انطفأ في صمت, مشعل من مشاعل الحرية, الدكتور أنور عبدالملك, فارس ومفكر وعالم, دفع زهرة شبابه في المعتقلات من العصر الملكي للعصر الجمهوري, له العديد من المؤلفات أبرزها كتابه النبؤة (مصر مجتمع يحكمه
انطفأ في صمت, مشعل من مشاعل الحرية, الدكتور أنور عبدالملك, فارس ومفكر وعالم, دفع زهرة شبابه في المعتقلات من العصر الملكي للعصر الجمهوري, له العديد من المؤلفات أبرزها كتابه النبؤة (مصر مجتمع يحكمه العسكريون), تعرفت عليه في مطلع سبعينيات القرن الماضي, حينما كانت مصر تهيم شوقا لليسار, واليسار يهيم عشقا بها.. قبل أن يطلق السادات الوحش الأسطوري من القمقم, ليكون أول ضحاياه, كان عبدالملك يعلمنا أن العلاقة بين العمامة والكاب علاقة مصيرية تحكمها التراتبية والطاعة, ويفرقهما نهم الاستحواذ علي الحكم من رئاسة الحي إلي رئاسة الدولة, وكلاهما لا يتغذي سوي علي العنف والإقصاء.
أنور عبدالملك, شجرة من أشجار بستان الحرية التي ارتوت بدماء جرحي وشهداء ثورة 1919, جيل قدم لمصر ما لم يقدمه جيل آخر من العقلانية والوجدانية, اقتصاديين مثل إسماعيل صبري عبدالله وفؤاد مرسي, علماء مثل مصطفي الجبلي وإبراهيم بدران, وفقهاء مثل خالد محمد خالد, ولاهوتيين مثل البابا شنودة الثالث, وفلاسفة من أمثال عبدالرحمن بدوي وزكي نجيب محمود, ونقاد علي شاكلة لويس عوض وغالي شكري, وكتاب علي غرار نجيب محفوظ ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم, ومحامين منهم عبدالعزيز الشوربجي ومصطفي البرادعي وأحمد الخواجة, وصحفيين وشعراء: عبدالرحمن الشرقاوي وصلاح جاهين ومصطفي نبيل وأحمد بهاء الدين وأنطون سيدهم, وسينمائيين: صلاح أبو سيف ويوسف شاهين وآسيا, والراقصة الفنانة تحية كاريوكا, ومطربين ومطربات: أم كلثوم وعبدالوهاب وفايدة كامل, وعسكريين فرسان مثل الشهيد عبدالمنعم رياض والمشير أحمد إسماعيل, وسياسيين من عينة فؤاد سراج الدين وإبراهيم شكري, وما جمع بين كل هؤلاء هو وحدة العبقرية والموقف السياسي.
القامة الكبيرة.. المفكر أنور عبدالملك لا أقل وداعا بل إلي لقاء في عالم آخر أكثر سلاما وشفافية.