هناك فرق بين سياسي معارض, ينتقد ويشتبك, وبين سياسي في موقع تنفيذي أو تشريعي يتحدث بلغة الأرقام والخطط والبرامج والاستراتيجيات. يبدو أن الشيخ سيد عسكر,رئيس اللجنة الدينية في مجلس الشعب لا يعرف الفرق بين الاثنين. يمارس عمله من موقع الانتماء إلي الإخوان المسلمين, أكثر ما يمارس عمله من كونه مشرعا للأمة بأسرها, انتخب لأداء دور تشريعي ورقابي في البرلمان يسمو علي الحزبية والتحزب.
في لقاء له مع مسئولة في السفارة الأمريكية أكد أنه لا مانع أن يبني الأقباط كنائس في ضوء الاحتياج, وهم لديهم كنائس وأديرة- وفق النسبة العددية- أكثر مما لدي المسلمين من مساجد,وأن القواعد التي وضعتها الدولة لبناء المساجد عام 2002م تضيق كثيرا علي بناء المساجد. كلام شعبوي اعتدنا سماعه من التيارات الإسلامية عند الحديث عن عقبات بناء وترميم الكنائس.
ما كان يجب علي النائب الفاضل في البرلمان أن يتحدث عن القانون, وهل هناك إطار قانوني مقبول ينظم عملية بناء وترميم الكنائس, وهو أمر كان أولي بالبرلمان الذي أغلبيته الآن من التيار الإسلامي أن يسرع بإصدار قانون مثلما طالبت هيئات كثيرة بذلك في مقدمتها الكنيسة, وبيت العائلة تحت رعاية الأزهر الشريف, ومنظمات حقوق الإنسان, والقوي السياسية والحزبية.
الشيخ سيد عسكر, عضو الإخوان المسلمين, مطلوب منه تحت قبة البرلمان أن يتحدث عن القانون وقواعد العدالة, لا يتحدث كلاما لا سند ولا إثبات له, وكأن الكنائس بالكثرة التي لا يحتاج الأقباط إلي المزيد منها, وكأن المظلومين هم المسلمون, وكأن بناء الكنائس ##منحة## طالما أن حديث سيادته تصدره بعبارة ##لا مانع##, وكأنه يمنح ويمنع.
مرة أخري نؤكد القضية ليست في عدد الكنائس ولا في عدد المساجد, ولكن في وجود إطار تشريعي يحكم هذه العملية, يضع من الضوابط والاشتراطات ما يشاء, وينظم الأمور بشيء من العقلانية والتنظيم استنادا إلي قواعد المواطنة والمساواة وحق المواطنين في أداء شعائرهم الدينية, وهو حق دستوري أصيل منذ عرفت مصر الخبرة الدستورية.