· ضياء رشوان : مصطلح “الدولة المدنية” اختراع مصري.. وتوحد التيارات الدينية خطر علي المجتمع
· صلاح عيسي: قيام دولة مدنية ذات مرجعية دينية “كلمة حق يراد بها باطل”
· عصام العريان : الفساد والاستبداد والظلم أبرز سمات مدنية الدولة في عهد مبارك ..وأرفض قيام دولة مدنية تلغي الدين
· محمد فراج : اطالب بتغيير الفكر المتشدد ..والدولة المدنية تستمد شرعيتها من الدين
حذر كوكبة من المفكرين السياسيين من قيام دولة دينية في مصر مؤكدين أن مصطلح “الدولة المدنية” اختراع مصري وأن بعض التنظيمات الإسلامية و المسيحية الانتهازية تلعب علي وتر الدين لكسب أصوات الشارع .
ورأوا ان توحد التيارات الدينية خطر علي المجتمع مطالبين بتغيير الفكر المتشدد مشددين علي أن الدولة المدنية تستمد شرعيتها من الدين .
وأكدوا أن انفراد التيار الديني بزمام الأمور من شاْنه الإضرار بوحدة مصر ويحولها للطائفية السياسية ويؤخر تقدمها ويضر بالإسلام ويؤدي إلي عزله .
طرحنا قضية الدولة المدنية للنقاش من خلال استطلاع رأي نخبة من المفكرين والكتاب من مختلف التوجهات فتظل حالة الاستقطاب التي تشهدها الساحة السياسية المصرية حاليا بعد تصدر التيار الإسلامي المشهد في مصر بعد الثورة وتراجع التيار الليبرالي فكان هذا التحقيق :
بداية يقول الدكتور ضياء رشوان الباحث بمركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام : يجب أن نعي جميعاً أنه لا يوجد مصطلح في أي لغة من لغات العالم يعني ” الدولة المدنية ” فهذا المصطلح اختراع مصري ، ولكن مفهوم الدولة المدنية ومدلولها يعني في اللغة الحقيقية للسياسة “الدولة الحديثة “.
وتابع: المجتمع المصري بعد ما عاناه علي مدار ثلاثين عاما من قهر وظلم وتراجع فكري نجده اختلق لنفسه هذا المصطلح ” الدولة المدنية ” حتى يفر من خلاله لمفهوم الدولة الحديثة والتي تضع معايير ومقومات تفرق بينها وبين الدولة التقليدية أهمها عدم قيام دولة علي أساس عرقي أو ديني أو طائفي وبالعودة للتاريخ نجد أن الدولة الإسلامية قامت علي أسس وقواعد الدولة الحديثة بمفهومها السابق ، ومن مصلحة مصر قيام دولة حديثة أساسها الديمقراطية الحقيقية والفعلية التي تكفل تكافؤ الفرص وحرية الرأي والتعبير.
ورأي رشوان أن التوجهات الدينية موجودة وكثيرة ومتعددة في المجتمع المصري والحرية هي العلاج الوحيد لأي تطرف أو تشدد وهذا العبء يقع علي عاتق النظام القادم ومدي قدرته علي استيعاب واحتواء هذه التيارات الدينية المتعددة حتي لا تهدد مبادئ الدولة الحديثة التي نتطلع إليها جميعا ونسعي لوضع حجر الأساس لها .
وأضاف:الخطورة تكمن في اتحاد كل هذه التيارات الدينية تحت مظلة واحدة ومطالبتها جميعا بقيام دولة دينية تخلو من المبادئ السابق ذكرها لتتحكم فيها النزعات الدينية دون أدني اعتبار لكيان الدولة ، ولكن في النهاية سوف تخضع جميعا لحكم الانتخابات القادمة واستطلاعات الرأي ومن خلالها يمكن أن نعرف الأحجام الحقيقية لهؤلاء وتكون هي الفيصل الحقيقي في هذه المسألة وليس الانطباعات .
ومن جانبه قال الكاتب الصحفي صلاح عيسي أن فكرة الدولة المدنية تتراجع بقوة وتحقيقها يزداد صعوبة ويحتاج إلي وقت ليعود التأكيد عليها مرة أخري ، ذلك لأن التيار الإسلامي الراعي لقيام دولة إسلامية سياسية أصبح هو أقوي التيارات السياسية الموجودة علي الساحة الآن وهو الذي حاز علي أغلبية ساحقة في الانتخابات البرلمانية ، وبالتالي أصبح حلم التوصل إلي دستور جديد يؤكد مدنية الدولة أمر بعيد المنال فالبيئة السياسية الان تجعل الحفاظ علي القدر الذي كان موجودا من مدنية الدولة أمر صعب .
في ظل سيطرة هذا التيار الديني علي الشارع وكذلك عدد كبير من مؤسسات الدولة سواء الدينية الرسمية أو غير الرسمية فأصبح له ركائز قوية في الوقت الذي أصبح فيه التيارات التي تنادي بمدنية الدولة متشرذمة ولا تمارس حياة سياسية حقيقية قوية .
