اندلعت العاصفة بين العلاقات المصرية- السعودية, أغلقت السفارة والقنصليات السعودية في مصر, رحل السفير السعودي إلي بلاده, ثم ما لبثت أن انقشعت الغمة في خلال أيام عقب زيارة الوفد المصري للسعودية, عاد السفير, أعيد فتح السفارة والقنصليات السعودية في مصر, وما بينهما لم تتوقف التصريحات من الجانبين, العلاقات وطيدة وأقوي من أن تتأثر بسحابة عابرة و…و… ولكن هل الأجواء صافية؟
النار تحت الرماد ماقبل وأثناء وبعد الأزمة… بل إنها منذ زمن بعيد, ولم يتطرق أحد من الجانبين في الإبحار للعمق لتطهير وتضميد الجراح… ماذا يعني ذلك؟
يعني أن التضميد السطحي للجراح أكذوبة, لأن الداء غائر ويستشري يوميا!
العمالة المصرية هناك حوالي مليونين, تعاني من مشاكل مزمنة تحكمها عقد نفسية, ولم يقترب أو يفكر فيها مسئول منذ نصف قرن, السفارة المصرية هناك شأنها شأن بقية السفارات المصرية في الخارج, تقتصر مهمتها علي التصديق علي الشهادات الدراسية للطلاب المصريين وتجديد جوازات السفر للمصريين وتنظيم امتحانات أبنائنا في الخارج وإقامة الحفلات والحفاوة بكبار الشخصيات ورجال الأعمال, ورغم استغاثة آلاف العاملين المصريين بها في أزماتهم ومحنهم إلا أن أبوابها موصدة تماما في وجوههم, وكأنها السفارة السعودية في السعودية!… ولذلك يجب فورا إعادة هيكلة سفاراتنا في الخارج حتي يتم تفعيلها والارتقاء بمهامها.
منذ أن تطأ قدم المعار أو المتعاقد أراضي المملكة السعودية يسلم فورا جواز سفره وجوازات أسرته إلي الكفيل, وتستبدل بها بطاقة إقامة سعودية, ومنذ هذه اللحظة يصبح مسلوب الحرية ليس من حقه مغادرة المدينة أو القرية التي يقع فيها مقر عمله وسكنه, حتي في الإجازات الرسمية والسنوية إلا بتصريح كتابي من الكفيل محددا به المدة الزمنية وخط سيره وأسرته!
تشن هيئة الأمر بالمعروف ,والنهي عن المنكر حملاتها للقبض علي المتعاقدين الذين يسيرون في الشوارع أثناء مواعيد الصلاة حتي لو كانوا أقباطا أو مرضي أو مصابين في طريقهم للمستشفيات!
نصوص عقود العمل مطاطة لدرجة أن المحاسب قد يفاجأ هناك بأعمال إضافية كسائق, وقد تفاجأ مشرفة الحضانة بأنها دادة في أحد القصور!!… حتي الرواتب والحوافز والمكافآت قد تفاجأ بأنها مخفضة دون وجه حق, وقد تفاجأ بالسكن المنصوص عليه في العقد بأنه جماعي وغير آدمي!!…
لو نشبت أية خلافات مع الطرف الأول قد يفاجأ الطرف الثاني بحرمانه من المرتب والإجازات السنوية وسلسلة طويلة من الاضطهادات قد تنتهي به إلي السجن!
عند قيام لجنة التعاقدات السعودية بإجراء المقابلات للمرشحين للإعارة بالقاهرة, قد تقوم بتخفيض بعض الوظائف أو المرتبات للمرشحين للإعارة دون مبرر!!, وفي السعودية قد تفاجأ بالفوارق الشاسعة بين مرتبات المصريين وبعض الجنسيات الأخري رغم المساواة في الخبرة والمؤهلات!
هل فكرت السلطات المصرية أو وزارة التربية والتعليم التي ارتضت لنفسها أن تقوم بدور مكتب تسفير العمالة أن تستطلع رأي المعلمين المعارين أو المتعاقدين بعد عودتهم للتعرف علي المشاكل التي تعرضوا لها خلال سنوات الغربة؟
علي امتداد نصف قرن هل فكرت القيادة السياسية أو القيادات الشعبية أو البرلمانية أو العمالية أو الدبلوماسية المصرية في عقد لقاءات مع المسئولين في السعودية لطرح مشاكل وهموم العاملين المصريين هناك؟
وإذا كان د. سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب حريصا علي هموم المصريين في السعودية والتقي بمندوبي الجالية المصرية في السعودية قبل لقاء الوفد المصري مع خادم الحرمين الشريفين, فلماذا لم يعرض علي جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز ملخصا بهذه المشاكل؟