عندما بدأت فعاليات المعرض العام ال34 بدار الأوبرا, والذى أفتتحه وزير الثقافة السابق شاكر عبد الحميد , ذهبت لتغطية افتتاح هذا المعرض, وعند تفقدى الأعمال الفنية المشاركة داخل المعرض , لفت نظرى لوحتين من أروع ما
عندما بدأت فعاليات المعرض العام ال34 بدار الأوبرا, والذى أفتتحه وزير الثقافة السابق شاكر عبد الحميد , ذهبت لتغطية افتتاح هذا المعرض, وعند تفقدى الأعمال الفنية المشاركة داخل المعرض , لفت نظرى لوحتين من أروع ما يمكن للفنان القدير رؤوف سمعان , ولم أعلم ان وراء هذه الوحات وهذا الفنان قصة غريبة ومفاجئات متتالية ,
والقصة تبدأ عندما جذابتنى احدى اللوحات للفنان رؤوف سمعان وأنا لا أعرفه , ويظهر فى اللوحة مدى الإبداع الفنى، ويظهر بداخلها عمق سياسى خطير لتجسيدها حريق القاهرة وسردها للأحداث الحالية فى مصر .
فكان فى مقدمة اللوحة رجل عجوز يجلس وهو منهك فقير حافى القدميين ,والذى يرمز للشعب المصرى , ويظهر أسفل اللوحة مظاهرات لأصحاب العبايات البيضاء وخلف الرجل أبو الهول والأهرام تحترق من خلال الدخان واللون الأحمر الذى يسود على الصورة وفى الحقيقة الاحجار لا تحترق لكنها ترمز إلى حريق مصر وحريق حضرتها ايضا , واللون الاحمر هنا له القدرة على إبراز عمق اللوحة واظهار شفافيتها .
أما عن اللوحة الثانية لرؤوف سمعان فقد تناولت الفن بأبداعه وابعاده المختلفة , ليظهر فى مقدمتها الشمامسة أثناء زفة عيد القيامة وبجوارها امرأة حديثة ” منقابة “وخلف الزفة ضابط جيش يعتدى على إحدى المواطنين من الخلف , وبالرغم من أن اللوحة تحمل بداخلها الصراعات الحالية بكل تفاصيلها ولكن رؤوف سمعان كان له رؤية استشراقية بزفة القيامة التى ترمز للانتصار ,
لذلك فعندما رأيت هذه الاعمال كنت منبهرة بها ومتأملة بمدى اتقان الفنان رؤوف سمعان لأداواته ومدى رؤيته الفنية للأحداث الحالية وتوظيفها بشكل جيد داخل لوحة ناطقة بالأحداث المحيطة بنا ,
مما جعل ذلك الكثير من المهتمين بالفنون يقفون أمام بعض تلك التفاصيل دون إخفاء الدهشة , أمام رقى هذا الفن وبساطتة فى ذاك الوقت .
لذلك دفعنى الفضول الصحفى لرؤية ومعرفة هذا الفنان المميز , فسألت عنه بعض الموجودين الذين أشادوا بأعماله وأجبوا أنه لم يأتى بعد
, وبعد قليل وجدت امرأة وسيمة لا تتعدى الثلاثون من عمرها متجهة نحو هذه الوحات الفنان وهى غاضبة , فذهبت إليها متسائلة لماذا أنت غاضبة وماعلاقتك بهذه الوحات ؟ فأجبتنى أنها زوجة الفنان رؤوف سمعان وغاضبة , لأن المشرفين القائمين على المعرض لم يضعوا اللوحات فى مكان يليق بهما , فسالتها فى شغف، وأين الفنان رؤوف سمعان ؟ فأجابت زوجته حنان كيرلس بأن الفنان رؤوف سمعان قد توفى , فكانت كلماتها كالصاعقة وصدمة بالنسبة لى فكنت منتظرة للقاء ومعرفة هذا الفنان الذى لفت بفنه الراقى انظار الجميع .
وكانت المفاجئة الثانية عندما علمت منها أنه توفى عام 2009 عن عمر يناهز 43 سنة , فصارعنى سؤال بداخلى فكيف رحل هذا الفنان عن عالمنا سنة 2009 وقبل الثورة وكيف رسم هذه اللوحات التى تجسد الثورة وما يحدث فى مصر الأن , سواء من حرائق او مظاهرات لبعض الفئات الدينية التى رمز لها الفنان بالعبايات البيضاء ,أو الصراعات سواء الطائفية أو بين الجيش والشعب ,
فطرحت هذا التسأل على زوجة الفنان رؤوف سمعان , فأجابت بأنه عرف الفنان
بمستواه الراقى وعاش حياته كثير التأمل , فكان أيضا راقى الاحساس لديه رؤية ثاقبة فى جميع أعماله، فقبل وفاته قد تنبأ بكل ما يحدث فى مصر , وذكر لى أن أعماله ستسرد وتأرخ عن ما يحدث داخل مصر فى الفترة القادمة .
ومن الغريب أيضا أنه رسم صورة يشرح فيها موته وتنبأ بذلك قبل وفاته بالرغم أنه كان فى وافر الصحة والعافية .وكان رؤوف إنسان خلوق ومتواضع يحترم عمله ويحبه ويحاول أن يقدم شيئا لوطنه . ويكتسب صداقة الجميع .
إ س