تحامل قداسة البابا علي آلامه وذهب إلي الكاتدرائية ليطمئن الشعب علي سلامته بعد أن ترددت أخبار عن تدهور حالته الصحية.. حقيقي أن الإعياء كان واضحا علي قداسته, ومحاضرته لم تستمر كالمعتاد, إلا أن ظهوره أمام الآلاف داخل الكاتدرائية دحض كل الشائعات, ولكن بقي القلق ينخر في قلوب كل أبنائه ومحبيه خاصة أن قداسته خرج صباح اليوم التالي ليجري بعض الفحوصات, فعادت الشائعات تتناقل من جديد.. وأعتقد أنها ستستمر مادام لم يصدر عن المقر البابوي بيانا يتضمن تفاصيل الحالة الصحية لقداسة البابا كما تظهرها التقارير الطبية وما استقر الرأي عليه لمواجهة الأعراض المتتالية ليطمئن الجميع ويمضوا إلي الصلاة ليحفظ الله حياة قداسته.. وأعتقد أيضا أن أحدا لا يختلف علي هذا فمن حق الأبناء الاطمئنان علي أبيهم, ومعرفة تفاصيل حالته الصحية, وأذكر أن قداسته بعد عودته في أكتوبر 2008 من أطول رحلة علاج استغرقت أكثر من أربعة أشهر في كليفلاند بولاية أوهايو الأمريكية.. قال يومها للآلاف الذين كانوا في استقباله في مظاهرة حب بساحة الكاتدرائية.. صحتي ليست ملكي ولكنها ملك الشعب كله.
وللكنيسة القبطية سابقة في مثل هذه المواقف, وليست بعيدة عن الذاكرة وعن ملفات الكنيسة, ذلك اليوم -الأربعاء 7نوفمبر2007- عندما فاجأت قداسة البابا آلام حادة, وبدلا من أن يخرج بسيارته إلي الكاتدرائية كالمعتاد لإلقاء عظته الأسبوعية, خرج إلي المستشفي من شدة الألم, فانتابت الآلاف المنتظرين بالكاتدرائية حالة من القلق, وتناقل الخبر بسرعة, وهرع الإعلاميون ومحبو قداسة البابا والكثيرون من رجال الكنيسة والدولة إلي مستشفي السلام بالمهندسين مما أحدث ارتباكا, وصدر يومها بيان رسمي مشترك من المقر البابوي والفريق الطبي المعالج عن تفاصيل الوعكة الصحية التي تعرض لها قداسته والتدابير العلاجية التي اتخذت.. وفي 2008 عندما تعرض البابا لكسر ظلت الشائعات تحوم حول هذا الخبر وتعددت قصص أسبابه فصدر بيان عن المجمع المقدس طمأن الجميع وهدأ من روع الناس عندما قال: إن قدم قداسة البابا انزلقت في مسكنه الخاص بالبطريركية بالقاهرة صباح الثلاثاء 10يونية وأوضحت الأشعة وجود شرخ بعظمة الفخد الأيسر بعيدا عن مفصل الحوض, وأن الأمر يستدعي -حسب الرأي المبدئي- تركيب شريحة في عملية جراحية استقر الأمر أن تجري بمستشفي كليفلاند حيث الأطباء المعالجين لقداسته.. ولا أذكر للكنيسة القبطية غير هذين البيانين اللذين عالجا الموقف بشفافية أراحت الجميع.
الآن وفي ظل هذا القلق الذي ينتاب الجميع علي صحة البابا لماذا لا يصدر بيان عن المقر البابوي, خاصة أن الظروف الصحية لقداسة البابا والتغيرات السريعة لحالته تستدعي أن يصدر كل يوم بيان يوضح بشفافية الموقف الصحي لقداسته, فصحة البابا أغلي من أن تترك للقيل والقال في زمن ضل فيه الإعلام عن رسالته ومصداقيته.