يقصد بالنزاهة السياسية باتباع قواعد الشفافية والالتزام بالقانون والصدق في المعاملات السياسية, ليس كما ذهب قديما أمير الدهاء السياسي مكيافيللي في نصائحه للأمير (الحاكم) باتباع أي وسيلة لتثبيت حكمه بصرف النظر عن نزاهتها أو مدي اتساقها مع قواعد القيم والأخلاق.
في كل دول العالم المتقدم قواعد النزاهة السياسية مهمة. في اليابان نسمع عن وزير انتحر لأنه أخفق في عمله, وفي الولايات المتحدة واجه يوما الرئيس الأسبق بيل كلينتون عاصفة سياسية كادت تودي برئاسته لكذبه تحت القسم فيما عرف بقضية مونيكا لونيسكي, وكم من حالات لا حصر لها خرج فيها مسئول حكومي أو برلماني من الحياة السياسية لأنه ارتكب عملا مشينا في نظر الرأي العام.
الأسبوع الماضي اضطر نائب برلماني من حزب النور السلفي أن يستقيل من عضوية الحزب, ثم إعلانه الاستقالة من عضوية مجلس الشعب بعد ثبوت كذبه في ادعاء أنه تعرض لحادث اعتداء وسرقة, بينما كان يجري عملية تجميل في أنفه. هذا الأمر جديد علي المجتمع المصري الذي عرف في ظل الأنظمة السابقة حالة من البجاحة السياسية إذا صح التعبير, نواب مخدرات كانوا معروفين بالاسم, وآخرون تاجروا في الآثار والعملة, ولم نجد من يحاسبهم.
من حاسب النائب السلفي في واقعة الكذب هو حزبه أولا, ثم يأتي بعد ذلك البرلمان. هذه الممارسة, رغم الاختلاف العميق مع كثير من توجهات حزب النور, ينبغي أن نقف أمامها بجدية واحترام, لأن السياسة تحتاج دائما إلي مبادئ وممارسات, ومؤسسات سياسية تقوم علي تطبيقها ورعايتها, وسوابق توضع ليسير الناس عليها لا يحيدون عنها بمثابة مقياس لسلوكهم وتصرفاتهم.
قد يكون ما حدث خطوة علي طريق بناء النزاهة السياسية في المجتمع المدني التي ينبغي أن تطور ممارسات القوي السياسية والإعلام والمؤسسات العامة, وهناك مقاييس تطبق, ليس من بينها فقط مكافحة الفساد الظاهر, ولكن أيضا من بينها الحفاظ علي الأخلاق واحترام الذات وعدم الكذب.