في أغسطس 1979, وفي أحد مواقع حركة فتح بقرية دير فانون النهر بجنوب لبنان, تعرفت عليه وكنت بصحبة شهيدين, المقاتل الشيعي الشيوعي الذي استشهد برصاص حزب الله فيما بعد عفيف عز الدين, والشهيد الثاني القائد العسكري بلال قائد القطاع الأوسط للمقاومة الفلسطينية للجنوب, والذي استشهد في الاجتياح الإسرائيلي ..1982 فارسنا ناعم الشعر ذو نظارة طبية جربانديه وسماعة وكلاشينكوف, انفرجت أساريره حينما علم أنني مصري, ومن خلال ابتسامته الحانية ودفء أحضانه عرفت منه في لقاءات كثيرة عظمة هذا الجيل, جيل رؤوف نظمي (محجوب عمر), ذلك القبطي المسيحي, جيفارا المصري, الطبيب المقاتل.
ربما لا يعلم كثيرون من الشباب المصري أن هناك كوكبة من المصريين ساهمت في تأسيس (فتح), وفي مقدمتهم 3 صحفيين يساريين, مصطفي الحسيني, الذي رحل عن عالمنا منذ شهر تقريبا, وكنت قد كتبت مقالا بموقع اليوم السابع عن البطل الحسيني ودوره ليس فقط في تأسيس حركة فتح ولكن في إعادة هيكلة الحركة بعد الخروج من الأردن والتمركز في لبنان, وثانيهم القائد العسكري ومستشار ياسر عرفات فاروق القاضي الملقب بأحمد الأزهري.
البطل رؤوف نظمي, بعد خروجه من معتقلات عبدالناصر للشيوعيين, هاجر جيفارا المصري إلي الجزائر وحارب جنبا إلي جنب مع أبطال الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الاستيطاني الفرنسي, وبعد أن استقلت الجزائر لم يلق فارسنا بندقية المقاتل أو سماعة الطبيب, بل اتجه مباشرة إلي غور الأردن وتعرف علي القائد الفلسطيني خليل الوزير (أبو جهاد), وساهم في تأسيس حركة فتح خاصة القطاع الغربي المسئول عن العمليات الفدائية في الداخل, وحينما قام الملك الراحل حسين بطرد المقاومة الفلسطينية حمل رؤوف نظمي القضية ورحل نحو جنوب لبنان, وسيذكر التاريخ العديد من العمليات الفدائية التي أشرف عليها (محجوب عمر), وفي عام 1982, وبعد أن اجتاحت إسرائيل لبنان ورحلت المقاومة الفلسطينية إلي تونس ذهب فارسنا إلي هناك حتي 1987, حيث قاده الحنين للعودة إلي الوطن الأم مصر ليواصل نضاله ولكن من خلال مركز الأبحاث الذي خصصه للدفاع عن القضية الفلسطينية.
ليست مصادفة أن يرحل المقاتل المسيحي رؤوف نظمي في ذات الأسبوع الذي رحل فيه الضابط الاحتياط والمقاتل في حرب 1948 نظير جيد (البابا شنودة) وكلاهما دافع عن القضية الفلسطينية أكثر من الذين رفضوا الوقوف حدادا علي البابا من أبناء الفكر البلكيمي الذين لا يملون من الهجوم علي الأقباط المصريين!!