وأشار عيسي إلي أن هناك جرم يرتكب من قبل أجهزة الإعلام الرسمي والغير رسمي ينضح جليا في انتهازية ومغازلة التيار الإسلامي سواء لمحاولة الاستفادة منه في الانتخابات الرئاسية أو حتي لتجنب بطشه ، مما يؤدي في النهاية إلي إجهاض أهم ثمار الثورة وأهدافها وهو تطور مصر علي أساس ديموقراطي سليم .
وراْي أن هذه التيارات تسعي جميعها للاندماج في تيار واحد وحتي الأزهر فهناك منشورات توزع لترويج هذه الفكرة بدعوي تحقيق ما يسمونه ب ” هوية الأمة ” وهذا يعطي قوة ضغط هائلة علي متخذي القرار وعلي الرأي العام.
وعن احتمال قيام دولة مدنية ذات مرجعية دينية إسلامية قال عيسي: هذه كلها مصطلحات ملتوية فهي ” حق يراد به باطل ” فما يطرح أمامنا الآن سيسفر عن قيام دولة مدنية بالفعل فنحن وجدنا أنفسنا أمام تطبيق الحدود وليس التحذير والتي انشأت منذ قيام الدولة المدنية في مصر ، وتطبيق الجزية وحرمان النساء وغير المسلمين من تولي القضاء واستحداث هيئة دينية مما يسمونه كبار العلماء وعرض أحكام القضاء عليها وهي صورة أخري لتولي الفقيه الخلافة كذلك نجد أن هناك اتهامات بالخروج عن الملة لكل من يجتهد في تيسير أمور الوطن ، ولا يتبع نوعا معينا من رعاياها.
وأضاف: قد نري الدولة المدنية نظريا فقط بمعني أن يكون غير المسلمين لهم ما لنا وعليهم ما علينا ، أما فعليا وعلي أرض الواقع فنري أننا لنا الحق في قيام دور عبادة ويحرم منها المسجيين ، وحق لغير المسلم أن يغير دينه وهذا الحق غير مكفول للمسلم فهذه كلها مؤشرات تدل علي قيام الدولة الدينية وليست دولة مدنية .
وأكد ان الدولة المدنية لا تعني الديموقراطية فقط أو إجراء انتخابات حرة نزيهة بل تعني الحرية والمساواة أمام القانون والحقوق العامة وهي الوجه الآخر للواجبات العامة ، فمثلا كل من يدفع الضرائب له كل الحقوق في تولي الوظائف وممارسة الشعائر الدينية ، كذلك ليست هي حكم الأغلبية فقط بل أنها حكم الأغلبية مع الحفاظ علي حكم الأقلية .
وحذر عيسي من مغبة انفراد التيار الديني بزمام الأمور لان هذا من شاْنه الأضرار بوحدة مصر ويحولها للطائفية السياسية ويؤخر تقدمها ويضر بالإسلام ويؤدي إلي عزله بسبب احتكار بعض التيارات للتحدث باسمه دون غيرهم .
وعلي الجانب الأخر قال القيادي في جماعة الإخوان المسلمين والنائب عن حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي للجماعة د. عصام العريان أن الدولة المدنية في مصر كانت دولة مريضة تشتكي من الدكتاتورية والفساد والاستبداد والظلم واللصوص والسلب والنهب ، وكان النظام البائد يوهم العالم كله أن مصر تطبق نظرية السيادة للشعب ولكن علي أرض الواقع كان عكس ذلك فكان الرئيس فرعون ومصر الآن تسعي لتحقيق عدالة اجتماعية في دولة يلعب فيها الدين دورا هاما ولكن لا نستطيع أن نقول أنه علي هذا الأساس تقوم الدولة الدينية ذلك لأن الدولة الدينية هي التي يحكمها الكهنة ولا يوجد في الإسلام دولة حكمها الشيوخ ،ولكن هناك أناس متطرفين وهم قلة قليلة ينادون بقيام الدولة الدينية ولكن إرادة المجتمع هي وحدها ما تجعلهم يتراجعون إلي الوراء .
وأضاف العريان أنه من غير الجائز أيضا أن ننادي بقيام دولة مدنية يغيب فيها دور الدين ويلغي فهذا أمر لا نقبله لذا فنحن الآن بصدد قيام دولة مدنية ذات مرجعية دينية إسلامية .
وأضاف الكاتب السلفي محمد فراج انه إذا كان هناك خلاف حول قبول قيام دولة دينية فهذا الخلاف مرجعه عدم تفهم المسلمين والمسيحيين لطبيعة العلاقة بينهما وكذلك عدم فهم المسلمين أنفسهم لعمق الدين في هذه المسألة والذي أوصانا بحسن الجوار فعلي جميع التيارات الدينية الرجوع للكتاب والسنة ، وتصحيح الخطاب الديني حتي يعلي من شأن الإسلام ولا ينفر منه غير المسلمين .
وشدد علي ضرورة تغيير الفكر المتشدد وعلينا أن نعي أن الدولة المدنية تستمد شرعيتها من الدين فهناك لبس بين مفهوم المواطنة ومفهوم الولاية فمسيحيو مصر يربط بيننا وبينهم العدل والحكمة فهم مستأمنين ولهم كافة الحقوق.
إ س