامة سياستنا الخارجية علي الساحة الدولية, وكما يحب أن يردد رئيس هيئة الأركان المشتركة الأدميرال, مايكل مولين, تحول الدين العام إلي التهديد رقم واحد لأمننا القومي.
ورغم الإقرار بفداحة الوضع الاقتصادي الأمريكي, لا يبذل المرشحان الرئاسيان ما يكفي من جهد لمعالجتها, فالموضوع الاقتصادي يجب أن يصاغ في إطار أهميته القصوي ليس فقط لمستقبل الازدهار الأمريكي في الداخل, بل أيضا باعتباره أساسيا للحفاظ علي الاستقرار العالمي, فالولايات المتحدة مثقلة بعجز مالي مهول يصل إلي تريليون دولار تقريبا بسبب الانفجار غير المراقب للاستدانة, إذ وصلت نسبة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي إلي 70 في المائة, وهي العتبة التي يراها الاقتصاديون والخبراء خطيرة للغاية وتهدد الأسس الاقتصادية للولايات المتحدة, والأسوأ من ذلك أن نصف تلك الديون التي يتم تمويلها من الأجانب عن طريق السندات بفضل انخفاض الفائدة من جهة واستمرار الاستثمار الداخلي من جهة أخري, وكل ذلك بفضل استمرار الدين الأمريكي في اجتذاب المستثمرين الأجانب.
ولمعالجة هذه الاختلالات الجسيمة في مالية الدولة, اقترح أوباما, حسب اللجنة غير الحزبية للموازنة الفيدرالية المسئولة, خطة تسمح بالزيادة في حجم الدين ليصل إلي 75 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال عقد من الزمن علي أن يتم الاستثمار في المجالات المثمرة الأخري, أما ##ميت رومني##, فقد اقترح رفع الضرائب لمضاعفة إيرادات الدولة,بالإضافة إلي الزيادة في الإنفاق العسكري, وهو ما سيؤدي في النهاية إلي زيادة كبيرة في حجم الدين لتصل إلي 95 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي, بيد أن هذه المقترحات ورغم جديتها لا ترقي إلي مستوي التحدي, وبخاصة خطة ##رومني## الأشد خطورة علي الاقتصاد الأمريكي. فم الذي يجعل من الوضع الاقتصادي المتردي تهديدا علي الأمن الأمريكي؟ أولا لأننا نتجه إلي مستوي من الديون قد يستهلك في غضون عقد من الزمن تريليون دولار من موازنة كل سنة لخدمة ذلك الدين فقط, لذا ستخصص أموال أقل للاستثمار الداخلي في القطاعات الحيوية, وهو بالطبع ما سيؤثر علي مستوي البنية التحتية وجهود دعم التعليم والبحث العلمي وباقي الخدمات التي تقدمها الحكومة الفيدرالية وتظل ضرورية لاستمرار النمو الاقتصادي, هذا بالإضافة إلي صعوبة الاستمرار في نفس المستوي من النفقات العسكرية.
أما السبب الثاني لتهديد الاقتصاد للأمن القومي فهو تأثير الانكماش الاقتصادي العام علي الإجماع الوطني الذي دام لسبعين عاما حول تبني سياسة خارجية فاعلة علي المسرح الدولي, فأحد الدوافع الأساسية التي سهلت علي أمريكا الانخراط الإيجابي في الشؤون الدولية سواء خلال الحرب الباردة, أو حتي في العشرين عاما التي تلت انهيار المعسكر الشيوعي كان التحسن الهائل في حياة الأمريكيين والازدهار الاقتصادي الذي تحقق في تلك الفترة, بحيث انتعشت أمريكا بكاملها لينعكس ذلك علي شرائح المجتمع كافة.
