مازلنا في انتظار التحرك نحو أدق قضيتين تسيطران علي الساحة السياسية:قضية الدستور التي تقف معلقة مرهونة بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية من خارج البرلمان وبتوازن شعبي ومؤسسي يسمح ببدء عملها التاريخي
مازلنا في انتظار التحرك نحو أدق قضيتين تسيطران علي الساحة السياسية:قضية الدستور التي تقف معلقة مرهونة بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية من خارج البرلمان وبتوازن شعبي ومؤسسي يسمح ببدء عملها التاريخي الخطير في كتابة دستور مصري جديد يضع مصرعلي طريق الحداثة والتقدم ويضمن للجيل الحالي ولأجيال تالية حقوق مواطنة متساوية وحريات غير منقوصة.
ثم هناك قضية انتخاب رئيس الجمهورية والتي تم منذ أيام حسم جميع العقبات التي تقف في طريق انطلاقها.فبعد أن استقرت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية علي استبعاد المرشحين العشرة الذين لم يستوفوا شروط الترشح,تم إضافة الفريق أحمد شفيق إليهم باستبعاده بموجب قانون العزل السياسي الذي صدر عن البرلمان وفصلت لجنة مفوضي المحكمة الدستورية العليا بعدم اختصاصها البت في دستوريته ثم وافق عليه المجلس الأعلي للقوات المسلحة الرغم مما نشوبه من عدم الدستورية.
لذلك بين القضية الأولي والثانية يتعطل مسار التحول الديموقراطي ونقترب شيئا فشيئا من التاريخ المحدد لتسليم السلطة من العسكريين إلي المدنيين وهو 30يونية المقبل,لكن دون تقدم يذكر في الإنجاز…التقدم الوحيد الملموس هو في ارتفاع وتيرة الصراعات والاحتجاجات والاعتصامات التي ارتقت في جانب منها إلي مرتبة الإرهاب السياسي في تحديها للقانون والقضاء وتهديدها لسلطة وهيبة الدولة….ويتساءل العقلاء القلقون علي مستقبل هذا الوطن:متي تنتهي هذه المهاترات ونعود إلي الطريق الصحيح؟!!
إلي أن ندرك ذلك أظل مهموما بأمر القضيتين موضوع الساعة:الدستور والرئيس,وقبل الخوض فيهما أقول الحمد لله أن التطورات الأخيرة حالت دون اختطافهما لحساب أجندات وتيارات وأشخاص غريبة عن السياق الوطني والوسطية المصرية…ولعل فيما حدث عبرة قوية لمن يعتبر,فقد أثبتت الأحداث أن المصريين يقظون ولن يسمحوا باختطاف ثورتهم ومستعدون للنزول للشارع مرة تلو مرة للذود عنها وإعادتها إلي المسار الصحيح.
أما عن قضية الدستور فأتصور أنه آن الأوان للتحرك نحو تشكيل عاقل متوازن للجمعية التأسيسية التي ستعني بكتابته يكون عمودها الفقري الفقهاء الدستوريون ورجال القانون الدستوري حتينترك العيش لخبازيه,هذا مع ضرورة تمثيل سائر أطياف المجتمع للاستنارة برؤاهم وللتأكيد علي حماية حقوقهم وضمان مصالحهم…ولا يفوتني أن أكرر أهمية الاسترشاد بالمبادئ الدستورية التي تم التوافق حولها في وثيقتي الأزهر والتحالف الديموقراطي من أجل مصر علاوة علي ما أضيف عليها من رصيد وطني في ذات الاتجاه خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
وأما عن قضية الرئيس فالآن باتت معروفة مجموعة المرشحين التي تأهلت بصفة نهائية ولخوض السباق نحو رئاسة الجمهورية,تجدر الإشارة إلي أهمية أن يتحلي كل مرشح بحس وطني ناضج ومسئول يترفع عن الطعن في الآخرين ويركز علي مخاطبة المصريين-جميع المصريين-ببرنامج جاد يعكس إدراكه لجسامة المسئولية وتحديات القيادة وعدم دوام السلطة…هذه العوامل بالقطع ستكون معايير مهمة في إقناع الناخبين نحو من ينحازون له ومن يعطونه أصواتهم عندما يتوجهون لصناديق الانتخاب.
لكن تبقي مسألة أخري مهمة لايمكن إغفالها خاصة أن بوادرها ظهرت في الساحة السياسية منذ أسبوعين,وهي محاولات تكتيل الأصوات من خلال التوافقات السياسية والصفقات الانتخابية بين مختلف الفرقاء والتي تتضمن اختزال أي عدد من المرشحين في مرشح توافقي تتكتل الأصوات خلفه,فهذه آلية معترف بها يرفضها البعض بدعوي مصادرة حرية الناخبين في التعبير عن إرادتهم,لكن يؤيدها البعض الآخر ويرون فيها ضرورة لعدم بعثرة الأصوات وتشتتها…وأظن أن هناك جهودا حثيثة تبذل حاليا أو قد تبذل في الأسابيع المقبلة في هذا الإطار ويجب أن نكون متيقظين تماما لالتقاط ما تسفر عنه من نتائج ليحسم كل منا موقفه ويعرف أي تكتل سينضم إليه عندما تحين ساعة الانتخاب…وأتمني في النهاية أن يصب كل ما يعمل في صالح مصر ومستقبل مشرق لأبنائها.