عندما نقول أن الديموقراطيات لا تحارب بعضها لا ننطلق فقط من توزيع السلطات في النظام الديموقراطي بحيث لا يستطيع الرئيس الإنفراد بقرار السلم والحرب حسب أهوائه ومزاجه
عندما نقول أن الديموقراطيات لا تحارب بعضها لا ننطلق فقط من توزيع السلطات في النظام الديموقراطي بحيث لا يستطيع الرئيس الإنفراد بقرار السلم والحرب حسب أهوائه ومزاجه, وإنما ننطلق أيضا من أن الحالة الصحية للرئيس تساعده علي اتخاذ القرارات السياسية الصحيحة, ومن ثم فإن الحالة الصحية للشخصية العامة لا تدخل ضمن الخصوصية الفردية وإنما ضمن حقوق المواطنة, فمن حق المواطن أن يعرف الحالة الشخصية للمرشح الرئاسي حتي يتجنب أختيار الشخص الذي تعوقه أمراضه العضوية أو النفسية عن اتخاذ القرارات الصحيحة.
علي المستوي الدولي, لم تتوحد إرادة المجتمع الدولي بعد حول طرح إعلان حقوقي أو اتفاقية دولية تشترط السلامة الصحية والنفسية والذهنية لرؤساء الدول لما يمثله ذلك من أهمية للأمن والسلم الدوليين, وأعتقد أنه من الضروري البدء في هذه الخطوة , حيث أن صحة الرؤساء لا تؤثر علي شعوبهم فحسب ولكن تؤثر أيضا علي المجتمع الدولي وعلي التعاون أو الصراعات الدولية. وقد طرحت الجمعية الدولية للطب النفسي عام 1985 علي الأمم المتحدة استعدادها للكشف النفسي علي رؤساء الدول كل ثلاث سنوات لتحديد درجة السلامة النفسية للرؤساء لما يمثله ذلك من أهمية ليس لشعوبهم فحسب ولكن للمجتمع الدولي برمته.
في مصر مازالت الثقافة السياسية والاجتماعية السائدة تعطي حصانة للشخصية العامة من عدم الكشف عن مؤهلاتها الحقيقية لشغل هذه الوظيفة العامة.
في ظل هذه الفوضي يجادل الكثيرون في أن الكشف عن أمراض الشخصية العامة يعتبر تشفيا لا يليق, وتضيع الحقوق وتضيع الأوطان من جراء هذا الكلام غير المسئول, وبالتدريج تتحول الشخصيات العامة إلي أنصاف آلهة ويتعبد طريق الاستبداد والديكتاتورية من جراء عبارات خادعة ومزيفة.
إن الحالة الصحية للشخصية العامة, وخاصة رئيس الدولة, من أهم الحقوق للشعوب حتي تستطيع الدول تجنب العديد من الكوارث الناتجة عن الخلل الوظيفي الذي يلازم بعض الأمراض الجسدية والنفسية.
إن من أهم أسس الديموقراطية الشفافية الكاملة, ولهذا يكون اختيار المواطن علي نور كما يقول المثل العامي.