برحيل قداسة البابا شنودة يواجه الأقباط والكنيسة القبطية تحديات جسيمة تتعلق بكيفية إدارة العديد من الملفات لا يتسع المجال هنا حتي لذكر عناوينها من كثرتها, ولكن الملف الساخن والمتداول حاليا هو ملف اختيار البطريرك القادم, وهنا تحضرني ثلاثة تحديات رئيسية في هذا الشأن.
التحدي الأول يتعلق بلائحة الاختيار والتي صدرت عام 1957 بعد تصديق الدولة عليها , وهي طبعا لائحة وليست قانونا حيث إنها شأن مسيحي داخلي صرف, وهو شأن كنسي بالدرجة الأولي, وقد تعددت الآراء فيما يتعلق بهذه اللائحة بين موافق عليها ورافض لها, ولكن في رأيي أن هذا كلام ليس مجاله الآن حيث أن البطريرك القادم لابد أن يأتي طبقا لهذه اللائحة خاصة بعد تمسك اجتماع المجمع المقدس والمجلس الملي بها وعدم تغييرها, وقد قام الأستاذ الدكتور سعد ميخائيل سعد, رئيس مجلس الدراسات القبطية بجامعة كليرمونت بكاليفورنيا, بدراسة متفردة لتاريخ اختيار البطاركة ال 117 نشرت في جريدة وطني بتاريخ 4 نوفمبر 2001, ومما خلص منه في هذه الدراسة أن اللائحة الحالية هي ممتازة وواضعها عبقري وجاء من خلالها اثنان من عظماء البطاركة وهما البابا كيرلس السادس والبابا شنودة الثالث, ومن ثم فإن الكلام عن تغيير اللائحة هو مضيغة للوقت.
والعقبة الوحيدة في هذه اللائحة هي اختيار من لهم حق التصويت, ولكن يمكن تذليلها بسهولة من خلال لجنة تراعي التوازن الأمين لهذا الاختيار وفقا للمعايير الموجودة.
أما الذين يتهجمون علي القرعة الهيكلية فنقول لهم هذه ليست بدعة ولكنها تقليد رسولي تم بناء عليه اختيار متياس الرسول, ويتوقف الاختيار الإلهي في القرعة علي الصلاة الحارة والصوم لكل الشعب الذي يسبق القرعة لطلب مشيئة الله, وعلي إيماننا بعمل الله في الكنيسة واستجابته لصلواتنا واصوامنا عندما نكون أمناء بحق في طلب مشيئته.
ولا ننسي أنه لولا القرعة ما تمتعت وتباركت الكنيسة برئاسة البابا كيرلس السادس حيث إن ترتيبه كان الثالث من حيث عدد الأصوات, ولا برئاسة قداسة البابا شنودة الثالث حيث كان ترتيبه الثاني من حيث عدد الأصوات.
وبالمناسبة فكما جاء في دراسة د. سعد فإن هذه القرعة تم بها اختيار عشرة من بطاركة الإسكندرية هما البطريرك رقم 3 ورقم 48 ورقم71 ورقم102 ورقم 105 ورقم 108 ورقم 116 ورقم 117,إذن هي تقليد قبطي منذ بداية الكنيسة المصرية وليست شأنا مستحدثا.
بقيت ملاحظة أخيرة فقد استمعت إلي المؤتمر الصحفي الذي عقده نيافة الأنبا سرابيون أسقف لوس أنجلوس وكان واضحا ودقيقا وموفقا في شرح كافة خطوات عملية انتخاب البطريرك , ولكن وقفت عند نقطة اختيار مجموعات من المهجر للمشاركة في الانتخابات ولكن يشترط قدومهم للقاهرة للتصويت, وهي نقطة تحتاج إلي مراجعة فمن الأسهل والمنطقي تكوين لجنة من خمسة من الآباء الكهنة المعروفين في المهجروخمسة من الأراخنة واثنين من الأباء الأساقفة في المهجر للإشراف علي التصويت في عدة مراكز في الخارج ولتكن نيويورك ولوس انجلوس ولندن وباريس, فليس من السهل حضور ممثلي المهجر للتصويت في القاهرة… فهل يمكن مراجعة هذه النقطة؟.
وفي النهاية علي الشعب القبطي كله أن يصلي ويتضرع إلي ربنا من إجل أن يعطيهم راعيا صالحا يرعاهم ويسوسهم ويسندهم روحيا في هذه الأيام الصعبة, فالصلاة هي أهم وسيلة واقوي وسيلة تحنن قلب الرب علينا.