ما يحدث الآن اغتصاب للإرادة المصرية وكفر بالثورة فالمشهد الآن يوحي بضياع الثورة المصرية وتحولها إلي فوضي وخراب
ما يحدث الآن اغتصاب للإرادة المصرية وكفر بالثورة فالمشهد الآن يوحي بضياع الثورة المصرية وتحولها إلي فوضي وخراب, في ظل رفض كثير من فصائل الثورة أهم مبادئها وهو قبول نتائج الصناديق ما إن أعلنت اللجنة المشرفة علي الانتخابات الرئاسية في مصر, خروج المرشح الأقرب للتيار الثوري حمدين صباحي من الجولة الأولي من الاقتراع, واستحالة خوضه الإعادة منتصف الشهر المقبل, حتي خرج الآلاف من الشباب الثائر إلي الميادين تعبيرا عن رفضهم الإعادة بين المحسوب علي النظام السابق, أحمد شفيق, والقيادي الإخواني زعيم حزب الحرية والعدالة محمد مرسي.
وبهذا الخروج, الذي يدرك المصريون أنه لا طائل من ورائه, لأنه يتناقض مع رغبات الناخبين التي عبرت عنها الصناديق, يتأكد للجميع أن بعض فصائل الثورة المصرية لا تؤمن بأهم مبادئها, وهي الحرية في الاختيار, ها هي الآن ترفض هذا المبدأ وتصر علي خوض مرشح يحتل المركز الثالث في قائمة الأعلي حصولا علي الأصوات- جولة الإعادة باعتباره الأقرب لأفكارها, متجاهلة أن ما يزيد علي 11 مليون مصري أي نصف المصوتين- كان لهم اختيار آخر نافذ بحكم القانون ووفق مبادئ الديموقراطية, وهو إما شفيق أو مرسي.
و يتزامن هذا الاعتراض الحماسي مع تذبذب واضح في موقف التيارات السياسية في مصر من جولة الإعادة, فبعضها يرفض دعم الإخوان أمام شفيق إلا بعد تقديم ضمانات, والبعض الآخر قرر أن يقف في صف شفيق خشية سيطرة الجماعات لضمانات الإسلاميين علي الدولة, فيما ينادي فريق ثالث بمقاطعة الاقتراع في الإعادة بدعوي أنها تعبر عن رفض من قبل القوي السياسية للمرشحين.
وفي ظل التشتت تبدو الثورة المصرية مهددة بالضياع, ليس لأن شفيق آخر رئيس حكومة في عهد حسني مبارك قد يصل إلي منصب الرئيس بإرادة الناخبين, إنما الثورة مهددة بالضياع لأن طليعة المؤمنين بها من الشباب بدأوا الانقلاب علي مبادئها لأن اختيارات الشعب لم توافق هواهم.
وأن الحل يتمثل في خلق حالة من الاصطفاف الوطني الواسع لإنجاح الثورة, وتقديم المصلحة الوطنية علي الخلافات السياسية الضيقة, حتي تنتقل مصر إلي مرحلة الاستقرار لصيانة الديموقراطية في مصر وتقبل النتائج والوقوف صفا واحدا وراء الرئيس الجديد أيا كان والعمل جميعا علي النهوض بالشعب المصري وتغيير مؤسساته نحو الأفضل, والتحذير الآن من شق الصف المصري ولا سيما من أي خطأ يجهض الثورة, خصوصا أن جميع الذين خاضوا الانتخابات هم من أبناء مصر ولا فرق بينهم إلا بالعمل من أجل بناء مصر الجديد, وندعو لمصر بأن يأخذ الله بأيدي أبنائها لما فيه مصلحة بلادهم ومستقبلها ومستقبل الأمة العربية والانطلاق من التعثر والتخبط حول قضايا حزبية عابرة والتعالي علي الصراعات لتحقيق آمال الشعب المصري وتجنيبه العثرات والخلافات الشخصية.