لكن ومع الأسف أدت العولمة والاستخدام المتنامي للتكنولوجيا إلي مساءلة الحلم الأمريكي بالنسبة للعديد من الطبقات العمالية في أمريكا, لذا فإن أي تقشف, أو حد من الاستثمار الداخلي لمعالجة مشاكلنا المالية ستعمق الدعوات إلي انعزال أمريكا وانسحابها من المعترك الدولي, لا سيما وأن العديد من الأصوات ستشكك في الجدوي من مواصلة أمريكا لدورها العالمي الفعال, وبخاصة أن ذلك سيكلف أمريكا نصف تريليون دولار سنويا لتغطية النفقات العسكرية فيما الأمريكيون في الداخل يخسرون وظائفهم, وأخيرا سيكون للتردي الاقتصادي تأثير سلبي علي قدرة أمريكا علي القيادة, بحيث ستشعر دول أخري بضعف أمريكا وتراجعها. وفي حال استمرار هذا التصور علي الصعيد العالمي, ستبدأ بعض الدول في التصرف من وحي إرادتها الخاصة, وسيتشكك العديد من الحلفاء في قدرة أمريكا علي الالتزام بتعهدات حمايتهم ما قد يشجعهم علي امتلاك أسلحة نووية لضمان أمنهم, والنتيجة أن بعض المناطق الاستراتيجية مثل الخليج العربي والمحيط الهادي قد تصبح أقل استقرارا, مع احتمالات اندلاع الحروب. لذا فإنه في الوقت الذي تبقي فيه بعض القضايا ذات حيوية خاصة كتلك التي أكد عليها أوباما في سياسته الخارجية والمتمثلة في إقامة جسور التواصل مع العالم الإسلامي, ومراقبة التغيرات المناخية, والحد من الفقر العالمي من خلال الحث علي تقديم المساعدات الإنسانية, والانتقال نحو عالم خال من الأسلحة النووية, يبقي الأهم بالنسبة لأوباما ومن سيأتي بعده والأكثر استعجالا من كل ذلك هو إعادة القوة إلي الاقتصاد الأمريكي, فلا شيء ممكن بدون استعادة حيوية الاقتصاد باعتباره شرطا أساسيا لأي سياسة خارجية ناجحة ولأي حضور أمريكي في العالم.
باحثان في السياسة الخارجية بمؤسسة بروكينجز
مؤسسة بروكينجز
======================
دراما الانتخابات في ماليزيا
بقلم: جيريمي جرانت
في الطابق الرابع عشر من مبني البرلمان الماليزي وسط العاصمة كوالالمبور- وهي البناية البيضاء ذات الثقوب التي تشبه خلية النحل التي يعود تاريخ بنائها إلي ستينيات القرن الماضي- يتحدث ##أنور إبراهيم## بنبرة هادئة تناقض حقيقته كمعارض ورجل معروف محليا بشعبويته وخطابه المنتقد للحكومة.
ويأتي هذا الحديث في الوقت الذي يسود فيه نقاش واسع بين الشعب حول الانتخابات المبكرة التي ستنظم خلال الأشهر القليلة المقبلة, وهو نقاش يكاد لا يخلو منه موقع علي الإنترنت, أو حتي وسيلة من وسائل الإعلام التقليدية, رغم أن رئيس الحكومة نجيب رزاق يمكنه الانتظار أطول حتي شهر أبريل المقبل عندما يحل موعد الانتخابات الاعتيادي. وعن موضوع الانتخابات المبكرة يقول أنور إبراهيم:
##سيكون الأمر مختلفا مع هذه الانتخابات##, مضيفا: ##نحن نعمل علي تغيير شامل في المشهد السياسي بالبلد, أعتقد أن عددا متزايدا من الماليزيين, لا سيما الشباب, يريدون من ماليزيا أن تتطور لتصبح ديموقراطية ناضجة ومكتملة الأركان##.
والحقيقة أن ما يريده الشباب الماليزي تجلي بوضوح قبل شهرين عندما خرج عشرات الآلاف منهم إلي الشوارع للمشاركة في احتجاج نظمته جميعة ##بيريش## للمجتمع المدني التي تعارض السياسات الحكومية وتطالب بإصلاح قانون الانتخابات وأشياء أخري, وقد انتهت المظاهرة الحاشدة بتفريق السلطات الأمنية للمحتجين عن طريق العنف واستخدام خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع.
وكانت تلك المظاهرة مؤشرا واضحا علي مدي الإحباط المتفشي بين الشباب ما ساهم في إعادة اسم أنور إبراهيم إلي الواجهة كمعارض مهم بعد أشهر قليلة فقط علي إطلاق سراحه, وذلك ضمن مسيرة سياسية مضطربة جعلته ينتقل من منصب نائب رئيس الحكومة وأحد القادة الذين يتم إعدادهم لتولي الحكم أواخر التسعينيات إلي سجين يقبع وراء القضبان, ثم ليعود بعد ذلك إلي السياسة من خلال تشكيل حزب ودخول البرلمان.
