فقدت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والوطن القبطي المصري والأمة العربية والإنسانية جمعاء فارسا وقديسا وقائدا محنكا, هو قداسة البابا شنودة الثالث البطريرك المائة والسابع عشر علي كرسي مارمرقس, فقدت الكنيسة راهبا ومصلحا روحيا من طراز جديد, أحد آباء البرية وكوكبها, شاعر مزج بين البلاغة اللغوية والروحية, فارس عروبي حارب كضابط احتياط سنة 1948 من أجل تحرير فلسطين, وقضي ما تبقي من عمره مناضلا من أجل عروبة القدس وضد التطبيع مع إسرائيل, لم يوحد الكنيسة تحت جناحيه بحزم بل حولها إلي إمبراطورية روحية مترامية الأطراف من بحر الشمال وحتي سور الصين العظيم, حتي صارت وبحق كنيسة جامعة رسولية, مزج بين لاهوت الأرض والوطن ولاهوت الأرض والسماء.
رحل البطريرك الـ117 ومصر بلا دستور ولا رئيس.
ويعد قداسة البابا شنودة البابا العروبي الثاني بعد الأنبا بنيامين الذي استقبل عمرو بن العاص وهو البابا السادس بين الباباوات العلماء بعد الخمسة باباوات الذين اعتلوا سدة الكرسي الباباوي منذ زمن مدرسة الإسكندرية العظيم وقت كان الأعلم هو الأقدس أو الأقدس هو الأعلم, في زمن تمت فيه روحنة العلم وعلمنة القداسة وهو الثالث من حين المنفيين والذين تعرضوا للنفي دفاعا عن العقيدة والوطن بعد أثناسيوس الرسولي وكيرلس الخامس, وستظل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية العتيدة ذات الألفي عام صانعة اللاهوت والقانون واللوائح والتقاليد والروح.. وستظل سيدة قرارها وإرادتها.
قداسة البابا الراحل كما جمعت شمل الكنيسة في حياتك فلتتشفع في كنيستك وشعبك أمام عرش النعمة لتظل موحدة بعد رحيلك.