على مدار 84 عاما هو عمر جماعة الإخوان المسلمين، إلا أن منذ نشأتهم أصاروا التخوف والجدل للعديد من التيارات الأخرى فى مصر وخاصة الأقباط، حيث تتغير المفاهيم والعلاقة بين الأخوان المسلمين والأقباط
على مدار 84 عاما هو عمر جماعة الإخوان المسلمين، إلا أن منذ نشأتهم أصاروا التخوف والجدل للعديد من التيارات الأخرى فى مصر وخاصة الأقباط، حيث تتغير المفاهيم والعلاقة بين الأخوان المسلمين والأقباط من عصر لآخر وتتغير معها العلاقة من محبة ومشاركة إلى صدام وعنف ودماء، مما تولد عند البعض مخاوف من المستقبل القريب، وهذا ما رصده الكاتب الصحفى “روبير الفارس” فى كتابه “الإخوان المسلمون والأقباط .. تداعيات الصدام والحوار” الصادر سنة 2007.
تناول “الفارس” فى بداية كتابه مخاوف الأقباط من الإخوان المسلمون، وهل هى مبررة، وهل حقاً سوف يطبقون الشريعة الإسلامية فى حالة توليهم حكم البلاد، ويحتوى الكتاب على ثلاثة أجزاء رئيسية هم تداعيات الصدام مع الإخوان وتجربة الحوار ومقالات عن الإخوان بالإضافة إلى ملحق يحتوي بعض الوثائق عن بلاغات بعض الأقباط للنائب العام ضد الإخوان المسلمين.
ويعرض المؤلف فى الجزء الأول “تداعيات الصدام”، بداية التنظيم السرى للإخوان المسلمين وكيف بدأت جماعة الإخوان المسلمين كجمعية دينية على يد حسن البنا في الإسماعيلية تحض على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بالوعظ الدينى والدعوة لإقامة المساجد وبناء المدارس لمحاربة مظاهر “التحلل الخلقى” وانتشرت الدعوة بعد ذلك فى كل محافظات مصر وبدأ منهجها يتغير باشتباكها السياسي مع كل أطياف الحركة السياسية في مصر.
ووصف “الفارس” الإخوان المسلمين بـ”أم الإرهاب” فبعد انتشار جماعة الأخوان المسلمين وتغلغلها فى المجتمع المصرى ، بدأت معها علاقة جماعة الإخوان بالقوى السياسية فى مصر بادئا بالانجليز الذين اعتبرتهم الجماعة العدو الأول للعرب والمسلمين وأنهم مصدر “البلاء فى مصر”، ثم علاقتهم بالقصر والتى بدأت بالتلويح بالخلافة الإسلامية للملك فاروق، وبدأت أيضاً بتأسيس فرق الجوالة والتى عرفت بعد ذلك بالتنظيم السرى للإخوان واطلق عليه البنا “الجيش الإسلامى” وتدرب هذا الجيش جيداً وحدد البنا وظائف هذا التنظيم وكان أهمها شن حرب علي الاستعمار البريطاني، وقتال الذين يخاصمون الجماعة وردعهم، وإحياء فريضة الجهاد، وقد شهدت الفترة من عام 1945 حتى 1948 أكثر حوداث العنف السياسى من جانب الإخوان وتنظيمهم السرى ومنها أغتيال أحمد ماهر رئيس الوزراء سنة 1944، واغتيال أمين عثمان وزير المالية سنة 1946 وفى نفس العام إلقاء قنابل علي عدد من أقسام الشرطة بالقاهرة منها أقسام بوليس الموسكي والجمالية والأزبكية ومصر القديمة ونقطة بوليس السلخانة، وعابدين والخليفة ومركز إمبابة وضبط من مرتكبيها اثنان من جماعة الإخوان، وفى 1947 نشروا موجه هائلة من التعصب بين المصريين وتوجهت إليهم أصابع الاتهام فى كثير من الحوادث التى وقعت ضد الأقباط، وكان “البنا” يسرع فيتحدث عن “وحدة عنصرى الأمة التى فرضتها الأديان السماوية” ويبدى أسفه لها من الإخوان المسلمين. فى الوقت نفسه أخذ ينادى بأن يدفع الأقباط الجزية، وبدأت تعاليم العنف والنبذ للآخر تطفو على السطح على لسان القيادات بالإخوان، واستكمل عمليات الاغتيالات بالمستشار أحمد بك الخازندار فى 1948 وفى نفس العام اغتيل أيضا عبد المجيد أحمد حسن النقراشى وزير الداخلية وقتئذ، وغيرها من الأعمال الإرهابية.
ويوضح المؤلف روبير الفارس فى جزء خاص فى الكتاب عن عدم اعتراف الإخوان بمفهوم الوطن، حيث كانوا يرفضون شعار “عاش الهلال مع الصليب” وهو الشعار الذى رفعته ثورة 1919، وقالوا إن المسيحيين يجب ألا يدخلوا الجيش، بزعم إن الجيش مخصص للدفاع عن الإسلام وإن على المسيحيين أن يدفعوا الجزية.
وخصص “الفارس” جزءا خاصا للفتاوى التى كانت تهدد الأقباط من قبل الإخوان المسلمين ومنها عندما قال الشيخ محمد عبدالله الخطيب عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين، ومسئول قسم نشر الدعوة بالجماعة ومفتيها فى القضايا الشرعية والسياسة فى مجلة “الدعوة” وهي المجلة الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين سنة 1980 عن حكم بناء الكنائس وديار الإسلام فرد قائلاً إن الموضوع ينقسم إلى ثلاثة أقسام، الأولى: بلاد أحدثها المسلمون وأقاموها ..كالمعادى والعاشر من رمضان وحلوان.. وهذه البلاد وأمثالها لا يجوز فيها إحداث كنيسة ولا بيعة، والثانى: ما فتحه المسلمون من البلاد بالقوة كالإسكندرية بمصر فهذه ايضاً لا يجوز بناء هذه الأشياء فيها وبعض العلماء قال بوجوب الهدم لأنها مملوكة للمسلمين، والقسم الثالث: ما فتح صلحاً بين المسلمين وبين سكانها والمختار هو إبقاء ما وجد بها من كنائس وبيع على ماهى عليه فى وقت الفتح ومنع بناء أو إعادة ماهدم منها”
ثم خصص المؤلف جزءا لشخصيتين بارزتين فى جماعة الإخوان هما مرشد الإخوان السابق محمد مهدى عاكف وكيف قال “طظ فى مصر” وقال ايضاً “إذا حكم سوف يضرب معارضيه بالجزمة”، والشخصية الثانية هى الصحفى محمد عبد القدوس وكيف كان يهنئ الأقباط فى أعيادهم وفى نفس الوقت يستضيف أكبر مزدرئ للمسيحية فى صالون والده وكيف كان متنافض حتى فى مقالاته، فقد كتب فى احدى مقالاته بجريدة الدستور “البابا شنودة متطرف” وكتب فى جريدة وطنى “البابا شنودة الإنسان”
ويختتم المؤلف كتابه بتجربة حوار للصحفى ناصر صبحى يتكلم فيها عن قبول الآخر والمواطنة مستشهدا بحوادث العنف التى تعرض لها الأقباط خلال السنوات الماضية، ثم ينتهى الكتاب بمقالات لكتاب عن الإخوان بالإضافة إلى ملحق بلاغات الأقباط للنائب العام ضد الإخوان.
—
س.س