توجد في دول شمال أفريقيا الإسلامية أو العربية مشاكل خاصة بالأقليات العرقية أبرزها مشاكل الطوارق والأمازيج… ونحن في مصر لدينا في هذا الملف مشاكل أهالي النوبة.
شاءت ظروف عملي الصحفي أن أغطي مشاكل النوبيين منذ بدايتها في مرحلة بناء السد العالي وإنشاء بحيرة ناصر حيث أدي ارتفاع المياه في البحيرة إلي إغراق أجزاء كثيرة من المناطق التي كان يسكنها إخوتنا من أهالي النوبة والتي أقاموا عليها لآلاف السنين قري كثيرة, ورأيت في تلك المرحلة الحياة الهادئة الآمنة الوديعة لأهلنا سكان النوبة.
تقرر نقل أهالي النوبة جميعا من المنطقة وأنشأت الدولة لهم قري أخري متناثرة في محافظة أسوان بالرغم من أن النوبيين كانوا يفضلون أن ينتقلوا في نفس المنطقة إلي الأماكن الأكثر ارتفاعا ولكن رفض طلبهم.
الأغراب من ذلك أن القري الجديدة التي أنشئت لهم تم تصميمها تبعا لتصوراتنا نحن ونتج عن ذلك تلاصق المساكن وأصبح السكان يسمعون كل ما يجري داخل بيوت الجيران, وبنيت زرائب الماشية داخل البيوت علي غير عاداتهم, وبنيت بالطوب الأحمر وليس بالطمي فأصبحت شديدة الحرارة.
وجاءت الكارثة حيث مات كل المواليد بغير استثناء في العام الأول من التهجير, وهذه الحقائق عايشتها بنفسي في جميع مراحل التهجير, ونشرتها في مجلة المصور.
ومع التطورات السياسية الجديدة في مصر أرفع صوتي بأن مجرد إعادة التهجير إلي الوطن الأصلي للنوبيين لم يعد يكفي.. إنهم شركاء الوطن ولابد من تمثيلهم ديموقراطيا في جميع المؤسسات.