لكن ربما لن تكون هذه المحطة الأخيرة لأنور إبراهيم, الذي ما زال يواجه مشاكل مع السلطات, إذ أظهر شريط فيديو مصور مشاركة أنور إبراهيم في المظاهرة الكبري, بل إنه بدا وكأنه يحرك يديه في خطوة اعتبرها المدعي العام نوعا من التحريض علي دخول المتظاهرين إلي منطقة محظورة, وهي التهمة التي رد عليها أنور بالقول إنها ##واهية## معتبرا أن تحريك يديه بالطريقة التي قام بها أثناء المظاهرة كان عاديا في إطار مخاطبته للجمهور ولا يمكن للقانون الاستناد عليها لتجريمه.
ويري أنصار أنور إبراهيم مثل هذه التهم كدليل آخر علي استمرار التضييق علي المعارض الأول في البلاد كمحاولة مكشوفة لإبعاده عن السباق الانتخابي, وقد لعب الحزب الذي شكله أنور إبراهيم قبل سنوات, التحالف الشعبي, دورا رئيسيا في خسارة الحزب الحاكم,##المنظمة الوطنية لماليزيا الموحدة, ثلثي مقاعد البرلمان في انتخابات 2008, وهو ما شكل صدمة للحزب الذي حكم البلاد منذ الاستقلال. وفي هذا السياق يقول ##بريدجيت ويلش##, الخبير في الشؤون الماليزية بجامعة سنغافورة للإدارة ##ستكون الانتخابات المقبلة الأكثر منافسة في تاريخ البلاد, فالمعارضة ورغم المشاكل التي تواجهها فيما يخص الاختلافات بين أركانها, فإنها استطاعت حشد التأييد لصالحها من خلال الانتقال من الكشف عن المشاكل, إلي اقتراح الحلول والبدائل بالنسبة للماليزيين##.
واليوم وبعدما وصل عمره 65 عاما يقر أنور إبراهيم أن الانتخابات المقبلة تمثل فرصته الأخيرة ليصبح رئيس وزراء ماليزيا ويحكم بلدا معقدا بسكانه البالغ تعدادهم 28 مليون نسمة والمقسم بين عرقيات مختلفة من الماليزيين والصينيين والهنود, ويوضح أنور إبراهيم هذا الأمر قائلا ##نحن واضحون أمام الناس, لدينا برنامجنا وسياساتنا, ولو حصلت علي تفويض شعبي سأواصل السياسة, وإلا سأعود مجددا إلي مهنة التدريس##.
ويبدو أن ست سنوات قضاها أنور إبراهيم في السجن بتهمة الشذوذ الجنسي قد أثرت عليه, هذا بالإضافة إلي لعبة القط والفأر المستمرة بينه وبين القضاء علي خلفية تلويحه بيديه لوح خلال مظاهرات جرت قبل شهرين, ومع ذلك لم ينل السجن من معنويات أنور ولا أحبط آماله في الوصول يوما إلي رئاسة الوزراء.
وعندما يتم الحديث عن سجل إدارة نجيب رزاق في الحكم تنتعش آماله أكثر وتعود له الثقة بالنفس, منتقدا الوعود التي أخلفتها الحكومة. فقبل عامين يقول أنور إبراهيم: تعهد رئيس الوزراء بخطة اقتصادية شاملة تضاعف الدخل الفردي للماليزيين ليصل إلي 15 ألف دولار في السنة بحلول 2020, مضيفا أن الحزب الحاكم روج لسياسة ماليزيا الموحدة, لكن الانقسامات بين الأعراق تعمقت أكثر خلال السنتين الماضيتين, قائلا: ##لا أحد يشكك في الطبيعة الموحدة لماليزيا, إلا أن الخطوات التي أقدمت عليها الحكومة ذهبت في اتجاه مغاير##.
ويعتقد أنصار ##أنور إبراهيم## أنه الوحيد الذي يملك برنامجا قادرا علي رأب الصدع بين العرقيات المختلفة في ماليزيا, وإن كان خصومه يرون بأن التحدي الأكبر الذي ينتظره في حال وصوله إلي السلطة هو الحفاظ علي تماسك تحالفه الذي يضم حزب ##العمل الديموقراطي## الممثل للعرقية الصينية, و##حزب الشعب##, الذي يرأسه, بالإضافة إلي الحزب ##الإسلامي القومي## الماليزي, هذه المخاوف من انفراط عقد التحالف لدي توليه السلطة يرد عليها أنور إبراهيم قائلا ##لا يقوم هذا التحالف علي صفقات واهية, نحن في الحقيقة صغنا سياسات مشتركة, ورغم بعض القضايا الخلافية, التي قد تبرز إلي السطح مثل باقي الأحزاب والتكتلات السياسية, فإننا في المواضيع الأساسية نظل متفقين##.
واشنطن بوست